موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٥ مايو / أيار ٢٠١٦
روضة راهبات الوردية المصدار ترسم لوحة وطنية بفوج الاستقلال
عمّان - أسامة طوباسي :

رسم أطفال روضة راهبات الوردية في دير اللاتين في المصدار، وسط عمّان، لوحات وطنية صادقة ومعبرة، في حفل تخريج فوج الخريجين، المتزامن مع عيد الاستقلال الـ70 للمملكة الأردنية الهاشمية والذكرى المئوية الأولى لإنطلاقة الثورة العربية الكبرى.

ورعى الاحتفال في قاعة المدرسة النائب عاطف قعوار، وشارك به كاهن الرعية الأب عدنان بدر والكاهن المساعد الأب ابراهيم نفاع، وعدد من الكهنة والراهبات وحشد كبير من أهالي الخريجين وأصدقاء المدرسة.

وبعروض مسرحية ورقصات هادفة، تسلسل الأطفال بسرد تاريخ المملكة، بداءً من الحسين بن علي والملك عبدالله الأول، إلى الملك طلال فالملك الحسين الباني، وصولاً إلى عهد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي أرسلت له المدرسة عبر إدراتها ومعلماتها وأطفالها أطيب التحية وبرقيات المحبة والاعتزاز. وأبدع الطلبة بأداء عدد من الدبكات والرقصات الوطنية، مرتدين اللباس الوطني والعسكري والمدني، إشارة إلى الإسهام بخدمة الوطن في كل ميادين العطاء.

وألقت مديرة المدرسة الأخت كارولين جميل بدر كلمة التخريج حيت فيها الحضور وشكرت رئيسة الدير الأخت ماري جان سلايطة التي "لم تتوان يوماً عن مد يد العون والمساندة، في سبيل النهوض برسالة الوردية الشماء"، عقبها دخول موكب الخريجين يرتدون أرواب التخريج، وسط تصفيق وفخر ودموع الفرح من ذويهم.

وفيما يلي كلمة الأخت كارولين بدر :

الأخوة الكهنة الأجلاء، الأخوات الراهبات الفاضلات، الأهل والأحبة، أيها الحفل الكريم؛

كيف لنا الترحيب بروح ترتقي نحو الأفضل، ثائرة لإحداث التغيير بكل حزم، لكنها في المقابل تتسم بمسحة من عاطفة تعشق الوطن حد الهيام به، قال صاحب هذه الروح في إحدى مقابلاته حين سئل عن أفضل الأماكن السياحية: "يعجبني الأردن من شماله إلى جنوبه، وأحب الصحراء لأن التنظيم فيها ليس عشوائياً فما زال هذا التنظيم هو الذي خلقه الله". هو يتيه إذن في جمال الصحراء بعيداً عن ثرثرة المدن وضجيجها، وفي روحه مسكن للأدب والشعر وشغف دؤوب للثقافة والانغماس في الموسيقى، قدوته في الحياة هم العصاميون.

سيدي سعادة النائب عاطف قعوار: إنه لنزداد شرفاً بقدومك اليوم بين أبنائك، وفي صرح يفتخر بكل مخلص من أبناء هذا الوطن العزيز كالوردية. أهلاً بك.

على صدر جيتار ثمة لحن يدندن بصوت الجوري. يسحر الروح ويطير بها بعيداً عن شظايا الألم المتناثرة في واقعنا الأليم، يحاكي الحلم الراسخ في القلوب منذ الأزل. تعزفها أنامل غضة لا تعرف من الدنيا سوى مرادفات السلام وأغنيات بريئة وأحلام وردية. إنهم أطفال الوردية، كيف لا يتسمون بذلك وهم أبناء صرح لم يزهر يوماً إلا سلاماً ودفئاً وعطاءً يتجدد كلما مرت السنوات، صرح كان ولم يزل يستقطب الجميع بغض النظر عن الدين أو العرق أو الأصل، فهنا في قلب الوردية تنصهر الاختلافات وتتوحد القلوب قلباً واحداً يدق بحب الوطن.

السادة الكرام، السادة الحضور، أولياء الأمور المحترمين؛

في هذا اليوم، يسطر في مذكرات الوردية أسماء جيل جديد يتيح لهم تفوقهم تخريجهم اليوم من الروضة الكبرى، رافعين رؤوسهم ومفتخرين، رغم حداثة سنهم، بانتمائهم إلى هذا الوطن العزيز تحت رعاية صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه، وحاملين في صدورهم شعاراً طبع بقبلة اعتزاز أن "ارفع رأسك أنت أردني" فتمثل الجيل قول جلالته وقبل أرض الوطن.

أما أنت ، يا رئيسة الدير الاخت ماري جان سلايطة، فلك كل الشكر والمحبة واصدق مشاعر الاخوة التي تجمعنا، فانت لم تتواني يوما عن مد يد العون والمساندة، في سبيل النهوض برسالة الوردية الشماء.

يأتي هذا الاحتفال متزامنا مع مناسبة وطنية عظيمة، تجسد حدثاً تاريخياً يشهد له كافة العرب، إنها وبكل فخر مئوية الثورة العربية الكبرى التي تتم في هذه السنة في العاشر من حزيران تحديداً، حيث أحرز فيها العرب النصر والاستقلالية وجل معاني الحرية بقيادة الشريف الهاشمي الحسين بن علي طيب الله ثراه، وسار من بعده ملوك ترك كل واحد منهم بصمته العظيمة على تراب مملكتنا الحبيبة. ولأن إنجازات الهاشميين كبيرة بقدرهم، فقد ارتأينا في هذا الحفل الكريم ومن خلال جيل جديد، أن نطرب بحكاية الوطن العزيز، ابتداءً من ثورتنا الكبرى مروراً بتأسيس نواة الجيش ووضع الدستور ونيل الاستقلال في عهد جلالة الملك عبد الله الأول بن الحسين، وتحط بنا الركاب في عهد جلالة الملك طلال بن الحسين تلك الحقبة القصيرة بزمنها الكبيرة بعطائها والذي ألزم التعليم وقضى على نسبة هائلة من الجهل، حتى عهد جلالة المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال والذي عرب قيادة الجيش، ليقطع أي أثر للانتداب، وبنى الأردن الحديث، ولن ننسى إنجازه العظيم في معركة الكرامة التي سطر فيها الجيش العربي نصراً جديداً، انتهاء إلى ما نحن عليه من تقدم وعلم وحضارة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين أدامه الله ذخراً وسنداً لنا، يسير على خطى أجداده الهاشميين في الرفعة والتطوير وحب الوطن والمواطن.

إن هذه الأحداث لم تكن إلا جزءاً مشرفاً من تاريخ هذه الأمة، لذا قدمناها للجيل الجديد كي يعلم كم من معاني الفخر والسمو تعادل كلمة أردني، لقد سطرنا كلمات عميقة وحفظها الأطفال عن ظهر قلب شاعرين بأهميتها، ومدركين لعمقها، لقد عاشوا تلك الأحداث، وتجسدوا داخل صفحات التاريخ، كأولئك الأبطال الذين قدموا تضحيات جمى في سبيل الوطن، غنوا بأرواحهم قبل شفاههم، وطارت بهم مرادفات الكبرياء بأنهم ينتمون إلى هذا الوطن العزيز، لقد عاشوا في حقب زمنية ليست لهم، لكنها توحدت فيهم واستشعروا بثقلها التاريخي، تشبثوا بكلام يكبر سنهم لكنهم أتقنوه عشقا لكل شبر في أردننا.

كم من النشوة والفرح أن يحاكي الجيل الجديد أجيالاً سبقته، ويتحد معهم في القوة والحدة والفخر والأصالة والأمان الذي يحظى بها أردننا الحبيب هي السبب الأساسي في حفظ الجيل وتمسكه بوطنه بعيداً عن الانفصال والتعددية المريضة التي لا تجد ولن تجد طريقا إلى أرضنا بإذن الله.

وإن هذا التألق لهؤلاء الأطفال، ما كان ليظهر لولا جهود معلمات دؤوبات كن دوما كأمهات لهم، و لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر والتقدير والامتنان لكل من شارك بإقامة هذا الحفل سواء بكلمة، أو تدريب، أو تصميم، أو إشراف. ونقول لهم: بوركت جهودكم المعطاء وعسى أن نبقى دوما في هذا الصرح الأصيل تحت رعاية وزارة رائدة كوزارة التربية والتعليم، هذه الوزارة التي ما انفكت تثابر وتطور وتقدم لأبنائها ثمرة التغيير نحو الأفضل.

حفظ الله أجيالنا وأبناءنا، وحمى الأردن العزيز من كل شر، وأدام الله عليه نعمة الأمن والأمان، وأطال الله في عمر جلالة الملك عبد الله الثاني ليبقى لنا الذخر والسند ونشكركم أعزائي الحضور كل الشكر وأجله لتشريفكم لنا هذا الاحتفال الذي لا نعرف له طعما دون وجودكم.

سيدي سعادة النائب عاطف قعوار: قيل لك يوماً لو كان معك باقة من ورد وأردت أن تهديها فلمن؟ قلت: أهديها للشخص الذي يجلس أمامي. "لقد أغرقنا بهذا الكم من التواضع اسمح لنا باقتباس هذه الجملة اليوم. لك منا كل الحب وجل التقدير والاحترام بين ثنايا هذا الورد الذي يحمل في رقيه سمة منكم.