موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢١ مايو / أيار ٢٠٢٢
تسريب مسودة رأي من المحكمة العيا الأميركية تسقط "حق" الإجهاض القانوني

مندوب أبونا في جنوب كاليفورنيا: سامح حنا المدانات :

 

تعجّ أروقة المحكمة العليا في واشنطن هذه الأيام بالحركة، منذ أن أعلن عن اختراق خصوصيتها وسريّة وثائقها المهمة. وهذا أمر يعتبر كارثيًا وخطيرًا، يضر ويسيء إلى سمعة المحكمة العليا. فقد تسرّبت وثيقة هامة، هي بالحقيقة مجرد "مسودة رأي" لم يتم التصويت أو اتخاذ قرار بحيالها بعد، حول موضوع إسقاط قرار اعتبار الإجهاض قانونيًا في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

هذا القرار الذي اتخذ منذ عام 1973 حينما تم التصويت عليه بواقع 7 أصوات (مع) مقابل صوتان (ضد)، اعتبر أن للمرأة حرية الرأي في تقرير مصير الجنين الذي تحمله في أحشائها، ضاربين بعرض الحائط حقيقة أن الإجهاض هو جريمة قتل بحق نفس بريئة وضعيفة لا حول ولا قوة لها للدفاع عن نفسها. ولم يكترثوا لحقيقة أن لا أحد لديه الحق بقتل نفس بريئة مهما كانت الأسباب والدوافع لذلك.

 

هذه الوثيقة التي تتكون من 99 صفحة، قام بإعدادها القاضي المحافظ صامويل اليتو (Samuel Alito)، أحد قضاة المحكمة العليا الأمريكية، ونشرتها صحيفة بوليتيكو (Politico). ومختصر موضوعها أنها تنتقد القرار المصيري المعروف بـ"رو ضد ويد" (Roe V Wade) وتطالب بإسقاطه، وتعتبره قرارًا  خاطئًا.

 

بعض الجهات تشكك بصحة هذه الوثيقة، إلا أن رئيس المحكمة العليا القاضي جون روبيرتس جونيور (John G. Roberts, Jr)، أكد أن الوثيقة حقيقية، إلا أنها جزء من الإجراءات الروتينية في المحكمة، حيث يقدّم أعضاء المحكمة اقتراحات أو آراء، لنقاشها والتصويت عليها. إلا أنها تبقى سرية وتخضع لتصويت الأغلبية والموافقة عليها من الأغلبية من عدمه. وبالتالي، لا يجوز نشرها أو تسريبها خارج المحكمة قبل عرضها على الأعضاء بشكل سري، والتصويت عليها.

 

وهذا ما يجعل الحدث أمرًا خطيرًا وإهانة لسمعة وكرامة المحكمة العليا الأمريكية.
 

وقد قام المناهضون لإسقاط هذا القرار بمظاهرات صاخبة، تتسم بالعنف، وقاموا بالتعدّي على إحدى الكنائس في مدينة بولدين بولاية كولاورادو، وخطوا على بابها كتابة شعارات تبين رأيهم: "لي الحق بالقرار بخصوص جسدي"، (My body my choice).

 

وفي المقابل قامت الجماعات المطالبة بإلغاء قانون الإجهاض (Pro Life) بمظاهرات سلمية معاكسة تطالب بحق الجنين بالحياة. وقد قامت قوات الأمن الخاصة بحماية المحكمة العليا بوضع المتاريس والحواجز المعدنية العالية لمنع المتظاهرين من الاقتراب من المبنى.

 

وفي لقاء أجراه ريموند ارويو مع أحد افراد الكونغرس الأمريكي، كريس سميث، وهو نائب رئيس الجماعة التي "تقف مع الحياة للجنين" قال الأخير إن أفراد جماعته من أعضاء الكونغرس يشجعون إعطاء صلاحية للمشرعين في الحكومة الامريكية لحماية "الأجنة" وأمهاتهم على مستوى الولايات والمستوى الفيديرالي. وأضاف أنه يشكر الله أن الكنيسة كانت وما زالت قوية وتحاول حماية الأمهات وأطفالهن غير المولودين، الأكثر ضعفًا وتعرضًا للقتل. وقد حان الوقت لإظهار شجاعتنا والتزامنا ورغبتنا في مجابهة الإجهاض، وهذا يشمل أيضًا حماية الأمهات اللاتي يصبحن هن أيضًا ضحايا الإجهاض، خصوصًا بعد أن يتم الإجهاض، لأن من يشجعون على الإجهاض لا يعتنون بهنّ بعد إتمام عملية الإجهاض. أما نحن، فإننا نعتني بهنّ ونقف معهنّ ونساعدهنّ. وأوضح أن الأغلبية في الكونغرس يوافقون على أنه ليس من العدل قتل نفس وهي في أحشاء المرأة.

 

أما الرئيس الأمريكي جو بايدين، والذي يعتبر نفسه كاثوليكيًا، فقد قال عقب تأكيد رئيس المحكمة العليا جون روبيرتس بصحة وثيقة مسودة الرأي حول موضوع حق الاجهاض، قال: إن هذا القرار جذري، وإذا حصل وتمّ عرضه للتصويت، فإني أرجو ألا يكون هناك كفاية من الأصوات لتمريره. أي للموافقة عليه.

ولدى سؤال المطران سلفاتور كورديليون، أسقف سان فرانسيسكو، عن رأيه فيما قاله الرئيس جو بايدن عن الاجهاض، أجاب قائلاً: "النقطة الأولى: بمجرد استعمال الرئيس لكلمة "إجهاض"، فإنه يعترف بأنها قتل للجنين. وهذا التصريح غير منطقي، فهو يقول قتل الطفل في الاحشاء. والنقطة الثانية: متى تبدأ الحياة، وهذا ليس سؤالاً دينيًا ولكنه سؤال علمي. فالعلم يقول أن الحياة تبدأ في الأحشاء منذ لحظة الحمل. فهذه طريقة فنية مختلفة لتسميتها "موضوع إيمان ديني" فإذا أخذنا بها، فإن على القانون أن يقوم برسم خط، ويقول بعد هذه النقطة لا يمكن قتل هذا الإنسان (الطفل). (أي تحديد الفترة المسموح بها لإتمام عملية الاجهاض). إذًا أما أن نقول أنها حياة بشريّة ولا يجوز قتلها، أو أن نقول أنه يمكن قتلها قانونيًا بعد هذا التاريخ من الحمل بها. فالحكومة هي من يقرر أي معتقد يجب أن نتبع".

 

ولدى سؤال الأسقف هل يجوز للرئيس أن يتناول القربان الأقدس. أجاب سيادته: إنّ هؤلاء الذين يشجعون الإجهاض، يعلمون أنهم على خطأ، لذا يتحاشون الإجابة على السؤال بصراحة "ماذا يوجد في أحشاء المرأة الحامل؟"، ويغيرون الموضوع. إذا فهم يعلمون أنهم على خطأ. وبذلك فهم مشتركون بالجرم وبالخطيئة، وهذه خطيئة عظيمة. ويحتاجون إلى الحلة بسر الغفران  قبل التقدم للمناولة.

 

أما الجهات الدينية الكاثوليكيّة في سائر أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تحثّ المؤمنين على الصلاة من أجل إنهاء اللجوء إلى الإجهاض في البلاد منذ سنوات طويلة. ورغم أن القرار النهائي للمحكمة العليا سيصدر الشهر القادم، فإنّ الجماعات التي تعارض الإجهاض وتطالب بالحياة للأجنَّة تقول: "حان الوقت الآن للصلاة وعدم تحويل الانتباه عن الموضوع".

وقد أعلنت إحدى محطات الراديو الكاثوليكيّة (Relevant Radio) والتي يمكن الاستماع إليها محليًا على محطة (930 AM)، أنها قد قامت حتى تاريخ اليوم، بتقديم 449115702 صلاة "أذكري يا مريم البتول الحنون" على نيّة إنهاء الإجهاض في امريكا والعالم.

 

ويقول أحد المذيعين في هذه المحطة حول الموضوع: "حتى لو قامت المحكمة بالتصويت لصالح إنهاء الإجهاض، فهذا لا يعني أنه سينتهي. فهناك قوانين ضد الجرائم، والسرقات الخ.. إلا أن هذه الجرائم ما زالت تحصل باستمرار في كل المجتمعات رغم ذلك".

 

لذا لنَضُمَّ صلواتنا إلى صلوات جميع المؤمنين بإنهاء الإجهاض في العالم، ولنطلب من الله باسم يسوع المسيح  وبشفاعة القديسة مريم العذراء الكلية الطهارة أن تتمّ مشيئة الله في العالم.