موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١١ مارس / آذار ٢٠٢٠
رعية اللاتين في مدينة الناصرة: كنيسة حيّة تضم 2200 عائلة تقريبًا
بازيليك البشارة - الناصرة

بازيليك البشارة - الناصرة

حراسة الأراضي المقدسة :

 

"وصلت إلى الناصرة في شهر آب من عام 2019 وقد استقبلني جيدًا أبناء الرعية". تم تعيين الأب مروان دعدس، وأصله من القدس، كاهنًا جديدًا لرعية اللاتين في الناصرة، التي يشعر فيها دائمًا، بحسب قوله، بالراحة إذ كان منذ طفولته يأتي إليها في فصل الصيف لزيارة والدي أمه. وفي مدينة البشارة، حيث ظهر الملاك لمريم العذراء، وحيث تقف اليوم شامخة كنيسة البشارة، يصل عدد المؤمنين المنتمين لرعية اللاتين إلى 8500 شخص موزعين على 2200 عائلة تقريبًا.

 

وأوضح الأب مروان بأنها "رعية حيوية جدًا، ولا يبحث فيها الناس عن أي شيء مادي تعطيه إياهم الكنيسة. يهتم الناس كثيرًا بالحياة الليتورجية وعيش الأسرار، كما أنهم غالبًا ما يتطوعون للخدمة. هنالك قدر كبير من السخاء، لم أكن أتوقعه". وتُظهر معطيات المكتب الرعوي لعام 2019 أن هنالك 114 طفلاً وطفلة قد تقدموا من المناولة الأولى، و40 زواجًا، و127 عمادًا و84 متقدمًا من سر التثبيت.

 

ولو وضعنا هذه الأرقام جانبًا، فإن ما يفاجئنا أولاً هو عدد مجموعات الصلاة والتفكير والخدمة التي تشمل: المجلس الرعوي، ومجموعتي التعليم المسيحي يوم الجمعة اضافة إلى المجموعة التي يصطحب خلالها الأهالي أبنائهم: كالمجموعات الستة المدعوة بعائلات مريم، والتي تتكون كل واحدة فيها من 15 عائلة تجتمع لإحياء لقاءات روحية ونشاطات جماعية؛ إضافة إلى مجموعات الأخوية المريمية، "والكاتينيانز"، وهم مجموعة من الأشخاص الذين يخدمون الرعية ويصلون من أجل الدعوات الكهنوتية؛ وكذلك "نادي عائلة البشارة" الذي يضم 45 عائلة تجتمع لدراسة كلمة الله؛ والجوقتان اللتان تحييان الاحتفالات الليتورجية. أما لفئة الشباب، فهناك المجموعة الكشفية ومجموعات الشبيبة الفرنسيسكانية أيضًا: "الأرالديني" (Araldini) للصغار "والجيفرا" (GiFra) للشباب. أما النساء المتزوجات واللواتي وصلن إلى سنّ التقاعد، ولديهن أولاد كبار أو أحفاد، فإن عددهن يصل إلى حوالي 80 سيدة يجتمعن في يجتمعن في نادي النور. وككهنة في حراسة الأراضي المقدسة يعمل الآباء أيضًا على تأسيس الرهبنة الثالثة الفرنسيسكانية في الناصرة.

 

وأوضح الأب مروان قائلاً: "هنالك أمور كثيرة يمكن القيام بها هنا، ويتم تقسيم العمل بيني وبين الكاهن المساعد، الأب زاهر، وكاهن آخر. يتدفق المؤمنون بأعداد كبيرة أثناء القداس الذي يقام في مغارة البشارة مساء يوم السبت. على المسيحيين التأقلم مع ساعات العمل والدراسة في الجليل ولهذا يفضلون المجيء يوم السبت". إن يوم الراحة في اسرائيل هو يوم السبت، اما يوم الأحد فهو أول يوم عمل في الأسبوع.

 

يعيش الكهنة الثلاثة ضمن الجماعة الرهبانية في دير البشارة في الناصرة، والتي تتكون من عشرة رهبان يخدمون أيضًا المزار المقدس. ويعمل ضمن المكاتب الرعوية في الدير، السيد مارون اضافة إلى نجوا، المسؤولة عن وسائل الإتصال والعناية بموقع الرعية: www.bishara.org بالاضافة إلى حساب فيسبوك وتطبيق الرعية.

 

وتابع كاهن الرعية حديثه: "إن الجميع يشعر بالتعبد لمريم في الناصرة، لكن البعض يسعون ورائها في فاطميا ولورد وأحيانًا دون أن يتذكروا بأن العذراء قبل ألفي عام من الزمان قد عاشت هنا، قبل سائر الأماكن الأخرى التي ظهرت فيها لاحقًا". ويظهر هذا التعبد الكبير لمريم أيضًا من خلال أخوية عائلات مريم، التي تهدف إلى تنشئة العائلات على النمو في الايمان العائلي. وهكذا، فإن الأمر لا يقتصر فقط على مشاركة الوالدين، بل أيضاً الأولاد خلال هذه اللقاءات التي تقام مرة واحدة بالشهر في بيوت العائلات.

 

يقوم الأب مروان قدر المستطاع بمتابعة عمل كافة هذه الفعاليات، لأنه يشعر بأن دعوته هي هذه: الوعظ بين الناس، مع الشباب والعائلات. عمل الأب مروان خلال السنوات الخمسة عشر الماضية بشكل خاص مع الشباب في بيت الطفل في مدينة بيت لحم وكمدير لكلية ترسنطا هناك أيضًا. ويؤكد قائلاً: "ألاحظ بأن الحاجات الروحية لدى شباب الضفة والجليل متشابهة، وإن كان للشباب أسماء مختلفة. لكن للشباب في الناصرة مشاكل اقتصادية أقل وهذا يزيدهم هدوءًا. يشعرون بالأمان لأن لديهم تأمين صحي وعمل، وهم يعلمون بأنهم سيتمتعون يومًا بالتقاعد، كما أن لديهم أهل يعملون. نجد أن الكثير منهم يعملون في الوقت الحرّ ولمدة سنة أو اثنتين، بعد انهاء المدرسة على الفور، لدراسة أوضاع سوق العمل واختيار مستقبلهم بهدوء. لكن الحاجات الروحية تبقى متشابهة بالنسبة لكافة الشباب: إنهم يبحثون عن كلمة الله، ويبحثون عن معنى لحياتهم وعن فهم كيفية عيش تعاليم الكتاب المقدس اليوم في حياتهم".

 

ويعتقد الأب مروان أن كافة الشباب، يمرون في مرحلة معينة من العمر بخبرة الابتعاد عن الكنيسة، ولكن هذا لا ينتقص من أهمية الاستمرار في التحدث اليهم رغم المسافة التي تنشىء عن ذلك. وقد أوضح قائلاً: "لذلك قمنا بتكثيف حضورنا على شبكة الانترنت كما ونرغب في عمل المزيد بهدف تطوير تطبيقنا على الهاتف النقال. قام أحد أبناء الرعية بتطوير هذا التطبيق قبل أربع سنوات وقد قمنا الآن بتوظيف أحدهم للإهتمام به خصيصًا. يدعى التطبيق باللغة العربية "رعية اللاتين الناصرة" ويمكن لمن يهمه الأمر أن يجد فيه مواعيدًا ومعلومات. يساعدنا ذلك في الوصول بطريقة أسهل إلى البعيدين عن الكنيسة". للحوار مع الشباب، يستوحي الأب مروان من الكتاب المقدس مواضيع تشكل مراكز اهتمام مختلفة (الشباب والأهل والعائلة والموت والألم والمرض)، وهو أمر يساعد عل تنشئتهم جيداً. وفي الختام، استنتج الأب مروان قائلاً: "يبقى الشيء الأهم هو أن يتعلم الشباب ما ادعوه ’بالمعيار الكاثوليكي‘، كي لا يحاول الإنسان أن يجد في كلمة الله تبريرًا لأفعاله الشخصية. إذ أن ما يقع على عاتقنا هو أن نتأقلم نحن مع كلمة الله، لا العكس".