موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٩ مارس / آذار ٢٠٢٠
دار البطريركية اللاتينية في القدس تقيم سجودًا طلبًا للتوبة والرحمة والعون الإلهي
المطران بيتسابالا خلال زياح القربان

المطران بيتسابالا خلال زياح القربان

القدس :

 

بحضور المدبر الرسولي المطران بييرباتيستا بيتسابالا، أقام كهنة دار البطريركية اللاتينية بالقدس، في الكونكاتدرائية البطريركية، الأحد 15 آذار 2020، ساعة سجود للقربان الأقدس، للتكفير والتوبة عن خطايانا وخطايا العالم، وطلبًا للرحمة والمعونة الإلهية، في خضم الحالة الصحية الصعبة التي يشهدها العالم حاليًا.

 

وتضمنت الصلاة تلاوة السبحة الوردية، وطلبة جميع القديسيين، وترنيم مزمور 91، وفترة من الصمت والصلاة الشخصية، وزياح القربان الأقدس. كما تم تلاوة صلوات تكفيرية وتوبة عن الخطايا، واختتمت ساعة السجود بالنشيد المريمي "في ظل حمايتكِ".

 

وفيما يلي نص العظة العفوية التي ألقاها رئيس الأساقفة بيتسابالا:

 

لقد سمعنا بالفعل أشياء كثيرة خلال هذه الأيام، أما الشيء المهم هنا وفي هذه اللحظة فهو القربان الأقدس المعروض أمامنا، ولذلك سأكون مقتضبًا جدًا.

 

في هذه الأسابيع الأخيرة، تغير العالم كله. انقلب كل شيء رأسا على عقب. كل ما اعتدنا القيام به، كل شيء تغير. وهكذا فإن السوق ووسائل النقل. كل شيء قد أصابه الشلل. كل شيء أضحى كما في حرب عالمية.

 

حتى في كنيستنا، وجب علينا تغيير كل تقاليدنا. وأهم شيء هو أننا لا نستطيع الاحتفال بالإفخارستية، التي هي قلب حياتنا كمسيحيين. وفي أماكن عديدة، لا يمكننا حتى تناول القربان الأقدس، هذا أمر جديد تمامًا بالنسبة لنا، لم نراه حتى في زمن الحرب.

 

إننا نعيش زمن صوم أربعيني غريب من نوعه؛ إننا نعيش فيما يشبه يوم السبت المقدس، لكنه طويل جداً. إنه يوم الصمت حيث لا يوجد شيء، لا احتفالات، ولا شيء.

 

لدي في هذا الشأن اعتباران اثنان فقط:

 

أولاً، أود أن أعود إلى ما قلناه في بداية الصوم، يوم أربعاء الرماد. قلنا في بداية زمن الصوم أننا "تراب ورماد" (polvere)، وها إننا نرى الآن بأم أعيننا أننا في الحقيقة كذلك. نريد أن يكون لدينا سيطرة على كل شيء في العالم، وها إن فيروساً صغيراً يدمر كل شيء. وجدنا أنفسنا عاجزين. وقد أخذ كل ما بنيناه ينهار، هو وجميع مخططاتنا الاستراتيجية. نرى أننا لا نملك في الحقيقة سيطرة على ذواتنا، وأننا لا نملك حياتنا. لذا فإن من المهم في هذا السياق الانتقال إلى ما هو جوهري. العمل ضروري، والأنشطة كذلك ... كل هذه الأمور مهمة طبعاً، لكننا نسينا أن حياتنا ليست هنا فقط، على هذه الأرض، وفيما نستطيع السيطرة عليه في هذه الحياة. إن حياتنا هي من أجل الأبدية، وقد صُنعنا لذلك. إننا في حاجة إلى الله! نعيش فيه الأبدية، فيه هو الإله الذي كشف عن ذاته في يسوع المسيح. نحن نعيش في الحب. فيه نختبر معنى الرجاء. وليس الرجاء كالتفاؤل. فالرجاء هو القدرة على إعطاء معنى لما نعيشه في الحياة الحاضرة.

 

الشيء الثاني هو تساؤلنا عما بوسعنا أن نفعله الآن؟ شيء واحد فقط علينا القيام به. من بين الأمور الأخرى، شيء واحد علينا القيام به وهو: الصلاة! ليس فقط الصلاة الشخصية، ولكن علينا أن نبدأ من جديد في عمل ما كان يقوم به آباؤنا من قبل، ونحن قد نسيناه. إنها الصلاة معا في الأسرة. لا يمكننا الذهاب إلى الكنيسة، لا يمكننا الذهاب إلى العمل، يجب أن نبقى في منازلنا، وأفترض أن هناك الكثير من الأشياء للقيام بها في المنزل والكثير من الفرص: كالإنترنت، والتلفاز... ولكن من المناسب أن تجد الأسرة لحظة تغلق فيها كل شيء وتجتمع من ثم للصلاة معًا. إن هذه فرصة، لأننا غالباً ما نكون في الحياة العادية هنا وهناك، لا نلتقي لنكون معًا أو لتناول الطعام معًا. إنها فرصة لكي نعطي الله مساحة في حياتنا. إن الصلاة في الأسرة ستعطي حياة جديدة لعائلاتنا وستشفي كثيراً من جروحاتنا.

 

كما وعلينا أن نفكر بسائر المتضررين من جراء هذا الفيروس وأن نصلي من أجلهم، ومن أجل العديد من الآخرين، الذين بسبب الفيروس لا زالوا بلا عمل، ودون أية رؤية لمستقبلهم، وهم آلاف العائلات في كل مكان.

 

أنهي بقولي أن هذه فرصة، وفي هذه الفرصة علينا، ككنيسة وكأبرشية معًا، العمل على إيجاد طرق، من خلال الصلاة وأعمال المحبة، ندعم بها بعضنا البعض ونعبر عن كوننا جماعة لها قلب واحد، في الصلاة كما قلت، ومن خلال المشاركة فيما لدينا. ليباركنا الرب جميعاً. آمين.