موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
الاراضي المقدسة
نشر الأربعاء، ١٣ فبراير / شباط ٢٠١٣
تأملات الاخت مها الدير حول الموت

جمعها الأب رائد عوض أبو ساحلية - رام الله :

<p>ما أن سمعت خبر انتقال الأخت مها الى الديار السماوية حتى تذكرت المئات من النصوص التي كتبتها مها في التسعينات عندما كنا معا في مجموعة الصلاة &quot;الكرمة والأغصان&quot; في كنيسة يسوع الملك في المصدار..<br /><br />بحثت في هذه الاوراق الكثيرة والتي بودي نشرها كاملة، فتوقفت فقط عند بعضها حول الموت والحياة.. هذه الكلمات كتبت قبل عشرين سنة.. ولكنها حالية تكلمنا من خلالها عن ايمانها العميق بالالم والموت والحياة والقيامة بطريقة تكاد تكون صوفية..<br /><br />أتركها تكلمكم من هناك:<br /><br /><span style="font-size:16px;"><span style="color: rgb(0, 128, 128);"><strong>-تصُّور للحظة الموت</strong></span></span><br /><br />القلب يرتجف،<br />ونفسي المحتضرة تحترق،<br />فأشعر من صوت أنفاسي المزدادة خورها،<br />أنني على عتبة الموت.<br /><br />إلهي،<br />إني استسلم لك مطلقا في موتي،<br />كما استسلمت لك مطلقاً في كل لحظة من حياتي.<br />وإني لواثقٌ أن ما أحمله بأمانة شديدة في قلبي،<br />سيحيا معي حتماً إلى الابد.<br /><br />نعم،<br />إن ما عرفته هنا بصفة المثل الأعلى،<br />واضطرمت في حبه اضطرام التقوى والشباب،<br />ما سميته ذروة مُناي،<br />ما بذلت لأجله ذاتي،<br />أشاهده بادياً هناك،<br />بصفة أكثر جمالاً وتألقاً.<br /><br />وبينما تزول حواسي على مهل،<br />تحملني نسمة الى فوق،<br />نحو أعالي الله،<br />نحو لقاء الحبيب الدائم.<br />آمين.<br /><br /><span style="font-size:16px;"><span style="color: rgb(0, 128, 128);"><strong>- تأمل في القبر </strong></span></span><br /><br />القبر عميق هاديء<br />يغمره سكون أخّاذ،<br />فيه يختم الانسان سيره المتعب.<br /><br />نعم،<br />اننا لا نبلغ الرحلة المشتهاة،<br />الا في القبر،<br />لأننا لن نصل الوطن الا من الباب الضيق.<br /><br />في القبر نهاية الالم،<br />وفيه أيضا يزرع الامل،<br />ليس الرجاء وهما فارغا،<br />فإن القلب يعلن بصوت عال،<br />اننا قد وُلِدنا،<br />لما هو خيرٌ من هذه الحياة.<br /><br />القلب التاعس،<br />في هذه الارض،<br />الذي تهيجه عواصف شتى،<br />لا ينال السلام الحقيقي،<br />الا حيث<br />يكف عن الخفقان.<br /><br /><span style="font-size:16px;"><span style="color: rgb(0, 128, 128);"><strong>- صوت من القبر</strong></span></span><br /><br />لماذا تحدق بي أيها المار بقبري؟<br />لماذا تتأملني أنا المحوَّل الى رماد؟<br />لقد كنت انساناً،<br />لا يقل عنك من كل وجه.<br />كنتُ مثلك،<br />وسون تكون مثلي،<br />في آخر أيامك،<br />ولن يجديك العالم نفعاً<br /><br />تأمل جيدا فيَّ،<br />ولاحظ أني قد طرحت في ديجور اللحد،<br />حيث ليس من ضياء منير،<br />وتذكر أيضاً أنك سوف تأتي هنا،<br />وسوف نتساوى بالنتانة،<br />ونتحول أنا وأنت، ونفنى أنا وأنت،<br />إلى أن ينادينا الصوت الُمحيي،<br />من حيث نوجد مطروحين.<br /><br />أيها الإنسان، لا تتكل على مجد العالم البهي،<br />لأنه لن يفيدك يوم الموت، يوم الدينونة.<br />ثبِّت حياتك بمصدر الرجاء الوحيد،<br />الذي سوف يرفعنا جميعا من هذه الحفرة،<br />لنتهلل في يومه المفرح.<br />آمين<br /><br /><span style="font-size:16px;"><span style="color: rgb(0, 128, 128);"><strong>- اليقظة في عالم آخر </strong></span></span><br /><br />نم يا فؤادي،<br />واسترح بسلام،<br />فإن الحياة نائمة في الأرض،<br />والقمر ساهر في أبهة هادئة،<br />والكون مغمور لحظ سماوي.<br /><br />نم يا فؤادي،<br />مفصولا عن الخوف والغم،<br />إن من يُعنى بهذا الكون.<br />يعتني أيضا بقلب من القلوب.<br /><br />نم يا فؤادي،<br />آمناً في كنف المحبةـ<br />مقوى بالايمان،<br />متأصلاً في الرجاء.<br /><br />نم يا فؤادي،<br />بكل هدوء،<br />واذا قـدَّر لك الموت،<br />هناك في الليل،<br />فستكون قد استيقظت،<br />هـنــــاك !!!!<br /><br /><span style="font-size:16px;"><span style="color: rgb(0, 128, 128);"><strong>- إنها السماء</strong></span></span><br /><br />أحلم في كثير من الأحيان،<br />ونظري مًحدِّق إلى سرب النجوم الشاطع،<br />انني ضيف عند الله،<br />في سمواته الطاهرة،<br />إن خير شيء للنفوس<br />أن تكون عندك.<br /><br />حليمة عيناك،<br />وعميق سطوعها المعانق للعالم بالحب.<br />تعبة نفسي،<br />فارفعها واحملها في ذراعيك الناعمتين.<br /><br />فرحي أن التصق،<br />في فيضان ألمي،<br />بذاك الضياء الساطع،<br />وأنعم بلا حدود بتلك السعادة الفائقة.<br /><br />اذا كنتُ موجوداً،<br />فما ذاك دون شك،<br />إلا لأن السماء موجودة،<br />ولأن فيها إلهاً يحبني.<br /><br /><span style="color:#008080;"><strong><span style="font-size:16px;">- لا للموت</span></strong></span><br /><br />اذا انحدر نحوي ملاك الموت<br />بابتسامته الغريبة،<br />وتطايرت روحي كالبخار،<br />فاعلموا أني لا أزال حية.<br /><br />اذا أضاءت فراشي بنور باهت<br />شمعة ضئيلة تتلوى محترقة،<br />فاعلموا أني لا أزال حياً.<br /><br />إذا لفوني،<br />أنا وجبيني المندى بالدموع،<br />بكفن بارد كالصخر،<br />فاعلموا أني لا أزال حياً.<br /><br />اذا رنَّ جرس الموتى،<br />وتناثر البخور في أرجاء الكنيسة،<br />وردد الكاهن بعض الصلوات،<br />فاعلموا أني لا أزال حياً.<br /><br />اذا انصرف احبائي،<br />في النحيب والبكاء،<br />وهم يلبسون السواد،<br />فاعلموا أني لا أزال حياً.<br /><br />اذا أعدوا لدفني حفنة من التراب،<br />وحفرة صغيرة في الأرض،<br />فاعلموا أني لا أزال حياً.<br />فإن كان ملك الموت قد مات<br />فلن يبقى أبدا من يموت،<br />لذا، كونوا على يقين يوم وفاتي،<br />بأني لا أزال حياً.<br /><br /><span style="font-size:16px;"><span style="color: rgb(0, 128, 128);"><strong>- اللقاء الأبدي </strong></span></span><br /><br />إني أعلم يا رب، أن هناك آخرة في حياتي،<br />هناك سنتي الأخيرة..<br />هناك يومي الأخير.. ساعتي الأخيرة..<br />هناك آخر خفقة لقلبي.. وهناك نَفَسي الأخير..<br />وهناك آخر كلمة اتلفظها.. وهناك آخر عمل أقوم به..<br />هناك آخر ومضة في ذاكرتي..<br />وهناك آخر شخص أراه..<br />وهناك آخر هاجس يخطر ببالي..<br />وهناك آخر منظر تقع عليه عيني..<br />وهناك آخر دفقة من دفقات روحي المشتاقة..<br /><br />وهناك لحظة الموت السعيدة..<br />فيا لهنائي وأنا أموت بهدوء بين يديك،<br />وقرب مريم أمي، ومار يوسف وسائر القديسين..<br />تحيطون بي، لا في موكب جنازة كئيب،<br />بل في موكب النصرة والمجد،<br />حيث نورك يلمع،<br />وحيث مجدك يسطع،<br />فاتحد بك بلا لحظة فراق،<br />إلى الابد.<br />آمين.<br /><br /><span style="font-size:16px;"><span style="color: rgb(0, 128, 128);"><strong>- وأنهي هذا الغيض من فيض القلب الكبير بكلماتها الجميلة التي تخاطب بها الموتى:</strong></span></span><br /><br />إن أيامنا مهما طالت،<br />فهي وشيكة الانتهاء،<br />في هذه الارض الغريبة،<br />حيث الدهشة والانتظار العجيب،<br />اننا سنسرع بالمجيء اليكم،<br />فاصغوا انتم أيضاً،<br />الى حسراتنا وتنهداتنا،<br />ونحن هنا، في اماكننا، قبل الرحيل.<br />آه أيها الموتى ما أحلى التنعم بالحياة معكم في الملكوت السماوي.<br />آمين.</p>