موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الخميس، ٤ ابريل / نيسان ٢٠١٩
تفعيل الدور الإرشادي بالمدارس يرفع وعي الطلبة بمواجهة الظواهر الغريبة

منى أبوحمور - الغد :

لا يخفي أولياء أمور تسلل شعور الخوف الزائد على الأبناء بعد قضايا جديدة طرأت على المجتمع، إذ يرون أن العالم الخارجي أصبح أقل أمانا، وهو ما يتطلب المزيد من التوعية والحرص والحذر اتجاه الأطفال.

بالوقت ذاته، يدرك آباء أن هنالك مبالغة من قبل الكثيرين بنشر أخبار وإشاعات عديدة عندما تطرأ قضية جديدة على السطح، تحديدا بما يتعلق بـ “إختفاء الأطفال”، وخروجهم من منازل ذويهم وعدم عودتهم، تلك الأخبار التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي بالرغم من عدم ثبات صحتها حتى الآن. ولكن ذلك لم يمنع من دق ناقوس الخطر وقلق الأهالي المضاعف على الأبناء.

محاولة الأربعينية أم عمر لم تنجح في رفع وعي طفلتها التي لم تتجاوز الخمسة أعوام لحماية نفسها من الغرباء، براءتها وعفويتها لم تسعفاها في فهم ما طلبته والدتها منها بعدم الكلام مع الغرباء.

تقول “ليس من السهل على طفلة بعمر الخمس سنوات أن تستوعب مصطلح الخطف أو الإعتداء”، معتقدة أن في ظل وجود بعض الظواهر الغريبة في المجتمع لابد من أن يكون للمدرسة دور كبير في توعية الأطفال وانتقاء الألفاظ التي تناسب أعمارهم دون أن تشكل لهم صدمة.

من جهة أخرى آثار فيديو تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي لأستاذ في مدرسة يعلم طلابا في مراحل التعليم الأولى، كيفية الدفاع عن أنفسهم إذا تعرضوا للاختطاف أو أي محاولة اعتداء؛ إعجاب العديد من أولياء الأمور الذين تناقلوه بشكل كبير، مثنيين على الدور التربوي في رفع وعي الطلبة وتدريبهم على التعامل مع التغيرات التي تطرأ على المجتمع.

تعامل معلمة الصف الثالث دعاء الحياري في إحدى المدارس الخاصة مع سيل الأسئلة التي انهال بها الطلاب عليها صبيحة اليوم التالي لنشر خبر اختطاف الطفلة نيبال وقتلها، جعلها تدرك أنها أمام مشكلة حقيقية لابد من توضيحها وتبسيطها للطلاب لتبديد مخاوفهم.

وتقول “الطلبة يسمعون من المعلم ويثقون به دائما”، كما أن مواجهة الظواهر الغريبة يجب أن يبدأ من المدرسة أولا، ورفع الوعي بكيفية التعامل مع الأحداث وتجنب الاستغلال أو حتى مرافقة الكبار، إذ أن ذلك أمرا في غاية الأهمية سواء بوجود حوادث أم لا، والأصل أم يكون نهجا في البيت والمدرسة في آن واحد.

وتؤكد الحياري أن تفعيل دور المرشد التربوي في المدارس الحكومية والخاصة أمر في غاية الأهمية ويساعد الطلبة في تجاوز العديد من المواقف التي تواجههم في أعمارهم الحرجة، خصوصا في المراحل التعليمة المبكرة.

كما أن الاعتراف بوجود مشكلة وإن لم تكن ظاهرة هو نصف الحل بحسب أبو مراد، الأب لأربعة أطفال أكبرهم 12 عاما وأصغرهم ثلاث سنوات، إذ لم يعد يشعر بأمان على أطفاله، خصوصا أنهم يذهبون إلى المدرسة سيرا على الأقدام.

وبالرغم من أن المدرسة لا تبعد سوى أمتار معدودة عن البيت، إلا أن ما يسمعه جعل الخوف مضاعفا لديه، متابعا أن الاعتماد على الأهل في توعية الأبناء لا يكفي، إذ أن مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار التي تتناقلها أصبحت بين يدي الأولاد، وجعلتهم على إطلاع بكل شيء، وهنا لابد من أن يكون للمدرسة دور في فلترة معلومات الطلاب وتحذيرهم.

من جهته يؤكد اخصائي علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع على أهمية دور وزارة التربية في توعية الطلاب بكافة الظواهر التي تخص الأطفال في المجتمع وليس فقط “الخطف”، وتوجيههم بكيفية التصرف والتبليغ في حال تعرضهم لأي حالة من الاعتداء.

ويشدد على ضرورة أن يكون هناك تواصل بين الأسرة والمدرسة حتى تمارس جزءا من دورها من خلال التربويين والإرشاديين الموجودين فيها، من خلال بعث رسائل توعية ونشرات لرفع الثقافة لدى الأطفال وذويهم في التصدي وكيفية التعامل مع بعض الظواهر الغريبة التي تطرأ على المجتمع.

وعلى الأسرة، وفق جريبيع، مراقبة الأطفال، وعدم تركهم على مواقع التواصل الاجتماعي والحذر من الأخبار والمعلومات المغلوطة التي تنشر.

ويقول “ربما يكون خوف الأهالي مبالغا فيه، والسبب في ذلك نشر الصور والإشاعات”، مؤكدا على دور المجتمع في بث الطمأنينة والراحة النفسية وعدم المبالغة والتشويه في نقل المعلومات.

ويستدرك جريبيع بأن على الأجهزة الأمنية متابعة بعض القضايا المجتمعية، وإن لم تكن قد وصلت إلى كونها ظاهرة ودحض الإشاعات التي من شأنها زعزعة الأمن المجتمعي واستقراره، فضلا عن دورها التوعوي والإرشادي المهم.

ويجد جريبيع أن الدور الإرشادي في الكثير من المدارس “معطل”، وذلك يجعل الطلاب فريسه للإشاعات، وكذلك جهل التصرف في قضايا الاستغلال والاعتداءات، مطالبا أن يكون لدى “الوزارة” استراتيجية وبرامج وأنشطة للتعامل مع هذه الحالات وكل ما يتعلق بالأطفال.

اخصائي علم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنة يقول “حادثة الطفلة نيبال رحمها الله لايجوز أن تغطى بالإشاعة والتهويل”، مشددا على دور الأسرة في حماية أطفالها وإن كانوا في واحة من الأمان.

ويشير مطارنة إلى أن ما نسمعه من حوادث فردية ومتباعدة ينبغي أن لا يعمم، مؤشرا على دور المدرسة، توعويا وارشاديا، وبالتالي عليها توجيه الأطفال والتخفيف من حدة الأحداث التي تمس مشاعرهم، وتوعيتهم بأن الاختلاط بالكبار يخلق مشكلة كبيرة وأن نموذجهم الأب والأم فقط.

إلى ذلك، مراعاة التغيرات الاجتماعية، فالمجتمع غير متجانس وفيه عادات مختلفة، وفي ظل ذلك يجب ان تكون الأسرة حذرة في التبني والتعامل مع المشكلات فهي التي تبني شخصية الطفل وتبنيها وترعاها وتحميها.
ويؤكد مطارنة بأن المجتمع الأردني آمن ومستقر، ومازالت هناك روابط من المحبة والإخاء، وإن وجد بعض الأشخاص غير السويين الذين نبغي الحذر منهم.

ويلفت مطارنة إلى أهمية مراعاة المتغيرات الاجتماعية والقيمة الأخلاقية، واتباع أساليب تنشئة حديثة وتغيير أدوات التفكير والتعامل مع الأطفال وأن يكون لديهم وقاية وحماية لمواجهة أي نوع من الاستغلال.