موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٢ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
حصّالة

منال الفانك :

تلك الحصّالة العتيقة، حمراء اللون، كروية الشكل، والتي كانت من نفائس المقتنيات، لما جمعت (حَوَّشت) بداخلها، من تلك القطع النقدية مختلفة الفئات، معدنية وورقية (وقتما) كان هناك مالٌ يُجْمَع!

فكل قطعةٍ تسقط بداخلها، لها رنةٌ مميزة، وبالتالي فرحة غامرة، بأننا أنجزنا شيء (محرز) ومن مصروفنا الخاص، عدا البهجة التي تتملكنا عندما تُدْعَمْ (التحويشة) من طرف آخر، وكلما ثَقُلت تلك الرائعة، كانت الفرحة أكبر، إلى حين اليوم المنتظر، يوم نسخن (نحمي) السكين ونجز عنقها لاستخراج الكنز الذي لطالما تقنا لإحصائه،

فقد كنا صغاراً ولا ندرك أن تلك السكين الخطرة ذات النصل الحاد لا تعادل خطراً سكاكين الحياة الأخرى، فقد كنا صغارا.

وما أشبه قلوبنا بتلك النفيسة، أوليس القلب حصّالة دائمة لكلٍ منا؟

نعم، هو كذلك، ففي حجراته الأربع ترى (تحويشة) متنوعة من المشاعر، فهناك حزن وفرح، حسد وغبطة، حبٌ وكره، نجمعها يومًا بعد يوم، وعاماً تلو العام،

لكن، مَنْ أو ما تراه يفتحه ليفرغ ما بداخله؟ أسكين كلامية جارحة؟ أم كلمة طيبة؟ أم بكليهما؟

فما يحويه ذاك النابض، لا تسعه حصالات الكون، و(قطع) الألم فيه فاقت نظيرتها في الفرح، وما زال ينبض!

أضائقةٌ مادية؟ أهتمامٌ مفقود؟ خسارة غالٍ؟ أم تراها خيبة أمل؟ أم كلها مجتمعة؟

باتت (قطع) الفرح مرهقة، كالعملة الورقية في الحصالة،

مهترئة، تحت ثقل تلك المعدنية ذات القيمة الاقل!

لم تتملك الأحزان حجرات حصالاتنا النابضة بداخلنا ما حيينا وترى الافراح كالمستأجر الموقت!!

أليس من المريح بين الحين والآخر إفراغ الحصالات لانتقاء ما يجب جمعه،

فقد ثَقُلت بالهموم القلوب والعمر يمضي،

ليت بمقدورنا احتضانك يا حمراءنا العتيقة

وليت بإمكاننا إراحتك يا حمراواتنا الرقيقة