موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٢ يونيو / حزيران ٢٠١٧
جوزيف صويص وصقر حجازين كاهنان جديدان للبطريركية اللاتينية
الفحيص - أبونا ، تصوير: أسامة طوباسي :

<p dir="RTL">ترأس المدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية، رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا، القداس الاحتفالي في كنيسة قلب مريم الطاهر، في الفحيص، غرب عمان، وفيه منح السيامة الكهنوتية للشماسين الإنجيليين جوزيف عودة صويص، من رعية الفحيص، وصقر ادحيلان حجازين، من رعية السماكية.</p><p dir="RTL">وشارك في القداس النائب البطريركي للاتين في الأردن المطران وليم شوملي، والنائب البطريركي للاتين في القدس المطران بولس ماركوتسو، والمطران مارون لحام، والمطران سليم الصائغ، والمطران كمال بطحيش، ورئيس المعهد الإكليريكي الأب جمال خضر، ولفيف من الكهنة من مختلف مناطق الأبرشية، ورهبان وراهبات، وحشد من المؤمنين من مختلف الرعايا، وأهل وأصدقاء الكهنة الجدد.</p><p dir="RTL">في بداية القداس، رحب الأب عماد علمات بالمدبر الرسولي في زيارته الأولى إلى رعية قلب مريم الطاهر في الفحيص، طالبًا من الله العلي أن يجعل رسالته مثمرة في خدمة كنيسة الأرض المقدسة. كما رحب بالأساقفة والكهنة وبرئيس المعهد الإكليريكي والإكليريكيين والحضور، مباركًا للأب سالم لولص الذي نال السيامة الكهنوتية الأسبوع الفائت في فلسطين.</p><p dir="RTL"><span style="color:#ff0000;"><strong>وفيما يلي النص الكامل لعظة المطران بيتسابالا:</strong></span></p><p dir="RTL">أيها العزيزان، وصلتم أخيرًا إلى يومٍ طال انتظاره. فبعد سنوات طويلة من الدراسة والاستعداد، تخللتها لحظاتُ فرحٍ وعزاء، تعبٍ وصعوبات، صلواتٍ وتضحيات، وبعد أن اجتهدتم في إصلاح أنفسكم، حان الوقت لتقولوا لله وللكنيسة: نعم نريد، وبصورة نهائية نريد. لنحاول معًا أن نفهم، في ضوء الإنجيل الذي اخترتموه لهذا اليوم، بعض الحقائق الهامّة حول الخدمة التي ستؤدونها بصفتكم كهنة للمسيح.</p><p dir="RTL">في هذا السعي، يرافقنا إنجيل اليوم الذي يتحدث عن بطرس الرسول. إننا نلقاه في لحظة صعبة من حياته: أي قبل آلام الرّبّ وفي أثناء آلامه. أنكر بطرس السيد المسيح، الصديق والمعلم وتركه بين يدَي الذين أسلموه إلى الموت. وقد أنكره بعد أن وعد معلّمه وصرَّح عاليًا أنّه لن يتركه أبدًا. ثم بعد القيامة، لاقى بطرس المسيح حيًّا. فرح مع سائر الرسل لانتصار المسيح على الموت. ولكنّ شيئًا من الخجل بقي في نفس بطرس. لم ينسَ تلك اللحظة. وإنجيل اليوم يذكِّرنا بها، خلال لقاء بطرس مع الربّ القائم.</p><p dir="RTL">ما تقوله لنا كلمة الله اليوم هو أنّ كلّ تلميذ، هو مثل بطرس، قادر على المحبة، ولكن المحبة في الإنسان ضعيفة. أو بعبارة أخرى، يقدر التلميذ أن يحبّ ولكن إلى حدٍّ ما، بشرط أنّ لا يتحوّل ذلك الحبّ إلى معاناة وزهد في الذات. التلميذ قادر على العطاء والاندفاع، وفي الوقت نفسه قادر على التهرب والتراجع. ولكنّه قادر أيضّا على التوبة وعلى سكب دموع حقيقيّة. يسوع لم يختر بطرس وسائر الرسل لأنهم أفضل من غيرهم، أو لأنهم مختلفون ومتميّزون. كلا! انهم بشر مثل كل البشر، وفي قلبهم ما في قلوب كل الناس، أعني مزيج من الشرّ الخير، مزيج من الأمانة وعدم الأمانة.</p><p dir="RTL">وهذا ينطبق عليكما، أيها العزيزان؛ لا تظنّوا أن الله اختاركم لأنكم أفضل من غيركم. لا تظنّوا أن لحظة الفرح والاندفاع فيكم الآن لن يأتي بعدها، بعد مضيّ سنوات قليلة، فترة من التعب والإحباط. أذكروا إذّاك وقوفكم هنا الآن، وأنّ يسوع المسيح اختاركم هو أوّلًا وأحبَّكم. لستم أنتم صانعي هذه اللحظة، ولكنّ يسوع المسيح هو الذي يصنعها الآن فيكم. اعرفوا حدودكم وضعفكم، ولكن احذروا أن يدفعكم ذلك إلى الاحباط واليأس. بالعكس. تمثّلوا ببطرس. وليكن ضعفكم سبب عزاء لكم. لأنّ الله اختاركم مثله، لتكونوا خدّامه، بالرغم من كونكم خطأة. بطرس ونحن مثله أناس ضعفاء. يبحث الرب عنا ويجدِّدنا في كلّ لحظة، ليس لأنّنا مستحقّون، ولكن لأنّ يسوع المسيح هو الذي يسير نحونا، ولا يتركنا إلى أن نلتقي ونحبّه حبًّا حقيقيًّا. ثم يبيّن لنا الإنجيل كيف جدَّد يسوع عزم بطرس.</p><p dir="RTL">في الفصل 21 نجد عناصر كثيرة تعيدنا إلى لحظة الإنكار، وبصورة عامّة إلى واقع الآلام. عندما أرسى الرسل على الشاطئ، بعد صيد السمك، وجدوا أن هذا الرجل المجهول قد أوقد نارًا (يوحنا 21: 9). النار الموقدة هنا تذكِّرنا بالنار الموقدة مساء إنكار بطرس، لمـّا كان التلميذ يستدفئ أمام النار (يوحنا 18: 18) التي أوقدها الخدم والحرس. ويقول الإنجيل إنّ الشبكة، بعد الصيد، لم تتمزَّق، بالرغم من السمك الكثير (يوحنا 21: 11). ولفظة &quot;تمزّق&quot; هي اللفظة نفسها التي استعملها الإنجيلي في قوله إنّ ثوب يسوع لم &quot;يمزّقه&quot; الجنود، بل قرّروا أن يقترعوا عليه (يوحنا 19: 24). هذه الشبكة التي لم تتمزق وهذا الثوب الذي لم ينقسم هما رمز الكنيسة الواحدة التي يجب أن تبقى واحدة رغم أسباب التمزق الكثيرة الاتية من الداخل ومن الخارج. وأخيرًا، سأل يسوع بطرس ثلاث مرات: أتحبّني؟ (يوحنا 21: 15-17) هو تذكير واضح بإنكار بطرس للربّ ثلاث مرات (يوحنا 18: 16-27). وكأني بيسوع يريد أن يذكّر بطرس بتلك الليلة، ليس لإذلاله، ولا لتأنيبه، ولكن لأنّه يحبّه حقًّا. ومن ثم يسوع ما زال متأثرا من خطيئة بطرس، لا يقلّل من شأنها ولا ينساها. ليسوع المسيح طريقة في المغفرة. لا ينسى بل يدخل في عمق خطيئتنا، داخل حدودنا وضعفنا، حتى لا يستثني ضعفنا من العلاقة معه. فيصبح ضعفنا نفسه مساحة حبٍّ ومغفرة، وسبب بداية جديدة.</p><p dir="RTL">أيّها العزيزان، لأنكم شعرتم بأنّ الله أحبّكم وغفر لكم، تقدرون أن تكونوا خدَّامًا حقيقيّين وصادقين لمغفرته. اعترافكم بأنّكم خطأة يمكِّنكم من أن تصبحوا مبشّرين للجميع بمغفرة الله، التي هي الأمر الجديد، الأمر الأكثر عظمة ونبلا الذي بشرت به المسيحيّة وما زالت. لربّما كان بطرس الرسول يفضّل أن ينسى إنكاره. ولكن يبدو أن يسوع يريد أن يقول له أن الأمر المهمّ ليس خطيئته، بل علاقته به، وأنّ هذه العلاقة، إن قَبِل بطرس بضَعفه، لن تتأثّر بخطيئته، بل تبقى العلاقة على ما هي. هكذا وُلِد بطرس من جديد. وُلِدَ فقيرًا، وديعًا، رحيمًا، وليس عليه أن يقدم أيّ برهان لأحد على صلاحه. بل عليه فقط أن يشكر الله. ليكن الأمر نفسه معكم. ليس عليكم أن تبرهنوا على صلاحكم. وكذلك يجب ألّا تظهروا قوّتكم، أو كفاءتكم للقيام بأيّ شيء. بل يجب أن تكون حياتكم شكرًا مستمرًّا لله. يجب أن تعبّروا دائمًا عن الفرح وعرفان الجميل لله الذي أحبّكم وغفر لكم وخلَّصكم.</p><p dir="RTL">عندما يصنع يسوع المسيح شيئًا جديدًا فهو يصنع ذلك بسخاء ووفرة. إلى بطرس وَكَلَ يسوع مسؤولية جديدة، وهي أن يكون راعي القطيع. كلّ مرّة يغفر الله لنا فإنّه يكل إلينا مسؤولية جديدة، ويدعونا لنكون أبناءه، ولنصغي بطريقة جديدة إلى كلمته: &quot;اتبعني&quot;. الرب القائم يقول &quot;اتبعني&quot; ويجدد المغفرة، حتى لا يُحرَمَ أحد من المقدرة على الحبّ. أنتم أيضًا ستكونون رعاة. ستوكل إليكم مسؤوليّة القطيع. وستقودون القطيع بحكمة إن ثبتُّم في محبّة الله، وإن سرتم بالقطيع إليه، وليس عندما تتسلطون على القطيع وتجعلونه يدور في فلكِكُم. اليوم الروح القدس يحلّ عليكم حتى يعلمكم أسلوب حياة جديدة، هي حياته. لا تنسوا حدودكم وخطيئتكم، بل اقبلوها مثل بطرس، واتركوا يسوع يحبّكم. هذه أكبر ثورة يمكن أن تصنعوها.</p><p dir="RTL">تعلّموا بتواضع، يومًا بعد يوم، أن تحبُّوا أنتم أيضًا مثل يسوع: كونوا قريبين من الغير، لا تدينوا، بل اشهدوا بكل كيانكم أن كل موت، وكل ألم، وكل تعب، وكل دمعة، يمكن أن تتحوَّل إلى حياة. تذكروا أنّه يوجد أمل. يوجد دائمًا أمل. وهذا ما يجب أن يشعر به الناس فيكم. ليس بالكلام، بل بشهادة حياتكم. هذا أصعب بكثير من أن تلقوا عظة بليغة، أو أن تنظِّموا لقاءات في الرعية، وأن تعلِّموا التعليم المسيحيّ: لأنّ شهادة الحياة لا يعبَّر عنها بالكلام، بل بحياتكم فقط. القضيّة قضيّة حبّ، حبّ للمسيح وللإخوة، لأنّ الحبّ واحد. هكذا فقط تشهدون ليسوع المسيح.</p><p dir="RTL">سيكون من الضروري أن تحافظوا على هذه العلاقة، فوق كلّ شيء، في الصلاة، في حياة موسومة بالزهد والتقشف، وفي التنبُّه لكلمة الله. وإن بدا لكم أحيانًا أن انقطعت بكم العلاقة مع المسيح، فلا تخافوا. لأنه إذّاك يمكنكم أن تسمعوا من جديد كلمة الرب: &quot;أتحبُّني&quot; (يوحنا 21: 15)، ثم كلمته الثانية: &quot;اتبعني&quot; (يوحنا 21: 19). أيها العزيزان صقر جوزيف، الكنيسة كلُّها ترافقكما اليوم وغدًا في رحلتكما الرائعة، التي تقوم على خدمة المسيح في الكنيسة بصفتكم كهنته لا بل وأصدقائه المقربين. مبروك لكما ولنا ولكل الأبرشية.</p>