موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٧ ابريل / نيسان ٢٠١٤
روما تغني طوال الليل: لسا القداسة ممكنة
الفاتيكان - الأب رفعت بدر :

قبل تسعة أعوام، صرخت الجماهير الغفيرة المحتشدة حول نعش يوحنا بولس الثاني الكبير: سانتو سوبيتو... Santo Subito قديس على الفور.

وها هي بعد تسعة أعوام تبتهج لأنها حققت أمنيتها الغالية بإعلان قديس جديد، يعتبر واحداً من عمالقة تاريخ الكنيسة الذي تميزت حبريته بكثرة التطويبات والتقديسات التي قام بها، وكذلك بإنسانيته التي لم تنسه إياها أبهة البابوية...

في هذه الليلة النيسانية يتذكر العالم ليلة نيسان 2005 التي بكى الناس فيها دما على مر الرحيل... وها هم يعودون ليبكوا من الفرح، كيف لا وقد وصل شفيعهم إلى أرفع المراتب الكنسية: أي حينما يعلن قديساً.

ولعل من يعيش الحدث في روما هذه الليلة يعرف مقدار التاثر والجذب العالميين لابن بولندا البار الذي جعل حافلات وطائرات بلده تزحف حاملة ألوف الأشخاص الفخورين بمن رفع رأس بلاده وترفع اليوم بلادها رأسها شامخة معه على أعلى الهياكل.

وقد استمعنا هذا الصباح بمؤتمر صحفي إلى أحد أقارب البابا يوحنا الملقب بالطيب، وهو الدكتور د. ماركو رونكالي، جده شقيق القديس الجديد يوحنا الـ23، وهو رئيس مؤسسة تحمل اسم القديس. ثم إلى الدكتور ستنزلاف جريجيل Stanislaw Grygiel، أحد تلاميذ البابا يوحنا بولس الثاني في بولندا، وأحد معاونيه في روما منذ سنة انتخابه 1978. ويوم أمس كذلك تحدث معاونون كثر للقديسين، مما يدل على أنهما يأتيان ليس من زمان بعيد غابر، كما كنا نتصور القداسة، بل هما من طينة –وطيبة– إنسان اليوم الطامح إلى عيش القيم العليا، إلا أنه يتعثر في كثير من الأحيان ويتيه عن الدرب, ولكن تقديس اثنين من هذا العصر يمثل رسالة تشجيع إلى إنسان اليوم لكي يسعى، وفي المسعى الطيب سيجد تفاؤلا يقوده إلى حيث وصل يوحنا ويوحنا.

في هذه الليلة، صممت المدينة التاريخية روما ألا تخلد إلى النوم أبداً، وما زالت حافلات بولندا وغيرها تصل في ساعات متأخرة، تحمل فرق الترنيم الصاخبة التي تلهب الشوارع المؤدية إلى "ساحة التقديس". ومن يراقب كل هذه الحشود القادمة من بعيد، يدرك أن القداسة تسري وتجذب وتستفز وتحث وتعيد الإنسان إلى براءته الأصلية التي فقدها بفعل الخطيئة، إلا أن الإيمان والثقة بالرحمة الإلهية، في يوم الرحمة الالهية الذي أعلنه البابا يوحنا بولس الثاني، هو الذي يجعل المرء ينتفض على ما في قلبه من ضغائن وينفض عن قدميه غبار هزيمة ويمضي إلى الأفق الجديد لقداسته.

الفاتيكان مستعد... والبابا الحالي والسابق على أهبة الاستعداد للظهور معاً لأول مرة في قداس يترأسه البابا فرنسيس ويحضره البابا بندكتس لتقديس سلفيهما يوحنا ويوحنا. بمشاركة ألف أسقف من بينهم بطاركة الشرق وعدد كبير من الكهنة والشمامسة وجماهير غفيرة لن نستطيع أن نحشرها بمجرد أرقام. عدا عن مئات الكهنة الذين أعلن عن تخصيص كنائس لهم، ليشاهدوا عبر الشاشات حفل التقديس، ثم ينقلون المناولة المقدسة للحشود الجائعة لجسد الرب الرحيم والمحيي.

هنيئاً للعالم، هنيئاً للكنيسة، وهنيئا لإنسان القرنين العشرين والحادي والعشرين هذه الأمثلة الناصعة على أن القداسة قريبة وجميلة... وقبل ذلك... ممكنة.