موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١ مارس / آذار ٢٠١٤
رعية اللاتين في مادبا تحتفل بمرور مائة عام على تدشينها
أبونا ، تصوير: سورين خودنيان :

تحت رعاية البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك القدس للاتين، أقيم في كنيسة قطع رأس يوحنا المعمدان للاتين في مادبا، مساء 28 شباط، أمسية ترانيم احتفالية لمناسبة مرور مائة عام على تدشينها، تحت شعار "100 عام من الزمان على خطى المعمدان".

وأحيت الاحتفالية المرنمة اللبنانية جومانا مدّور، بحضور المطران مارون لحّام، النائب البطريركي للاتين في الأردن، ومن لبنان المطران حنا علوان، نائب البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، والآباء وسام منصور، كاهن الرعية، والأب عيسى شوملي، الكاهن المساعد، ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات، وحشد من أبناء الرعية، ومن أبناء الشبيبة من مختلف أنحاء المملكة.

وفي كلمته الترحيبية، قال الأب منصور إن "احتفال اليوم ليس بنشأة الإيمان، فهو قديم قدم البشارة المسيحية، ومن عهد المعمدان، بل قبل ذلك مع موسى كليم الله".

وأضاف كاهن الرعية أنه "بذلت جهود كبيرة ومضيئة على مدار مائة عام، والشجرة الطيبة تثمر طيباً، لذلك نرى هذه الكنيسة قد أنتجت العديد من الثمار الروحية أولاً، وهذا هو الهدف الأساسي لهذه المؤسسة الدينية التي تعتبر بدورها من الثمار الطيبة للبطريركية اللاتينية"، شاكراً كل من أسهم على مدار مائة عام في نمو وازدهار الكنيسة.

وقال الأب منصور: "إن الإسهام الحضاري لهذه الكنيسة هو عنوان لإسهام المسيحيين العرب في خدمة كنائسهم، ولكن وقبل ذلك في خدمة وطنهم الأردن العزيز. فتحية لكل الكهنة والرهبان والراهبات الذين خدموا هذه الكنيسة بإخلاص وتفانٍ".

وخلال الاحتفال قدّم الأب عماد الطوال، وهو واحد من الكهنة الذين قدمتهم الرعية في خدمة كنيسة الأرض المقدسة، شهادة حياة قال فيها: "في هذه الرعية نشأت وترعرعت وحظيت بمحبة الله ورعايته، فتعمّق انتمائي رعوياً كفرد من أفراد الرعية، وتربوياً كطالب في مدرستها العريقة، وقيادياً اجتماعياً من خلال شبيبتها وكشفيتها".

وأضاف الأب الطوال "الكنيسة علمتني حب الخدمة، حب العطاء، تقدير الواجب، والقدرة على التضحية. كما علمتني أن الانتماء سلوك وعمل بلا حدود. تعلمت فيها المحبة وعرفت السيد المسيح، أمس واليوم وإلى الأبد". كما قدم شكره لكنيسة مادبا قائلاً "أشكركِ على هذا الخبز، الذي لولاه لما وصلت إلى هنا في مثل هذا اليوم، ففي كل نظرة للماضي أفتخر، وبكل خطوة نحو المستقبل أزداد أملاً وإصراراً، والفضل كل الفضل لكنيستي المحبوبة ولكم رعيتي".

وفي كلمة وجهها راعي الاحتفال، قال البطريرك فؤاد الطوال: "نحن الآن نكرس صلاتنا لمئوية الكنيسة في مادبا، لأن مرور مائة عام تميزت بالإيمان والعطاء والتقدم بالعلم، وهو سبب كافٍ لكي نحتفل ونشكر الله، لأنه دليل على المحبة لكنيستنا والأخوة القائمة بين أهل البلد، والانتماء للوطن، والاعتراف بالعمل الدؤوب من قبل فعاليات الكنيسة بأكملها".

وأضاف بطريرك القدس للاتين، بعد تطرقه إلى دور العديد من كهنة الرعية خلال المائة عام الماضية من تاريخها: "ليس المهم الفسيفساء الحجر، وإنما فسيفساء البشر. ففي هذه الكنيسة ذكرى لكل واحد منا، المعمودية والأسرار المقدسة، الزواج وفرحته، الموتى مع الحزن والبكاء".

وقال البطريرك الطوال: "من هذه الرعية تخرّج المبدعون والناجحون في حياتهم. غزوا ونجحوا في مجال الاقتصاد والسياسة، في أردننا الحبيب وفي المهجر. كما أعطت مادبا السخية بعطائها وحبها للكنيسة، مربين وأساقفة وكهنة ورهباناً وراهبات، صلوا في أجل المؤمنين، وشاركوا في بناء الكنيسة وبناء مادبا. ومهما عانت هذه الرعية من صعوبات وعراقيل وأزمات وتوترات، إلا أن المئوية تدعونا إلى أن نثق بربنا ونعمته، وبمستقبل أفضل، فالله يعمل من خلال بشر خطأة وضعفاء".

وختم البطريرك فؤاد الطوال كلمته بدعوة أبناء الرعية إلى المحافظة على تراثهم، بقوله: "نصيحتي لكم، حافظوا على هذا التراث والتقليد والعادات الجيدة. حافظوا على إيمانكم وانتمائكم. حافظوا على أرضكم ورعيتكم وشبابكم".

وتخلل الاحتفال العديد من الترانيم، رفعت خلالها المرنمة مدّور الشكر لله على كل نعمه وعطاياه، رافعةً الصوت عالياً من أجل المحبة والسلام والكرامة الإنسانية، من ألحان الأستاذ جوزيف خليفة، بمرافقة العازف مارك أبو نعوم. وكان الختام بتقديم وإطلاق كتاب يسرد تاريخ مدينة مادبا مدة مائة عام، والذي نقله إلى اللغة العربية الأب يعقوب رفيدي، وكذلك بمباركة البطريرك الطوال حجر المئوية، والذي خط فيه أبرز أحداث الكنيسة خلال المائة عام المنصرمة.

يذكر أن كنيسة ومزار قطع رأس يوحنا المعمدان للاتين في مادبا كانت قد حصلت على فرمان البناء من السلطات العثمانية عام 1903، ودشنت في 21 كانون الأول عام 1913، وأقيم القداس الأول عشية عيد الميلاد من العام ذاته. فيما اعتبرها الكرسي الرسولي مزاراً ليوحنا المعمدان بدءاً من العام 1967. وتم الاحتفال الليتورجي بمئوية تدشينها في 24 كانون الأول عام 2013.