موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٩
رئيس الجمهورية اللبنانية يفتتح المؤتمر الأول للقاء المشرقي

سن الفيل – أبونا ولبنان 24 :

أكد رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، ان ما يتعرض له المشرق من عواصف وحروب ارهابية وما تسعى اليه اسرائيل عبر سياسة التهويد والاستيطان التي تتبعها، يهدفان الى تفتيت المشرق طائفيًا ومذهبيًا وعرقيًا وجغرافيًا تمهيدًا لإرساء تحالفات جديدة على اسس عنصرية، مذهبية وإتنية، تتماشى مع ما يُرسم للمنطقة والذي صار يُعرف باسم "صفقة القرن".

واعتبر خلال افتتاحه المؤتمر الأول للقاء المشرقي، أن دور لبنان، الذي يجسد بمجتمعه التعددي وتنوّعه التكويني صورة مصغرة عن تكوين المشرق، أن يبقى أرض تلاقٍ وحوار، ورمزًا للتنوع ونقيضًا للأحادية، ورافضًا لكل أشكال التطرف الفكري والديني، لافتًا إلى أن "الخلاف بين اللبنانيين يبقى تحت سقف الاختلاف السياسي ولا يطال الجوهر أبدًا، لا يطال حرية المعتقد ولا حرية الايمان أو حق الاختلاف، ولا يطال الوطن، فهذه من الثوابت التي يحترمها الجميع ولا يُمسّ بها".

وشدد رئيس الجمهورية على أن لبنان، وعلى الرغم من مجتمعه المتفاعل والمنفعل أبدًا، هو أرضٌ خصبة للتلاقي والحوار، "وإيمانًا مني بهذه الحقيقة سعيت لإنشاء أكاديمية دولية في لبنان، غايتها مواجهة صراع الحضارات عبر نشر ثقافة السلام، تحت مسمى "أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار"، وسيساهم طلابها في نشر ثقافة جديدة تحمل السلام والتسامح واحترام التنوّع".

من جهته، أشار المونسنيور خالد عكشة، رئيس مكتب الحوار وأمين سر لجنة العلاقات الدينية مع المسلمين في الفاتيكان، إلى أن "اللبناني حارس كذلك للبنان الرسالة، رسالة التعددية والعيش المشترك والعدالة والمساواة بين المواطنين، على اختلاف أعراقهم وأديانهم وطوائفهم وتوجهاتهم السياسية والحزبية، رسالةِ الكرامة الانسانية وحقوق الإنسان، وعلى رأسها حرية الضمير والحرية الدينية".

وكانت كلمة لمفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، فشكر جهد الرئيس عون في جعل لبنان بلد حوار الثقافات، والحضارات، والأديان. ليكون لبنان وطنًا ورسالةً ، وليكون كذلك حجر الأساس للسِّلم العالمي. وأكد أن العيش المشترك يعني وجود الآخر لافتًا إلى أن الآخر ليس قاصرًا على أتباع الرسالات السماوية، بل حتى أولئك الذين لا يعرفون معنىً للوحي أو للمعجزة. ولفت إلى أن الإسلام قرر مبدأ الكرامة الإنسانية والبشرية، وأن التعدد والتنوع أمرٌ ديني، بل إلهي، وكذلك أكد أن الإسلام ألغى فكرة الأقليات في المجتمع ولو كانوا على عدد أصابع اليد، "لأن سائر من كان معنا في وطن واحد، أو دولة واحدة، فله من الحقوق والواجبات ما للآخر، وهذا عين المساواة والعدل".

من جهته أشار تيلو براون، نائب الوزير الاتحادي لجمهورية المانيا السابق، إلى أنّ التفاهم الدولي يهدف "بمعناه الواسع والضيق إلى منع النزاعات وتعزيز السلام والمصالحة. وتابع: الهدف الأسمى لـ"المسؤولية أمام الله والإنسان" هو خدمة الجار. إن مساعدة الأشخاص المعرضين للخطر، وكذلك الفقراء، المحرومين، الجياع، أو اللاجئين، تحظى بأولوية خاصة في هذه المهمة الرئيسية للمبادرة على الصعيدين الوطني والدولي." وختم قائلاً: "يمكن للبنان، بهيكليته المتعددة الأديان، أن يكون نموذجًا يحتذى به لبلدان الشرق الأوسط ويظهر أنه مع التسامح والبحث عن أوجه التشابه، يمكن أن يسلك طريق سلمي لصالح الناس".

أما د. رمزي خوري، رئيس اللجنة الرئاسية العليا الفلسطينية لشؤون الكنائس فقال إن "المسيحية في الشرق هي جزء متأصل لا ينفصل عن الهوية، وبأن مستقبل المسيحيين المشرقيين لا يكون بالإنعزال والتقوقع ولا بالهجرة والاغتراب والاستسلام لقوى الشر والتطرف، بل بالتصدي والمواجهة".

فيما شدد تريستان أزبيج، وزير دولة في المجر، على أنّ "اليوم، هناك 245 مليون شخص يتعرضون للاضطهاد بسبب عقيدتهم المسيحية، ويُقتل 11 مسيحيًا يوميًا في جميع أنحاء العالم بسبب معتقداتهم المسيحية. إنها لحقيقة أنه في العام الماضي وقعت هجمات إرهابية على 1266 مكانًا للعبادة المسيحية. ونعتبر الاضطهاد المسيحي أكبر أزمة حقوق إنسان في عصرنا.

ثم توجه حبيب أفرام، أمين عام اللقاء المشرقي ورئيس الرابطة السريانية إلى الرئيس عون قائلا: "نحن نعتبر أن فخامتكم هو الرئيس المشرقي بامتياز، ليس لأنه الرئيس المسيحي الوحيد من اندونيسيا إلى المغرب، بل لأنه بعمق إدراكه أكد على أن الشرق جذورنا وساحاتنا". وأضاف: "المشرقية هي أن تؤمن بأن هذا الشرق، كما أراده الله، منبت رسالات سماوية وأرض حضارات وثقافات وشعوب واثنيات وقوميات وأديان وطوائف لها كلها الحق الكامل بالحياة الحرة الكريمة على قاعدة المساواة والمواطنة، دون أي تمييز، دون أي غلبة أو تكفير أو الغاء أو تهميش".

وتابع: "والمشرقية ليست حلف أقليات مطلقًا. هذا تجن في السياسة. إنها حلف قيم ومبادىء مفتوح لكل الناس ولا ينتصر إلا بغلبة هذا النهج في كل المكّونات. أصلا نحن لا نعترف بأن أحدًا هو أقلية في الشرق كلنا أبناء الشرق كلنا تاريخه ومستقبله نبنيه معًا. المشرقية لا تطلب حماية أحد، وترفض أي اعتداء لأي سيادة وأي خرق للقانون الدولي. والمشرقية ليست تفتيتًا ولا تقسيمًا ولا إنغلاقًا ولا تهديمًا للأوطان. بل على العكس تمامًا. المشرقية هي ضمانة لكل الأوطان ولكل إنسان".