موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٢٢ مارس / آذار ٢٠١٣
تحديات امام البابا الجديد

د. جورج طريف :

في سابقة هي الاولى من نوعها انتخب الكاردينال الارجنتيني جورجيو ماريو بيرغوليو، لمنصب الحبر الاعظم، ويحمل الرقم 266 وهو اول بابا غير اوروبي ليسجل حدثا تاريخيا يعكس اتجاها جديدا منذ عشرات السنين ،لان عدد الكاثوليك يزداد ليس في اوروبا بل في امريكا اللاتينية وافريقيا.

ان هذا الاختيار يشير الى الاهتمامات الحالية للكنيسة الكاثوليكية فالبابا الجديد يسوعي، وهذا امر مهم ايضا، لان اليسوعيين منذ فترة بعيدة ينظرون بخوف الى سلطة البابا، ولدى الغالبية العظمى ميول يسارية ويعتقدون أن على الكنيسة أن تهتم اكثر بالمشاكل الاجتماعية والعدالة وانتقاد الافكار الرأسمالية،ويبدو ان اختيار البابا الذي حمل اسم فرنسيس الاول يشكل حلا وسطا حيث انه ارجنتيني من اميركا اللاتينية من اصل ايطالي كما انه حسم الصراع على المنصب بين الجناحين المحافظ والاصلاحي حيث يعتبر رمزا للجناح المعتدل واستطاع ان يتقدم على الكاردينال انجيلو سكولا، الذي كان يعتبر المرشح الاوفر حظا لاشغال الكرسي البابوي اذ حصل الاخير على اقل من ثلثي الاصوات المطلوبة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الاطارهو هل يتمكن البابا الجديد من مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الفاتيكان كاصلاح الادارة الفاتيكانية وازالة كل ما يشوه الصورة التي رسمتها وسائل اعلام عالمية في الاونة الاخيرة من فساد مالي وتبيض اموال ....بالاضافة الى مسائل اجتماعية لها مساس بتصرفات الكهنة... ومن جهة اخرى مواجهة مشاكل العالم كالاسلام السياسي والعلمانية وغير ذلك من القضايا التي يجب ان يكون للفاتيكان دورفيها ...؟ وهل من السهولة بمكان تفهم هذه التحديات ووضع الحلول المناسبة لها ....؟

الانباء التي رشحت حتى الان عن البابا الجديد الذي يتقن الايطالية والالمانية والذي وصل الى منصبه في ظروف عالمية بالغة الدقة مبشرة بالخير فهو حريص على العدالة الاجتماعية ويقرن القول بالفعل ما يدل على الحزم والصرامة ولم يقع ابدا في فخ الكبرياء حيث يمتاز بتواضعه وبساطته وانحيازه الى الفقراء والمساكين الامر الذي اكسبه االاحترام والتقدير من قبل الرعايا التي تولاها ابان فترات خدمته اللاهوتية ،كما انه يعد المشجع الاول للحوار بين اتباع الديانات لانه يعتبر ان على جميع الناس في الايمان السير معا، كل منهم حسب ايمانه وربما يكون ذلك احدى مميزات حبريته.

وما من شك في ان الذكاء وقوة الشخصية والشجاعة التي يتمتع فيها البابا الجديد بما في ذلك القدرة على الحسم عند الضرورة، مزايا لا بد منها لكن ما لا نعرفه عنه هو قدرته على ادارة الفاتيكان بطريقة تحافظ على مكانته ودوره الديني و السياسي والاجتماعي والانساني على مستوى العالم.

المهام امام البابا فرنسيس الاول جسيمة وتتطلب جهودا مضنية كما ان الكنيسة تحتاج إلى بابا يجيد فنون الحكم، وليس لاهوتيا فحسب كما تحتاج إلى بابا يجيد مخاطبة العالم، والاستماع الى مختلف الاراء ومنفتحا على كل الثقافات ويتجاوز حدود الكاثوليكية ويقدم الإيمان على أنه رسالة إيجابية كبيرة مثلما ينبذ العنف والارهاب وقتل الابرياء وويدعو الى احلال السلام بين شعوب الارض بغض النظر عن العرق واللون والدين.