موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٢ سبتمبر / أيلول ٢٠١٧
حراسة الأرض المقدسة تشارك في معرض "مسيحيو الشرق" في باريس

القدس - حراسة الأرض المقدسة :

<p dir="RTL">من القدس، انتشرت المسيحية في جميع انحاء الشرق الأوسط: مصر وسوريا ولبنان والأردن والعراق. وقد لعب مسيحيو الشرق على مرّ التاريخ دورًا مهمًا في مسيرة التطور السياسي والثقافي والديني والإجتماعي في بعض انحاء العالم. انطلاقًا من هذا الفكر، ولد مشروع المعرض الذي سيقام في &quot;معهد العالم العربي&quot; وسيتم افتتاحه يوم الإثنين 26 أيلول في باريس، تحت شعار: &quot;مسيحيو الشرق: ألفي عام من التاريخ&quot;.</p><p dir="RTL">سيتم افتتاح المعرض بحضور رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون، وسيستمر حتى الرابع عشر من شهر كانون الثاني 2018. ويندرج هذا المعرض ضمن سلسلة من الفعاليات التي يحتفل من خلالها معهد العالم العربي في نهاية عام 2017 بمرور 30 عامًا على تأسيسه. ويحرص معهد العالم العربي منذ تأسيسه على إغناء وتطوير ما لدى الغرب من معرفة بالعالم العربي.</p><p dir="RTL"><strong>معرض فريد من نوعه</strong></p><p dir="RTL">ويتهيأ هذا الحدث لأن يكون &quot;معرضًا فريدًا من نوعه&quot;، بحسب التصريح الذي أدلى به مدير معهد العالم العربي جاك لانغ. والواقع أنه سيتم عرض 300 قطعة، بعضها قد وصل إلى أوروبا للمرة الأولى في التاريخ (مخطوطات ثمينة، أيقونات، فسيفساء، رسومات جدارية تعود إلى القرن الثاني بعد المسيح من الكنيسة (<span dir="LTR">domus ecclesiae</span>) التي تقع في دورا أوروبوس-الصالحية في سوريا).</p><p dir="RTL">وتأتي هذه القطع من أكبر متاحف العالم (متاحف الفاتيكان، واللوفر، والمتحف البريطاني...) لتلقي الضوء على التاريخ الألفي للعديد من الجماعات المسيحية في الشرق: كالأقباط والروم والسريان والكلدان والأرمن والموارنة. &quot;تاريخ متعدّد&quot; نما وتطور ما بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الفورات والنيل والبوسفور خلال الحقب الرومانية والبيزنطية والاسلامية والعثمانية حتى ظهور الحركات القومية العربية.</p><p dir="RTL"><strong>قطع من متحف الأرض المقدسة</strong></p><p dir="RTL">من بين هذه القطع ستكون هنالك مجموعة مختارة من متحف الأرض المقدسة، كالمجسّم الذي يمثل القبر المقدس وهو مصنوع من الخشب والصدف، إضافة إلى نقش جنائزي وصدفة من &quot;أم الأوجاع&quot; (<span dir="LTR">Mater Dolorosa</span>) وسِجِل يعود إلى سنة 1616. سيشكل هذا المعرض &quot;دخولاً في قلب الثقافات التي تشارك في صنع التنوّع الموجود في عالمنا اليوم، والذي يضرب بجذوره في تاريخنا&quot;، بهذه الكلمات عبر عن هذا الحدث السيد جيرالد دامان، رئيس بلدية توركوان التي ستستقبل المعرض نفسه ما بين 17 شباط و5 حزيران 2018، لدى متحف الفنون الجميلة اوجين لوروا.</p><p dir="RTL"><strong>المعرض والقطع المعروضة</strong></p><p dir="RTL">سيغطي القسم الأول من المعرض الفترة الممتدة ما بين القرنين الأول والسادس، حيث سيتم التركيز على مسألة نشر البشرى السارة وحياة الجماعات المسيحية الأولى ونموها، اضافة إلى المجامع الكنسية ونشئة الكنائس الشرقية والنظام الملكي ورحلات الحج. وسيتم عرض ثلاثة تيجان لأعمدة بيزنطية تعود إلى القرن السادس، موجودة اليوم في متحف الأرض المقدسة، وهي تُظهر جمال الفن المعماري المسيحي الذي تطور مع انتشار المباني الكنسية منذ عهد قسطنطين.</p><p dir="RTL">أمّا القسم الثاني، فسيغطي الفترة الممتدة ما بين القرنين السابع والرابع عشر، وسيتطرق إلى المسألة المتعلقة بالكنائس الشرقية عقب غزوات العرب، ومختلف التفاعلات الفكرية والفنية والثقافية وتطور اللغة العربية في الليتورجية حتى الوصول إلى الحقبة الصليبية وما بعدها. ومن بين القطع التي قدمتها حراسة الأراضي المقدسة للمعرض، هنالك قطعة فسيفسائية تعود إلى القرن السادس، تم العثور عليها في جبل نيبو في الأردن (خربة المخيط، كنيسة القديس جوارجيوس). تمثل هذه الفسيفساء النقش الوحيد المتوفر باللغة العربية في منطقة سوريا وفلسطين وهو يعود إلى الحقبة السابقة لظهور الإسلام ويحتوي على عبارة تشكل تحية جنائزية (بسلام) مرتبطة بإسم أحد رؤساء الشمامسة المتوفى واسمه &quot;ساؤولا&quot;. توجد كتابة يونانية إلى اليمين.</p><p dir="RTL">أمّا القسم الثالث، فإنه يتناول الفترة ما بين القرنين الخامس عشر والعشرين، وهو يطور فكرة العالم العربي الموحّد تحت سلطة الامبراطورية العثمانية، والعلاقات المتبادلة بين &quot;الباب العالي&quot; والبلاطات الملكية والأجهزة الدبلوماسية الأوروبية والكنائس الشرقية (الكاثوليكية والأورثوذكسية)، والتي كانت تهدف إلى حماية الأماكن المقدّسة.</p><p dir="RTL">قدم متحف الأرض المقدسة مساهمته في هذا المجال من خلال تزويد المعرض بفرمانات تركية. أَصدر أحدَ هذه الفرمانات، عام 1397، السلطانُ الملك الظاهر سيف الدين برقوق، للسماح &quot;للرهبان الفرنجة&quot; بإعادة إعمار جزء من القبر المقدس المتهدّم. أمّا الفرمان الثاني فيعود إلى عام 1561، وقد أصدره سليمان القانوني اقراراً منه بالمكان الجديد لإقامة الرهبان الفرنسيسكان في الدير الجورجي الذي يدعى دير المخلص في مدينة القدس، بعد طردهم من جبل صهيون. ومن بين الموضوعات التي يشملها هذ القسم أيضاً، هنالك التجديدات الفنية الرائعة التي طالت الأيقونات التي انتشرت منذ القرن السابع عشر انطلاقاً من حلب وحتى بيروت والقدس ودمشق والقاهرة.</p><p dir="RTL"><strong>الذاكرة والمستقبل</strong></p><p dir="RTL">أمّا القسم الأخير الذي يمتد ما بين القرنين العشرين والحادي والعشرين، فإنه يضم تشكيلة من الأعمال التي ظهرت خلال عصر النهضة في البلدان العربية، وفترة سقوط الامبراطورية العثمانية والمنفى والهجرة. يتوقف هذا القسم عند مفهوم &quot;الذاكرة&quot; المرتبطة بإرثٍ يتم نقله حتى اليوم، وإن كان أحيانًا في خارج المناطق الجغرافية الأصلية. وسيُختَتَمُ المعرض بعرضٍ يعكس الحقبة المعاصرة ويضم صورًا تمثل مشاهد من الحياة الخاصة واليومية للمسيحيين في ستة بلدان عربية (مصر والأردن وسوريا وفلسطين والعراق ولبنان).</p><p dir="RTL">ليس الهدف من هذا المعرض فحسب المحافظة على إرث ثقافي مادي أو غير مادي، قد وقع أحيانًا في طيّ النسيان أو تحت وطأة التهديد من قبل الجماعات المتطرفة الجديدة المنتشرة في الشرق الأوسط. فهذا المعرض يهدف أيضًا إلى التفكير في مفهوم التنوع والتنوع الثقافي، الرائج حاليًا في أوروبا. من ناحيته، علق الأب استيفان ميلوفيتش، مدير الممتلكات الثقافية لدى حراسة الأراضي المقدسة، قائلاً: &quot;يشدد هذا الحدث على اظهار الحضور المسيحي في العالم العربي للغرب، ويعطي لهذا الحضور القيمة التي يستحقها، رغم أنه حضور متواضع&quot;. في مواجهة ظاهرة الهجرة، يبدو التركيز غالبًا على الإسلام، ولكن قد يكون من المفيد الأخذ بعين الإعتبار ما يستطيع الكثيرون من مسيحيي الشرق تقديمه والمساهمة به لأجل بناء أوروبا جديدة، بما لديهم من ارث ثقافي كبير وألفي.</p>