موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٧ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
خطة أمنية مكثفة في مصر لحماية الكنائس خلال أعياد الميلاد ورأس السنة

جريدة النهار :

بدأت الأجهزة الأمنية في مصر تنفيذ خطة مكثفة لحماية الكنائس خلال أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة. وقبل أيام من الاحتفالات التي تبلغ ذروتها مع الساعات الأولى من العام الميلادي الجديد، بدأت القيادات الأمنية بوزارة الداخلية المصرية في تفقد القوات التي تحيط بالكنائس في المحافظات المختلفة، والتحقق من الإجراءات المتبعة عند دخول دور العبادة المسيحية، بما يمنع وقوع أية أعمال إرهابية خلال الاحتفالات.

وكثفت الجماعات الجهادية هجماتها على الكنائس في مناطق في الجمهورية خلال السنوات الخمس الأخيرة. وبدأت مصر عملية عسكرية شاملة تحت اسم "سيناء 2018"، في شباط الماضي، ساهمت في توجيه ضربات قاضية للتنظيمات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء ومناطق متفرقة من الدولة، وهو ما أدى إلى انخفاض عدد العمليات من قرابة 1000 عملية إرهابية في عامي 2015 و2016 إلى رقم محدود للغاية في عام 2018.

وعلى رغم تدمير القوات المسلحة المصرية والشرطة البنية التحتية للتنظيمات الجهادية خلال العملية التي ضمت قوات من كل أسلحة الجيش وأجهزة وزارة الداخلية، خاصة في معاقل تلك الجماعات بسيناء، وهو ما أفضى إلى كشف أجهزة الأمن للكثير من المعلومات بعد مداهمة أوكار تلك الجماعات، واعتقال الكثير من عناصرها، ظل المسيحيون وكنائسهم هدفاً رئيسياً للجهاديين.

استهداف دور العبادة

ويقول الخبير الأمني العميد خالد عكاشة لـ"النهار" إن "التنظيمات الإرهابية في معظمها، سواء خارج مصر أو داخلها تستهدف دور العبادة، وقد باتت هذه بصمة مميزة لتلك التنظيمات، وشهدنا العديد من تلك الهجمات على الكنائس، خاصة في الأعياد المسيحية. تلك التنظيمات تستهدف ضرب الروح المعنوية، وخلق فجوة بين أتباع الأديان، وهذا ما يجعل السلطات المصرية تركز على عمليات تأمين الكنائس خلال الأعياد المسيحية بهذه الصورة المكثفة". وانتشرت عربات مدرعة وقوات تردي الزي الرسمي وكذلك قوات سرية بملابس مدنية في محيط الكنائس بصورة ربما لم تشهدها مصر من قبل.

وحول ما إذا كان هذا المشهد المثير للانتباه يهدف إلى ايصال رسالة من الدولة لبعض التيارات الدينية المتعصبة التي تؤجج الكراهية والطائفية في المجتمع، مفادها أن الدولة تحمي الكنائس ولا يجب أن تستهدفونها، يقول الخبير الأمني: "لقد وجهت الدولة الرسالة بطرق مختلفة، وربما هذا يأتي في المقام الثاني بالنسبة اليها، ولا أتصور أن الحكومة يمكن أن تبذل كل هذا الجهد، وتنفق كل تلك المصاريف، كي تبعث برسالة للمتعصبين، ولكن يكفي أن يوجه الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) كلمة، وهذا سوف يكون كافيا ًلإبلاغ رسالة واضحة".

ويرى العميد عكاشة أن "الأمر مهني أكثر من أي شيء آخر، فالأجهزة الأمنية تريد أن تمر الأعياد من دون حدوث أي عمليات إرهابية، وانتهاء الاحتفالات بسلام، وهذا سوف يحسب لها من دون شك، وهذا جزء من أهداف منظومة مكافحة الإرهاب".

وحول التطور الذي شهده الأداء الأمني، الذي كان يثير بعض التحفظات في السابق، يقول الخبير الأمني: "التجربة التي مرت بها الأجهزة الأمنية خلال السنوات الماضية، أدخلتها في أنماط جديدة في التعامل مع الجمهور في الشارع، وأيضاً خلال عمليات مكافحتها للإرهاب"، و"هذا يتجلى في هذا الشكل المعلن من تأمين دور العبادة والأماكن العامة، ونحن نراه في الشارع والناس تلاحظه" يقول عكاشة، و"لكن هذا التغيير يظهر في مناطق بعيدة عن الجمهور، مثل عمليات المداهمات، ومكافحة الإرهاب، وهناك رغبة صادقة لدى الأجهزة في أن تنفذ مهامها بنجاح وفي ذات الوقت تقدم أفضل صورة ممكنة عن عملياتها تتسم بالمهنية والتحضر".

الحلقة الضعيفة

ويفسر بعض المتخصصين في شؤون الجماعات الإسلامية استهداف الجهاديين للكنائس، بأن المسيحيين في مصر يمثلون الحلقة الأضعف والتي يمكن استهدافها بسهولة.

ويقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولي منير أديب لـ"النهار"إن "الجهاديين يستهدفون المسيحيين للعديد من الأسباب، فهم هدف ضعيف بالمفهوم الأمني، وبالتالي استهدافه قد يؤتي بنتائج مثمرة بالنسبة لتلك التنظيمات. يضاف إلى هذا أن هناك حرباً شاملة ضد هذه التنظيمات (العملية سيناء 2018)، وحققت نجاحات كبيرة، وقتل خلالها أكثر من 400 إرهابي في سيناء" و"لهذا تريد التنظيمات الإرهابية القيام بعمليات ناجحة، وهي لا تستطيع أن تواجه الجيش والشرطة في مصر في الوقت الراهن، لهذا تبحث عن هذا الهدف الضعيف. الى ذلك، يحدث استهداف الأقباط دويا دوليا، ويترك صدى في الإعلام المحلي والعالمي، وهذا يظهر الحكومة المصرية غير قادرة على حماية مواطنيها الأقباط الذين يشكلون نسبة لا تقل عن 10% من المصريين".