موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٢٣ فبراير / شباط ٢٠١٩
ثورة الوعي الديني

د. جلال فاخوري :

في بادرة لم يسجلها التاريخ قبل وبدعوة كريمة من زعماء الامارات العربية المتحدة وكذلك شيخ الازهر الجليل احمد الطيب قام قداسة البابا فرنسيس بزيارة تاريخية للإمارات المتحدة ووقع معاهدة الاخوة الانسانية التي اضفت على الواقع العربي بجميع مكوناته ظلالاً مريحة من الوعي على قيمة الانسان ومعنى وجوده واقام البابا قداساً في العراء استقطب عشرات الالاف من الجنسيات المقيمة في الامارات والعبرة من هذه الزيارة لكل من شيخ الازهر والبابا فرنسيس كأكبر زعماء للعالم ليس في المظهر والشكل وليس للتمثيل ولكن العبرة تكمن في فهم القيمة الانسانية ومعنى الوجود البشري بصرف النظر عن المذاهب وشكل الديانات فالديانات التي وقع زعماؤها معاهدة الاخوة تؤول شكلاً ومضموناً إلى ان الجميع يجب ان ينعموا بالسلام والراحة في محبه الله وعدله. فالسلام لا يتم الا في عدالة انسانية تسوي بين الابناء.

فالإسلام والمسيحية دعاة سلام ومحبة وكرامة الانسان «فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى» بمقدار انتمائه إلى السماء وعبادة الخالق. فالعدالة هي في حب الله للإنسان وتكريمه وفي انتماء الانسان إلى السماء وكرامة الاديان لا يعطيها الانسان بل تعطى من الله خالق السماء والارض فالكل من الله واليه يعود.

هذا الوعي الذي يستوعبه شيخ الازهر والبابا فرنسيس يعطي للإنسان الكرامه الواجبة.

إن مفهوم الاخوة الانسانية يحرر كل انسان من ظلم اخيه الانسان وتحرر النفس من عبودية الخطيئة والنظرة الشاذة من البعض تجاه البعض الاخر. هذا المفهوم الجديد في الوعي على معنى الاخوة يطلق العنان والسباق والتنافس نحو التطور وخاصة التطور النفسي الذي يحرر النفس من رفقة الشيطان القابع بعقلية وقلوب البعض تجاه الآخر.

فقد فهم الاماراتيون مغزى الدعوات للبابا وشيخ الازهر في محاولة للتحرر من عقدة النظر الديني الضيق وهي خطوة خروج من دائرة ابقاء الاديان في فتن وتحارب كما تريد اسرائيل والغرب عموماً وهي خطوة متقدمة نحو التحرر العربي بشكل عام من العقد والمفاصل الدنيئة.

وقد اظهر الاماراتيون مدى الوعي على ضرورة مثل هذه الخطوة. فصناعة التحرر النفسي وخلق الوعي هي اهم ما يصنعه العقل.

فالعقل الناظم للفكر والمنتج للسلوك الايجابي هو عقلانية متقدمة نحو العلمانية المتحررة من القيود الدينية. خطوة الدعوة والاخوة الانسانية هي خطوة متقدمة نحو الحرية المطلقة بأبعادها الديمقراطية والعقلانية والعلمانية واصطلاح الاخوة الانسانية هو اصطلاح متفوق في حقل التحضر والتقدم وهو اصطلاح يمحي العقد والعنعنات والتزمت ويعيد الانسان إلى انسانيته التي افتقدتها البشرية تبعاً للمصالح واللهاث وراء الماديات.

الاخوة الانسانية محاولة لإصلاح ما افتقدته البشرية من اعتراف واقرار بوداعة السماء ولطف الله تجاه البشر وهي رسالة للأجيال القادمة ان البشر أخوة فوق كل مفهوم منحرف.

(الرأي الأردنية)