موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأربعاء، ٦ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٣
بادرة فاتيكانية للإستحقاق الرئاسي مطلع السنة

ألان سركيس :

يدخل دور الفاتيكان عنصراً جدليّاً في الحياة السياسية اللبنانية من حيث النفوذ والتأثير، فمنهم من يراه فاعلاً فيها، ومنهم من يراه لا يتعدّى الإطار الديني.

يربط بعض المراقبين الدور الفاتيكاني في لبنان من منطلق أنّ البطريركية المارونية وبقيّة البطريركيات الكاثوليكيّة في الشرق تتبعه، لكنّه يعطي البطريركيّة المارونيّة الأهمّية كونها تلعب دوراً محوريّاً ووطنيّاً في السياسة اللبنانية، أمّا البطريركيات الأخرى، فقد ظهر دورها بعد “الربيع العربي” عندما استُهدف المسيحيون في بعض البلدان العربية بالاعتداءات المسلّحة، ما يدلّ على البعد السياسي لعمل الفاتيكان.

أما القول إنّ الفاتيكان لا يملك قوّة نفوذ داخل لبنان، فهذا غير صحيح، لأنّه في الأساس ليس دولة سياسية عظمى مثل أميركا وروسيا، أو دولة اقليمية مثل ايران أو السعودية، وبالتالي ليست له أهداف ومطامع سياسية في لبنان، بل إنّ سعيه الوحيد هو للحفاظ على الوجود المسيحي في لبنان لكي يكون رافعةَ الوجود المسيحي الحرّ في الشرق.

يشغل إهتمامات الفاتيكان حالياً ملفان هما: الحفاظ على وجود المسيحيين في سوريا والعراق ومصر وسائر البلدان العربية حيث يتوجّس الفاتيكان من فتح باب الهجرة للمسيحيين السوريين، بعد هجرة مئات العائلات المسيحية يوميّاً عبر مطارات دمشق وبيروت وعمّان. أمّا الملفّ الثاني فهو انتخاب رئيس جمهورية لبناني في موعده الدستوري لأنه الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق، وفراغ هذا المنصب سيشكّل عنصر يأس اضافي للمسيحيين في هذه المنطقة وسط ما يعانونه من تهجير وعدم استقرار.

ويؤكّد مصدر فاتيكاني لـ”الجمهوريّة” أنّ “ملف رئاسة الجمهوريّة يأتي ضمن الملفات التي يدرسها الفاتيكان في إطار ملفات مسيحيّي المنطقة، وهو الآن في مرحلة استقصاء وتجميع عناصر ودرس الظروف التي تحوط بهذا الإستحقاق، وسيبادر مطلع السنة المقبلة في إتجاه القيادات المسيحيّة والزعماء اللبنانيين، لأنه لا يريد القيام بخطوة ناقصة منذ الآن، خصوصاً أنّ الموعد ما زال مبكراً لهذا الإستحقاق”، مشيراً الى أنّ “الفاتيكان لا يوفّر فرصة في المحافل الدولية ومن خلال ديبلوماسيته مع دول القرار إلّا ويحضّ على إجراء الانتخابات في موعدها”.

ويوضح المصدر أنّ "هذا الحراك على صعيد الرئاسة اللبنانية لا يأتي ضمن رغبة فاتيكانيّة بالتدخّل في الشؤون الداخلية، انما لتأكيد أهميّة هذا الإستحقاق وضرورة أن يكون الرئيس اللبناني قوياً ومقبولاً لدى الأطراف كافة، لكن من دون الدخول في تفاصيل الأسماء". مشدّداً على أنّ “تكثيف زيارات المسؤولين المسيحيين للفاتيكان غايتها إستمزاج الآراء واستكشاف تطورات الأوضاع في المنطقة واتجاه البورصة الاقليمية والدولية، لأنّ للفاتيكان علاقات دولية واسعة، لكن يجب النظر الى رتبة المسؤولين الفاتيكانيين الذين يلتقيهم هؤلاء، والمحادثات التي تحصل مع البابا فرنسيس".

ويؤكد المصدر انّ “البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي سافر أمس الى روما، لديه لقاءات محدّدة مسبقاً مع مسؤولين فاتيكانيين ومع البابا، وسيتناول الاستحقاق الرئاسي في لبنان والظروف المحيطة به لأنه يشكّل هاجساً لديه، وهو يدعو منذ مدّة الى ضرورة إنجازه في موعده الدستوري”.

اذاً، يشكّل هذا الاستحقاق هاجساً لبكركي والفاتيكان اللذين يدعوان الى توحيد الرؤية المسيحية لاتمامه بما يؤدي الى إنتخاب رئيس لبناني مسيحي قوي، بغضّ النظر عن الأسماء. وتعيش الساحة المسيحية حال ترقّب في انتظار تبلور معالم المبادرة الفاتيكانية مطلع السنة المقبلة، فيما يستكمل السياسيون المسيحيون الذين يجتمعون في بكركي مشاوراتهم توصلاً الى نتيجة يلاقون بها الفاتيكان الذي يعترف بأنّ هناك ملفات يؤثر فيها وأُخرى أكبر من قدرته.

فهل سيؤثّر في الملفّ الرئاسي؟.