موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ١٣ مارس / آذار ٢٠١٨
بتكاتف الأيدي.. أحلام ووالدتها تنتصران على السرطان

منى أبو صبح - الغد :

بالإرادة وتكاتف الأيدي، نجحت العشرينية، أحلام عثمان، ووالدتها المصابة بمرض السرطان، بمواجهته والانتصار عليه، بتعافي الأم وشفائها.
بدأت قصة التحدي، عندما قررت الأم مواجهة المرض، عقب إجراء الفحوصات اللازمة، وتأكيد الأطباء لها إصابتها بسرطان الثدي، وبمراحل متقدمة.

وكأي إنسان يكتشف إصابته بهذا المرض اللعين، يخوض مرحلة الاستنكار، ثم يقرر أن يواجهه وينتصر عليه، أو يتمكن منه، فلم يكن من الأم سوى اتخاذ القرار الأول، بحيث جمعت أبناءها حولها، وأخبرتهم أنها تشعر بإعياء شديد، وتتمنى منهم مساندتها في تخطي المرض، بدون الكشف عنه للأبناء.

شعور الأم وقلقها الدائم على أبنائها في الحياة، حتى بأصعب أوقات، دفعها لإيكال مهمة الطهي على ابنتها الكبرى "أحلام"، بالرغم من أنها لم تتجاوز حينها الصف الرابع الأساسي، فلم يكن منها سوى تشجيعها واصطحابها للمطبخ، والبدء بتعليمها تدريجيا، لتهيئتها على تحمل المسؤولية.
تسللت العزيمة والإرادة من الأم للابنة، رغم صغر سنها، واستجابت لرغبة والدتها ومطلبها، ولم تأخذ وقتا طويلا، بل أصبحت طاهية صغيرة تعد وجبات الطعام لأفراد عائلتها.

وتروي أحلام "أخفت والدتي مرضها عنا جميعا لمدة ثمانية أشهر متتالية، لم يعلم أحد منا بحقيقة مرضها، حتى والدي لم يعلم بالمرض بسبب سفره خارج المملكة، فقط أخبرت شقيقتها الكبرى وإحدى صديقاتها المقربات".

وتقول: "حرصت والدتي على تعليمي تفاصيل كل شيء بالمنزل، ورغم دهشتي وشعوري بأنها تخفي أمرا ما، إلا أني لم أحاول معرفته، لحين اكتشافي عن طريق الصدفة أوراقا تؤكد إصابتها بالمرض، وأنا في الصف السادس الأساسي".

وتضيف أحلام: "لم أصدق ما رأيت، ودار بخاطري حينها اليوم الذي جلسنا فيه حولها، وتوصياتها الشديدة بالمحافظة على أشقائي، وحمايتهم من أي غريب.. وسارعت بالتوجه إليها وسؤالها، ما حقيقة ما قرأت؟، فابتسمت، ومسحت على رأسي مجيبة: نعم أنا مصابة، لكن، والحمد لله تشافيت، وبمساندتك يا ابنتي الحبيبة".

تقول أحلام "قوة والدتي وهي تتحدث إلي بددت جميع مخاوفي، وكانت سببا رئيسيا في تقبل ما قالته، وعدم الشعور يوما بأن هذا المرض يقضي على الإنسان، إلا إن فقد الإرادة والعزيمة، ودعم من حوله".

وتتابع أحلام "كانت والدتي تتلقى علاجها اللازم في مركز الحسين للسرطان، وتتغلب على آلامها وأوجاعها أمامنا بتشبثها بالإرادة والأمل".

وفي ذلك الوقت، كانت أحلام تدير شؤون المنزل، وتعد أشهى المأكولات، وتجهز أطعمة العزائم المتنوعة، التي تلقى دهشة واستحسان ضيوف العائلة.
استطاعت أحلام الموازنة بين دراستها ومهامها في المنزل، وهذا الأمر أسهم في تولد الطاقة الإيجابية لديها ووالدتها.

وحصلت على شهادة الدبلوم في تخصص التصميم الداخلي والديكور، إلى جانب حصولها على دبلوم دولي بالبرمجة العصبية والعناية التلطيفية لمرضى السرطان، كما تلقت العديد من الدورات في فنون الطهي.

وتؤكد أحلام أن مرض والدتها، وهي بسن الثامنة عشرة، وحتى الآن، هو السبب في تنظيمها ما يزيد على خمسين مبادرة لمرضى السرطان، منها تبرعات، حملات توعية، نشاطات، زيارات، علاجات نفسية.

وتعلمت من والدتها أن مريض السرطان يجب أن يبقى لديه أمل، وأن الحياة جميلة وبسيطة، ويجب التحلي بإيجابية في مواجهة أي محنة، وهذا الأمر يتحقق بمساندة ودعم الآخرين له.

وفي الوقت الحالي، تبلغ أحلام السابعة والعشرين من عمرها، ولديها ولدان، ووالدتها تنعم بصحة جيدة، وتعمل مدربة فنون طهي، وتعد الطلبيات والتواصي، بعد أن لاقت مأكولاتها المتنوعة استحسان ورضا الزبائن.

تعد أحلام أشهى المأكولات الشرقية والغربية، السلطات، الحلويات بأنواعها، إلى جانب إعداد قوالب "الكيك" الخاصة بالمناسبات والأعياد، وتتفنن بإعداد "حلوى الكاسات" المتميزة بأنواعها ونكهاتها.

يتفاعل الجمهور مع أحلام عبر صفحتها الخاصة على موقع "فيسبوك"، بحيث تقوم بنشر العديد من الوصفات والصور الخاصة بكل طبق، إلى جانب النصائح والإجابات عن أي استفسار من قبل المشتركين حول إعداد إحدى المأكولات أو الحلويات.

وتدعو أحلام جميع مرضى السرطان إلى التشبث بالإرادة، وتؤكد أن تربية الأبناء على تحمل المسؤولية والأمل في الحياة، هو سلاح منيع ودائم في مواجهة أي محنة.