موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٣١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠
رسامة الخورأسقف فراس دردر مطرانًا نائبًا بطريركيًا على البصرة والخليج للسريان الكاثوليك
أحرّ التهاني للمطران الجديد أثناسيوس فراس دردر، مع الدعاء له بخدمة صالحة لما فيه خير الكنيسة السريانية، وأبرشيته الجديدة في البصرة والخليج العربي.

بطريركية السريان الكاثوليك :

 

احتفل بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي إغناطيوس يوسف الثالث يونان، يوم الجمعة 30 تشرين الأوّل اكتوبر 2020، بالقداس الإلهي على مذبح كاتدرائية سيّدة النجاة "أمّ الشهداء"، في العاصمة العراقيّة بغداد، وخلاله قام برسامة الخورأسقف فراس منذر دردر مطرانًا نائبًا بطريركيًا على البصرة والخليج العربي، باسم "أثناسيوس فراس دردر".

 

ولفت البطريرك يونان في عظة القداس والرسامة إلى أنّنا "نلتقي في كاتدرائية ’سيّدة النجاة‘ الشاهدة لإنجيل المحبّة والسلام، والشهيدة من أجل الرب يسوع فادينا، في عشية الذكرى العاشرة لشهدائنا الأبرار، الذين أطلقتْ الأبرشيةُ بهمّة راعيها الجليل مار أفرام يوسف، دعوى تطويبهم في المجمع الروماني الخاص بالقديسين"، مؤكّدًا على أنّ "قلوبنا عامرة بالرجاء والمسامحة والغفران، دون أن ننسى هولَ تلك المجزرة، لأنّنا شعب الرجاء، على مثال آبائنا وأجدادنا الذين نقلوا إلينا الإيمان. جئنا لنعبّر عن قِيَم التآخي والسلام، متشبّثين بجذورنا في العراق الحبيب، مهما عصفت زوابع الكراهية والإجرام".

 

وتناول أهمّية التلمذة للرب يسوع كونها مسؤولية تعني التزامًا مجبولاً بالتضحيات والمعاناة: مَن أراد أن يتبعني، فليحمِل صليبه ويتبعني، فهي عينها التي التزم بها اليوم الأسقف الجديد. وقال: "لقد عرفناه حيثما انتدبناه للخدمة، إن في لبنان أو هولندا أو في المملكة الأردنية، كاهنًا متفانيًا، متحلّيًا بالتواضع والصمت، وناجحًا في مبادراته الروحية والرعوية. وعلى طلبنا، لم يتردّد بل توجّه وتعرّف واختبر نوعية التحدّيات والصعوبات والأخطار المحتملة في النيابة البطريركية التي دُعي لخدمتِها. وهذا يُشيرُ إلى الشعار الذي اتّخذه، وهو وصية داود لابنه سليمان، أن: تشدّد وتشجّع واعمل... لأنّ الرب الإله إلهي معك".

 

وذكّر الأسقف الجديد أن ينهج "على خطى مار أثناسيوس، المنارة بين آباء كنيسة القرن الرابع، فلا يرضخ لنظرياتٍ وممارساتٍ تسوّقها اليوم منظّماتٌ وحركاتٌ مشبوهةٌ، إن من خارج الكنيسة وإن من داخلها. وهي اجتهاداتٌ وسلوكياتٌ تناقض أخلاقيتنا المسيحية، بحجّة أنّ على الإيمان أن يرافق التطوّر الحاصل في البلاد الغربية"، مؤكّدًا أنه "على الأسقف الجديد أن يدافع عن الحياة الإنسانية من الحبل وحتى الممات، وأن يتمسّك بقدسية سرّ الزواج كأساسٍ للعائلة، "الكنيسة البيتية"، النابعة من ميثاق الحبّ الزوجي بين الرجل والمرأة، وثمرتُه إنجاب الأولاد، الذين هم عطية الله الخالق. فالطفل ليس سلعةً تُباعُ وتُشترَى، أو ألعوبةً بيد بالغين يبحثون عن لذّاتهم الأنانية. من حقّ كلّ طفلٍ أن ينشأ في عائلةٍ قوامها أبٌ وأمّ!".

 

كما تطرّق إلى صفات الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف، متناولاً صورة الأسقف الحقيقي، حاثًا الأسقف الجديد أن يكون على مثال يسوع الراعي الصالح، "فيتعرّف على رعيته بأسمائها، ويدعوها لمرافقته على طريق القداسة، ويظلّ يحنو عليها ويحميها من اللصوص الأشرار الذين لا ضميرَ لهم، ويعمل على جمعها بروح الوحدة، باذلاً نفسه من أجلها، بالمحبّة والوداعة". ودعا الأسقف الجديد "كي يكون الممثّل الصالح لكنيسة السريان الكاثوليك، وذلك "بانفتاحه الإيجابي على الجميع، على اختلاف معتقداتهم وآرائهم وثقافاتهم، مستنيرًا دومًا بأنوار الروح القدس، من حكمة وفهم ومشورة".

 

الرسامة الأسقفيّة

 

وقبل المناولة، ذهب العرّابان المطران يوسف عبّا، رئيس أساقفة بغداد، والمطران بطرس موشي، رئيس أساقفة الموصل، إلى وراء المذبح حيث يعتكف المطران المنتخَب منذ بداية القداس، وهو مغطّى الرأس بخمارٍ أبيض، وأحضراه إلى وسط الخورس، ليسأله البطريرك أن يقرأ صيغة إيمانه. عندئذٍ قرأها، ثمّ وقّعها وسلّمها إلى غبطته، الذي بدأ برتبة الرسامة بصلاة البدء والأناشيد السريانية الخاصّة.

 

ثمّ كلّف البطريرك يونان مطرانًا لإعلان الكرازة، وتلا غبطته صلاة وضع اليد واستدعاء الروح القدس، إذ صعد إلى المذبح وبسط يديه على الأسرار المقدّسة مرفرفًا فوقها، ثمّ وضع يده اليمنى على رأس المنتخَب، وغطّاه ببدلته الحبرية، فيما حمل المطرانان المعاونان كتاب الإنجيل مفتوحًا فوق رأس المنتخَب.

 

ومنحه البطريرك اسم "أثناسيوس فراس" تيمّنًا بالقديس أثناسيوس الإسكندري، ووضع غبطته على رأس المرتسم المصنفة، وألبسه الغفّارة والبطرشيل الكبير، وسلّمه صليب اليد، وألبسه التاج. وبعدها أجلس غبطتُه المطران الجديد على كرسي، فحمله كهنة رافعينه ثلاث مرّات، وفي كلّ مرّة يعلن غبطته: "أكسيوس" أي مستحقّ، ويجيبه الإكليروس والشعب: "إنه أهلٌ لذلك ومستحقّ"، وسط تصفيق الحضور وأهازيج الفرح والسرور. وقرأ المطران الجديد إنجيل الراعي الصالح.

 

ثمّ، وبحركة ليتورجية رائعة يتميّز بها الطقس السرياني، أمسك غبطته العكّاز من الأعلى، ووضع كلٌّ من أصحاب السيادة المطارنة آباء السينودس المقدّس يده تحت يد غبطته بالتدرّج بحسب أقدمية الرسامة الأسقفية لكلٍّ منهم، ووضع المطران الجديد بدوره يده تحت أياديهم. ثمّ رفع كلٌّ من غبطته والمطارنة يده عن العكّاز، فبقي العكّاز في يد المطران الجديد الذي بارك به المؤمنين.

 

كلمة المطران الجديد

 

وبعد المناولة، أكمل المطران الجديد القداس الإلهي، وألقى كلمة شكر بالمناسبة، أعلن فيها شعاره الأسقفي "تشدّدْ وتشجّعْ واعملْ... لأنّ الرب الإله إلهي معك" (أخبار الأيّام الأول 28: 20)، وشكر العزّة الإلهية، وقداسة البابا فرنسيس، وغبطة البطريرك، والأساقفة، والكهنة، وأهله وذويه وأصدقاءه، وجميع الذين عمل معهم في خدمته الكهنوتية، والحضور جميعًا، وأبناء أبرشية النيابة البطريركية في البصرة والخليج العربي، طالبًا منهم أن يصلّوا من أجله كي يوفّقه الرب في خدمته الجديدة.

 

وكان المطران يوسف عبّا قد ألقى كلمة رحّب فيها بالبطريرك، معربًا عن اعتزازه بغبطته وبمآثره على مدى سِني خدمته البطريركية الحافلة بالإنجازات، معربًا عن مشاعر العرفان والامتنان لغبطته أصالة عن نفسه ونيابة عن أبناء الكنيسة في كلّ مكان، وبخاصّة في العراق، مثمّنًا ما قام به غبطته من رعاية أبوية منقطعة النظير، مكبرًا بالخطوة الرائدة لغبطته وآباء السينودس باستحداث أبرشية النيابة البطريركية في البصرة والخليج العربي والتي تأتي بعد استحداث أبرشية حدياب، لتصبح الأبرشيات السريانية في العراق أربع.

 

وتلا السفير البابوي في العراق المطران المطران ميتيا ليسكوفار، الرسالة التي وجّهها بالإيطالية الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان، وفيها هنّأ المطران الجديد، معربًا عن مشاعر المحبّة والقرب الروحي والاتّحاد بالصلاة مع سيادته وأبناء الكنيسة السريانية في البصرة والخليج. ثمّ تلا الأب حبيب مراد الترجمة العربية للرسالة. وبعد البركة الختامية، تقبّل المطران الجديد التهاني من الحضور، في جوّ عابقٍ بالفرح الروحي والشكر للربّ الذي وهب كنيسته مطرانًا شابًا ممتلئًا بالعطاء لخدمة الكنيسة.