موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الخميس، ١٤ مايو / أيار ٢٠٢٠
"زيارة أونلاين" بديل لزوار المقامات الدينية في العراق جراء كورونا
مرقد الإمام علي بن أبي طالب في مدينة النجف المقدسة جنوب بغداد

مرقد الإمام علي بن أبي طالب في مدينة النجف المقدسة جنوب بغداد

أ ف ب :

 

يرفع ماهر الربيعي يداً نحو السماء ويتلو الأدعية، وفي اليد الأخرى هاتفه النقال، مؤدياً زيارة مرقد الإمام علي بن أبي طالب في مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة، بعدما باتت هذه الطريقة السبيل الوحيد لتأدية الشعائر جراء تفشي وباء كوفيد-19.

 

فبعدما كان الزوار يطوفون المقامات ويلمسون جدرانه لنيل البركات بحسب معتقدهم، باتوا اليوم بسبب فيروس كورونا السمتجد ، مرغمين على تأدية الزيارة افتراضياً، على غرار الربيعي الذي لا يبعد منزله إلا مئات الأمتار عن مرقد أول الأئمة المعصومين لدى الشيعة الإثني عشرية.

 

وسجل العراق أول أصابة بهذا المرض قبل حوالى ثلاثة أشهر، وكانت في مدينة النجف جنوب بغداد.

 

يردد الربيعي ذو الشاربين الأسودين الكثين، وهو يغطي وجهه بيديه "أزورك يا أمير المؤمنين"، مضيفاً إليها هذه المرة عبارة "عن بعد"، التي أوصى بها علماء الدين الشيعة عند القيام بالزيارة البديلة عن التواجد في المرقد.

 

يؤكد الشيخ علي العتابي، وهو إمام أحد المساجد القريبة من مرقد الإمام علي، لوكالة فرانس برس "في ظل الظروف الحالية، والحجر الصحي الذي تفرضه الحكومات في العالم، زيارة مراقد الأئمة مقبولة سواء كانت عن قرب أو بعد".

 

"حلم (...) من بعيد"

 

يبدو المشهد غير اعتيادي داخل المرقد الذي يكتظ عادة بالزوار، خصوصاً في الأيام الأواخر من شهر رمضان تزامنا مع مقتل علي بن أبي طالب. فقد اختفوا هذا العام مع حظر التجول ووقف الطيران ومنع دخول غير المقيمين إلى محافظة النجف.

 

في الشوارع التي كانت تعج بزوار عراقيين وخليجيين وإيرانيين وباكستانيين وأوروبيين، لم يعد يسمع سوى صوت العصافير في الشوارع المحيطة، التي تتخذ أعشاشاً لها من أغطية أكشاك الباعة المكسوة غبارا بعدما هجرت منذ أسابيع.

 

وأغلقت الفنادق والمطاعم في النجف ومدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة أيضاً أبوابها، وبات أصحابها عاطلين عن العمل، منذ نحو ستة أشهر أصلاً، أي قبل تفشي الوباء، جراء الاحتجاجات المطلبية، والأزمة الاقتصادية في إيران التي تعد البلد الرئيسي لزوار المراقد الشيعية في العراق.

 

ويعد ذلك ضربة لاقتصاد العراق، إذ تشكل السياحة الدينية 50 في المئة من إيرادات البلاد غير النفطية.

 

يتحسر نعمان السعدي الذي لم يستطع هذا العام وللمرة الأولى أداء مراسم الزيارة، بالقول "أحلم بزيارته لأننا الشيعة نزوره مساء كل يوم من أيام شهر رمضان، اليوم لا يمكنني رؤيته إلا من بعيد عبر هاتفي".

 

هاتف وتلفزيون

 

وبالإضافة الى البث المباشر عبر قنوات التلفزيون الشيعية على مدار الساعة، والتطبيقات التي تؤمن عرض صور الضريح، وفرت السلطات الدينية المسؤولة عن المراقد الشيعية رقم هاتف مجانيا لجميع العراقيين كي تتسنى لهم الزيارة.

 

ويستمع المتصل بالهاتف إلى عبارة مسجلة بصوت رجل يقول "السلام عليكم، أهلاً وسهلاً في زيارة الإمام علي"، ليمنح بعدها المتصل دقيقة تقريبا لأداء الشعيرة التي تردد عادة عند مدخل المرقد.

 

في غضون ذلك، تستمر كوادر مسؤولة عن تأمين ومواصلة خدمة الاتصال والانترنت أو عمل كاميرات متعددة في المرقد، في عملها في غرفة خوادم الاتصالات.

 

ويساعد هؤلاء على توفير فرص لكثير من المسلمين الشيعة، خصوصا خلال شهر رمضان، أداء واجباتهم ومستحباتهم الدينية دون التعرض لخطر فيروس كورونا، الذي أصاب نحو ثلاثة آلاف عراقي وأودى بحياة أكثر من 110 أشخاص، وفقاً لإحصاءات وزارة الصحة.

 

ويواصل المسؤولون عن هذه الزيارة الافتراضية، العمل بجهود كبيرة، إذ أن السلطات العراقية لا تنوي حالياً إعادة فتح أبواب المراقد الدينية، في سابقة لم تشهدها البلاد حتى في أيام الحروب الشرسة التي مرت على البلاد.