موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم
نشر السبت، ٥ يناير / كانون الثاني ٢٠١٣
رسالة البابا بندكتس السادس عشر بمناسبة اليوم العالمي للشباب في ريو 2013

الفاتيكان - إذاعة الفاتيكان :

بمناسبة اليوم العالمي للشباب المرتقب بمدينة ريو دي جانيرو وجه البابا بندكتس السادس عشر رسالة للشباب جدد فيها دعوته لهم للمشاركة في هذا اللقاء المهم، وقال أدعوكم للتحضير لليوم العالمي للشباب من خلال التأمل حول موضوع هذا اللقاء:"اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (متى 28، 19) الدعوة الإرسالية الكبيرة التي وجهها يسوع للكنيسة بأسرها، والتي تبقى آنية اليوم أيضا، وعلى صدى هذه الوصية أن يتردد اليوم بقوة في قلوبكم.

تابع البابا يقول يظهر لنا التاريخ كم من الشباب، ومن خلال عطية ذواتهم السخية، ساهموا بشكل كبير في إحلال ملكوت الله وفي نمو هذا العالم بإعلانهم للإنجيل. بحماس كبير حملوا البشرى السارة لحب الله، الذي ظهر لنا بالمسيح بإمكانيات ووسائل أقل من التي نملكها اليوم. وأضاف أن عددا كبيرا من الشباب اليوم يشكّون بأن الحياة خير ولا يرَون الوضوح في مسيرتهم. ليضئ نور الإيمان هذه الظلمة، ويفهمنا أن كل وجود يحمل قيمة لا تُقدّر، لأنه ثمرة حب الله. فهو يحب أيضا من ابتعد عنه أو نسيه: هو صبور وينتظر، بل أعطى ابنه، الذي مات وقام ليحررنا جذريا من الشر. والمسيح أرسل تلاميذه ليحملوا لجميع الشعوب هذا الإعلان الفرح للخلاص وللحياة الجديدة. والكنيسة تتابع رسالة التبشير هذه، وتعتمد عليكم أيضا. أعزائي الشباب أنتم المبشرون الأوائل بين أترابكم.

كتب الطوباوي يوحنا بولس الثاني: "يتقوى الإيمان عندما نعطيه" (رسالة الفادي، 2) فبإعلانكم للإنجيل تنمون في الثبات في المسيح على الدوام وبشكل أعمق لتصبحوا مسيحيين بالغين. إن الالتزام الإرسالي بعدٌ أساسي للإيمان، وإعلان الإنجيل لا يمكن أن يكون إلا نتيجة لفرح لقاء المسيح.

أضاف البابا بندكتس السادس عشر متسائلا: "ما معنى أن نكون مرسلين؟" يعني قبل كل شيء أن نكون تلاميذ المسيح، ونسمع من جديد وعلى الدوام دعوة اتباعه، دعوة النظر إليه:"تتلمذوا لي، فإني وديع ومتواضع القلب" (متى 11، 29). أنصحكم بتذكر النعم التي نلتموها من الله لتنقلوها بدوركم، تعلموا قراءة حياتكم الشخصية، مدركين أيضا عظمة إرث الأجيال الغابرة. أن تكونوا مرسلين يتطلب معرفة هذا التراث الذي نلتموه وهو إيمان الكنيسة: من الأهمية بمكان أن نعرف ما نؤمن به لنتمكن من إعلانه.

تابع البابا يقول لقد أرسل يسوع تلاميذه بهذه الوصية: "اذهبوا في العالم كله، وأعلنوا البشارة إلى الخلق أجمعين. فمن آمن واعتمد يخلُص" (مر 16، 15- 16). فالبشارة هي حمل بشرى الخلاص السارة وهذه البشرى هي شخص يسوع المسيح. إن البشارة تنطلق من اللقاء بالرب يسوع: من اقترب منه واختبر حبه يريد فورا أن يشارك جمال هذا اللقاء والفرح الذي يولد من هذه الصداقة.

أضاف البابا أنه بواسطة المعمودية، التي تلدنا لحياة جديدة، يسكن الروح القدس فينا ويلهب عقلنا وقلبنا: فهو الذي يقودنا للدخول في صداقة أكثر عمقا مع المسيح. هو روح الحب إذا، الذي يحي الرسالة: يدفعنا للخروج من ذواتنا "للذهاب" والتبشير. أعزائي الشباب اسمحوا لقوة روح محبة الله أن تقودكم، دعوا هذا الحب ينتصر على نزعة الانغلاق في عالمكم، تشجعوا للخروج من ذواتكم "للذهاب" نحو الآخرين لتقودوهم نحو اللقاء بالله.

إن المسيح القائم من الموت أرسل تلاميذه ليشهدوا لحضوره المخلص أمام كل الشعوب، لأن الله بحبه الفياض يريد أن يخلص الجميع وألا يهلك أحد. أصدقائي الأعزاء، تابع البابا يقول، انظروا من حولكم: كثيرون هم الشباب الذين فقدوا معنى وجودهم. اذهبوا! المسيح بحاجة لكم أيضا. دعوا حبه يغمركم وكونوا أدوات لهذا الحب الكبير ليصل إلى الجميع وخاصة "للبعيدين". لنفتح أبواب قلوبنا للجميع ولنتحاور ببساطة واحترام.

أضاف البابا: أود أن أركز على مجالين في عيش التزامكم الإرسالي، الأول هو مجال الاتصالات الاجتماعية وخاصة في عالم الانترنت والثاني هو عالم التنقل: يزداد اليوم عدد الشباب الذين يسافرون للدراسة، للعمل أو للترفيه، ويمكن لهذه الظواهر أيضا أن تصبح مناسبة لنشر الإنجيل. أعزائي الشباب، لا تخافوا من أن تشهدوا لإيمانكم حتى في ظروف كهذه: إنها لعطية عظيمة لمن تلتقون بهم أن تنقلوا إليهم فرح اللقاء بالمسيح.

أعتقد أنكم قد اختبرتم مرارا صعوبة إشراك أترابكم في خبرة الإيمان. قبل كل شيء إن قربكم وشهادتكم المتواضعة سيشكلان القناة التي من خلالها سيلامس الله قلوبهم. على مثال السامري الصالح، يجب أن نكون دائما متنبهين لمن نلتقي بهم، نعرف كيف نصغي لهم، نفهمهم ونساعدهم لنقود من يبحث عن الحقيقة ومعنى الحياة إلى بيت الله أي الكنيسة حيث الرجاء والخلاص.

أمام صعوبات الرسالة، قد ترددون ما قاله النبي ارميا: "آه أيها السيد الرب، هاءنذا لا أعرف أن أتكلم لأني ولد" لكن الله سيجيبكم أيضا: "لا تقل "إني ولد" فإنك لكل ما أرسلك له تذهب" (ار 1، 6- 7). عندما تشعرون بعجزكم وضعفكم في إعلان الإيمان والشهادة له، لا تخافوا. فالبشارة ليست مبادرتنا ولا تعتمد على مواهبنا، إنما هي جواب واثق ومطيع لدعوة الله ولذا فهي لا ترتكز على قوتنا بل على قوته.

لذلك، تابع البابا يقول، أدعوكم لتثبتوا في الصلاة والأسرار. وإذا اتبعتم هذا الدرب، سيمنحكم المسيح بذاته القدرة لتكونوا أمينين لكلمته ولتشهدوا له بشجاعة وإخلاص. أشجعكم على الثبات في الإيمان واثقين أن المسيح هو بقربكم في كل تجربة، ويردد لكم: "طوبى لكم إذا شتموكم واضطهدوكم وافتروا عليكم كل كذب من أجلي، افرحوا وابتهجوا إن أجركم في السماوات عظيم" (مت 5، 11- 12).

أعزائي الشباب، كي تثبتوا في إعلان إيمانكم المسيحي حيث ترسلون، أنتم بحاجة للكنيسة، إذ لا يمكن لأحد أن يشهد للإنجيل لوحده. نحن نقدم شهادتنا دائما كأعضاء في الجماعة المسيحية، وتتخصب رسالتنا من الشراكة التي نعيشها في الكنيسة: فمن الوحدة والحب بين بعضنا البعض يعرفون أننا تلاميذ المسيح.

في الختام، تابع الأب الأقدس يقول أريد أن أدعوكم لتصغوا في أعماقكم لدعوة يسوع لكم لإعلان إنجيله. كونوا قلب يسوع وذراعيه! اذهبوا واشهدوا لحبه، كونوا المرسلين الجدد الذين يحركهم الحب!

الكنيسة تثق بكم، وتشكركم جداً على الفرح والحيوية اللذين تحملونهما: وظفوا مواهبكم بسخاء في خدمة بشارة الإنجيل! إن الروح القدس يُعطى للذين، وبقلب متواضع، يعلنون جهوزيتهم لهذه البشارة، ولا تخافوا: فيسوع مخلص العالم، هو معنا طوال الأيام إلى نهاية العالم (مت 28، 20).

كونوا أنتم المرسلين الأوائل! وإذ يعود اليوم العالمي للشباب إلى أميركا اللاتينية، أدعو جميع شباب القارة: أنقلوا لأترابكم في العالم كله حماس إيمانكم! لترافق العذراء مريم، نجمة البشارة الجديدة، سيّدة أباريسيدا وسيدة غوادالوبيه، كل واحد منكم في رسالته كشاهد لمحبة الله.