موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٧ يونيو / حزيران ٢٠١٨
بالحوار والشفافية تنجح المؤسسات

د. نبيل الشريف :

بدا واضحا أن فقدان الحوار وتعطل التواصل هي مشكلتنا الكبرى، فلم يعد كافيا أن تكون جهة واحدة مثل الحكومة مقتنعة بوجهة نظر معينة فالتحدي يكمن في قدرتها على العمل بروح الفريق وإقناع الأخرين برأيها. فقد إنقضى عهد الحكومات المُلهَمة التي لايأتيها الباطل من بين أيديها ولا من خلفها والتي تعتقد أن من حقها أن تناقش وتنفذ وحدها ماتعتقد أنه يخدم المصلحة الوطنية دون أن تشرح رسالتها ودون أن تضمن دعما لوجهة نظرها من الشركاء الآخرين على الساحة الوطنية.

أما الطامة الكبرى فهي تعطل آليات التواصل و غياب شرح الرسائل غيابا كاملا ، وقد يكون رأيك صحيحا مائة بالمائة ووجهة نظرك صائبة بالمطلق ولكن إذا لم تشرح هذا الرأي وتكسب مؤيدين وأنصارا لما تراه صوابا فإن كل ماتفعله سيذهب أدراج الرياح.

في الدول المتقدمة تعقد عدة مؤتمرات صحفية كل يوم في كل المؤسسات من قبل المسؤولين الإعلاميين المحترفين ، فهناك مؤتمر صباحي وآخر مسائي ، وقد يكون هناك مؤتمر آخر في فترة مابعد الظهيرة. وهذا عائد لقناعة المسؤولين هناك أنهم بحاجة لشرح مايقومون بهم وإعادة الشرح والتوضيح والإحابة على كل الأسئلة ، لأن أي غموض حول قرار ما أو قانون معين من شأنه أن يؤلب الرأي العام ويجعل الحكومة كلها تدفع الثمن ، وربما يدفعه الوطن كله.

لقد أصبحنا الأن امام واقع جديد أصبحت فيه وسائل التواصل الجديدة هي المسؤولة أولا واخيرا عن تشكيل الرأي العام متجاوزة بذلك الكثير من الهياكل السياسية ووسائل الإعلام التقليدية. ولايساورني شك أن كثيرا من المسؤولين في بلادنا غير مدركين تماما لحجم الإنزياح الذي حدث في المشهد الإعلامي ومازالوا يتعاملون مع الواقع الإعلامي الجديد بأدوات الماضي ومن أهمها المنع والحجب والرقابة علما أن هذه الأدوات غدث مثلومة وفقدت جدواها كليا في هذا الزمن.

إن الأدوات الوحيدة القابلة للحياة في هذا الوقت هي الحوار والتواصل والشفافية والقدرة على الإقناع والرد على تساؤلات الشباب عبر وسائل التواصل الإجتماعي ، فهل من المعقول أن عدد المسؤولين الرسميين الموجودين لدينا على منصات التواصل الإجتماعي لايتجاوز أصابع اليد الواحدة ؟

وإذا كان المسؤولون موجودين فإن معظمهم لايردون على أسئلة الشباب ولايعرضون مايفعلون بشفافية على المواطنين أولا بأول ، وكأنهم لايرون أن زعماء الدول والمسؤولين في الدول المتقدمة لاهم لهم سوى شرح رسائلهم للشباب صباح مساء عبر وسائل الإعلام الجديدة ، فترى أحدهم ينشر خبرا قبل إجتماع مهم سيعقده قائلا أنه لايعرف كيف ستسير الأمور في الإجتماع لأن الموضوع مدار البحث مع ضيف أجنبي صعب ومعقد شارحا موقفه منه وطالبا آراء المواطنين. وماأن ينتهي الإجتماع حتى يضع الناس في صورة ماتم الوصول إليه ، فيشعر المواطنون أنهم شركاء في كل مراحل إتخاذ القرار وأن رأيهم كان جزءا مما تم التوصل إليه من توجهات.

إلى هذا الحد يشرك الناس في إتخاذ القرارات وتكون آراؤهم موجودة داخل أروقة صنع القرار لأن الإجراءات التي تتخذ تمس حياتهم وتؤثر عليهم سلبا أو إيجابا ، فكيف تخفى عنهم الإجراءات التي تتعلق بصميم حياتهم ومستقبلهم ؟ ففي النهاية تذهب الحكومات ولكن المواطن هو الذي يدفع ثمن قراراتها وتوجهاتها ، فهل من العدل أن يكون المواطن شريكا في الغرم فقط أي في مرحلة تنفيذ القرارات دون أن يكون موجودا وممثلا في مرحلة إتخاذ القرار؟؟

لقد إنتهت مرحلة الحكومات المتفردة في الحكم إلى غير رجعة ، ونجاح أي حكومة يكمن من الأن فصاعدا في قدرتها في المقام الأول على الإنفتاح والحوار وشرح رسائلها للناس بشفافية وكفاءة وإقتدار>

(الرأي)