موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٢ مارس / آذار ٢٠٢٠
رئيس محكمة التوبة الرسولية بالفاتيكان: التوبة والمصالحة في زمن فيروس كورونا
مقابلة مع رئيس محكمة التوبة الرسوليّة المونسنيور كرشيشتوف نيكييل، حول سرّ الاعتراف والتوبة في حالة الطوارئ هذه التي يعيشها العالم

فاتيكان نيوز :

 

أسفرت حالة الطوارئ بسبب وباء كورونا عن إلغاء ليتورجية التوبة التي كان يُفترض أن يترأسها البابا فرنسيس، الجمعة، في بازيليك القديس بطرس في إطار مبادرة "24 ساعة من أجل الرب". وحول هذا الموضوع أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع المونسنيور كرشيشتوف نيكييل، رئيس محكمة التوبة الرسولية.

 

البقاء على روح الصوم

 

أعرب المونسنسور نيكييل عن قناعته بأنه ليس من الصعب الحفاظ على روح مبادرة "24 ساعة من أجل الرب"، وبشكل عام على روح زمن الصوم، حيث يمكن لكلٍّ منا، حسب أوضاعه الشخصية، التوصل إلى الطرق الصحيحة للتعبير عن الارتدد والتوبة. وذكّر في هذا السياق ببعض أشكال التوبة التي تقترحها الكنيسة، مثل: الصوم والصلاة والصدقة والصمت، إلا أنه أراد التشديد على أن هذه الأفعال كلها تكون فعالة حقًا إذا تم القيام بها بارتداد للقلب والعقل بعون نعمة الله.

 

المناولة الروحية

 

وحول دعوة البابا فرنسيس للمؤمنين إلى "المناولة الروحية"، قال بأنّ المناولة الروحية تقليد قديم للكنيسة يجب أن يلجأ إليه المؤمنون في ظروف مثل هذه التي نعيشها حاليًا. فمَن ليس بإمكانه المشاركة في الاحتفال الإفخارستي، فيمكنه أن يقدم لله الرغبة الصادقة في تلَقيه، في المناولة، متحدًا هكذا روحيًا مع الله، من خلالا وسائل الاتصالات التي تنقل الاحتفالات التي تُجرى بدون مشاركة المؤمنين. وأشار إلى إمكانية استخدام صلوات عديدة، كتلك التي استخدمها البابا فرنسيس.

 

سر التوبة

 

وحول كيفية تلقي الافخارستيا بدون سر المصالحة، شدد المونسينيور نيكييل إنه من غير المسموح تلقي المناولة بدون الاعتراف، لاسيما إذا كنا ندرك أننا ارتكبنا من خطيئة. وهذا ما يؤكده تعليم الكنيسة الكاثوليكية والقانون الكنسي. فقد دعا البابا فرنسيس إلى ترك الكنائس مفتوحة، وشجع الكهنة على ألا يتركوا الشعب الموكل إليهم في حالة الطوارئ هذه. بالتالي، فليس ممنوعًا التقدّم من سرّ الاعتراف لمن يمكنه القيام بذلك، ولكن مع التمسك بكل الاحتياطات التي تفرضها الإجراءات المدنية، كترك مسافة متر على الأقل بين المعرّف والتائب، بالإضافة إلى اتخاذ الكاهن كافة الاحتياطات الممكنة، مثل ارتداء الكمامات وعدم لمس المؤمنين بيديه. وهذه هي الاحتياطات التي يُنصح بها خلال مسحة المرضى.

 

استخدام الهاتف.. نصائح وليس اعتراف

 

وفيما يتعلّق بإمكانية استخدام الهاتف أو البريد الإلكتروني كوسائل استثنائية للاعتراف، وإن كان من الممكن الاعتراف بدون وساطة الكاهن، أي بشكل داخلي مباشر إلى الرب، أجاب المونسينيور نيكييل، إنه لا يمكن لسر الاعتراف أن يتم عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني أو وسائل اتصالات أخرى وذلك نظرًا لسرية الأمر، وفي المقام الأول لأن هناك حاجة إلى حضور فعلي للتائب. إلا أنه يمكن للكهنة عبر هذه الوسائل أن يقدِّموا نصائح روحية مفيدة للمؤمنين، أن يُعزوهم ويقووهم بالرجاء.

 

وحول الاعتراف الداخلي بدون تدخل الكاهن، فقال إن الكنيسة قد أكدت على الدوام "أن الاعتراف الفردي الكامل بالخطايا مع الحلّة الفردية أيضًا هما الطريقة الوحيدة العادية التي تتيح للمؤمن الذي يعي أن عليه خطيئة ثقيلة، مجال المصالحة مع الله ومع الكنيسة"، حسب ما كتب البابا القديس يوحنا بولس الثاني في الإرشاد الرسولي "المصالحة والتوبة". إلا أنه في حالات الخطورة الخاصة، حين لا تتوفر الظروف لنوال سر التوبة، فإن الكنيسة توفر فرصة الحصول على مغفرة الرب فيما يُعرف بالـ votum sacramenti، أي التعبير عن الرغبة في تلَقي سر المصالحة والاستعداد للاحتفال به في وقت لاحق متى أصبح هذا ممكنًا. وأضاف أنه إن كانت الأوضاع لا تسمح بالحصول على الحلة بالشكل الاعتيادي حسب تقدير أسقف الأبرشية، فيمكن في فترة الطوارئ الحالية استبدال الاعتراف بفعل ندامة حقيقي من خلال صيغة فعل الندامة عينها أو بكلماتنا الخاصة، أو من خلال أفعال توبة أيضًا، إن كان هذا ممكنًا، مثل الصوم والصلاة والصدقة بانتظار الاحتفال بسر التوبة بالشكل التقليدي.

 

لمس رحمة الله ومغفرته في هذه الفترة

 

وفي إجابته على سؤال حول كيفية لمس رحمة الله ومغفرته في هذه الفترة مع غياب حضور الكاهن قال المونسينيور نيكييل إن في أوقات الطوارئ والخوف مثل هذه يُدعى الكهنة والمؤمنون جميعًا إلى التوجه بشكل مكثف إلى الرب، طالبين منه أن يجعلنا نشعر برحمته الرقيقة. وأضاف أن الإيمان يعضدنا دائمًا ويدعم الرجاء في أن الله، في تصميم العناية الإلهية، يعرف كيف يستخرج حتى من الأوضاع السيئة خيرا أكبر، وتابع أن من يؤمن ليس بمفرده أبدًا. وذكَّر هنا بكلمات القديس بولس في رسالته إلى أهل رومة "وإِنَّنا نَعلَمُ أَنَّ جَميعَ الأشياءِ تَعمَلُ لِخَيْرِ الَّذينَ يُحِبُّونَ الل" (8، 8). ثم عاد إلى دعوة البابا فرنسيس إلى عدم إيقاف روابط التضامن مع الأخوة خلال هذه الأيام، وتحدث عن تجاوز كلٍّ منا الميل إلى الانغلاق على الذات، قدر المستطاع، وعن تمكننا من النظر إلى احتياجات مَن هم في عوز ومعاناة، وذلك للتعبير عن رحمة الله على مستوى أفقي حسب ما ذكر.