موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر السبت، ٢٢ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
ربيحات يكتب: سليمان المشيني.. ما نطيق البعد عنك

د. صبري ربيحات :

في تاريخ الاغاني الوطنية كانت الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي مرحلة تميزت بجزالة المعاني وصدق الكلمات وقدرتها على التعبير عن مشاعر الشعب وهم يلتفون حول الراية ويدافعون عن الحمى ..

في تلك الايام كانت القصائد التي صاغها سليمان المشيني أحد أهم اركان البناء المعنوي للجنود والطلاب والأمهات والحصادين فقد كنا نردد كلمات "فدوى لعيونك يا أردن.. ما نهاب الموت حنا.. يا وطن غالي علينا.. ما نطيق البعد عنأ" بحب وزهو لا مثيل لهما. هذه القصيدة التي اضفت عليها بحة الصوت وايماءات الفنانة الجميلة سميرة توفيق الكثير من الحماس جعلتنا نتوحد مع اللحن والكلمات ايما توحد ونهيم ونحن نردد لحنها دون تحضير وبلا مناسبة.

ذكرى الأيام الجميلة التي عشناها ونحن نعرف عدونا ونتكاتف على هزيمته وكف شروره تعود لنا اليوم ونحن نودع أحد فرسان الكلمة وصناع الوجدان..

في تلك الايام كان الدفاع عن الوجود همَّنا الأول وكان الفداء قيمة سامية نتسابق جميعاً على شرف نيله. في ذلك الزمن كان صلاح ابو زيد ومحمد الخطيب وتركي نصار وجبر حجات وطارق مصاروة والعشرات من الشباب الذين احترفوا صناعة ونقل الخطاب الاعلامي الهادف يكملون المسيرة ويتناوبون كالجنود على ادامة معنوياتنا بمسؤولية عز مثيلها.

اليوم يرحل فارس الكلمة الجميلة عن مسبرة عطاء لم يتوقف خلال رحلة زادت على تسعة عقود فقد عاصر نشأة الاذاعة الاردنية وكان احد اصواتها وصنًاع خطابها الاعلامي والمدراء الذين تعاقبوا عليها . في منتصف ثمانينيات القرن الماضي توقف المشيني عن العمل الاذاعي لكنه بقي يمارس فن الكتابة الشعرية والقصصية والمسرحية ويعطي دروسا للاصدقاء والمعاصرين في كيف يمسك احدنا على حب الوطن مهما كانت الظروف وايا كان القائمون على تسيير اموره.

هوية الوطن اكثر من برنامج او شعار وحكاية بل هي مزيج من اللغة والمعتقدات و الجغرافيا والتاريخ والثقافة والاقتصاد والسياسة والتراث والاهداف والرسالة التي تنشأ وتتطور عبر مسيرة الامة وتفاعلاتها مع العالم.

اليوم رحل أحد أهم الرجال الذين كرّسوا حياتهم ومسيرتهم لصياغة الوجدان وبناء الروح الوطنية بالكلمة والقصيدة بعد ان علمنا كيف نعبر عن وطنيتنا ومواطنتنا.