موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ١٣ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
الوزير السابق والمفكر الأردني صبري ربيحات يكتب: ’كل عام وانتم بخير‘

صبري ربيحات :

من الصعب أن أتخيل الأردن بلا إخوتنا المسيحين فهم ملح هذه الأرض وماءوها، وهم ابناء المكان الذين احبوه واخلصوا له. الجذاميون والغساسنة واحفادهم في حمود والسماكية وادر والربة ومادبا وعجلون والرميمين والسلط ودبين في الحصن وشطنا واربد والمفرق وماعين والفحيص وفي الكرك والسلط وعمان والزرقاء والمفرق حفظوا تاريخ المكان وعرفوا طيات الارض وجعلوا منها ينبوع حكمة وحقول زيت وعنب وخوابي قمح وشعير وزبيب.

في مطلع القرن الماضي كان اهلنا في السماكية وحمود وادر يرسلون ابنائهم وبناتهم الى المدارس الكنسية ليتعلموا القراءة والكتابة ويزيلون شيئا من الامية التي كانت تعم البلاد طولا وعرضا. مع نشوء امارة شرق الاردن كان العشرات من هؤلاء الفتيان مع رفاقهم من الشراكسة والاكراد والثوار القادمون من سائر ارجاء العالم العربي نواة النظام الاداري للدولة. لقد اضاف كل من عودة القسوس ويعقوب العودات وروكس العزيزي والعشرات من الرجال الذين شكلوا طلائع الخريجين من السلط الثانوية الكثير من الابعاد للهوية الاردنية وعملوا على اكسابها خصوصية انفردت بها عن انماط الشخصية العربية التي سادت في البلدان المحيطة.

المسيحيون في الاردن لا ينظرون لانفسهم كاقلية دينية، ولا يتعاملون مع الثقافة الاسلامية على انها ثقافة الاكثرية، ففي حالات كثيرة تشعر وكأن كامل ابو جابر استاذًا في الثقافة الاسلامية فما ان يروي قصة او حادثة تاريخية او معاصرة حتى يشعرك بانه قادم للتو من الحجاز فيمطرك بالايات والاحاديث واقوال الصحابة. ولم اسمع يوما منذر حدادين يتحدث في امر دونما يمر على صدر الاسلام ويقتبس من الاحاديث والاشعار والايات ما يحعلك تظنه مؤرخا او مدونا للحديث والسير الاسلامية.

بالامس تداعى اصحاب النيافة ورجال الدين المسيحي والقيادات السياسية والفكرية من اخواننا المسيحين في كافة ارجاء الاردن لتلافي ما قد ينجم عن احد الاخطاء التي ارتكبها البعض وشكلت اساءة غير مقصودة للمشاعر الدينية لنا جميعا.

الخطأ غير المقصود الذي صدر عن الموقع الاخباري واعتذر عنه القائمون عليه لم يتغلب على روح التسامح والمحبة والسلام التي اصرت القيادات المسيحية في بلدنا على أن تسمو على كل الاخطاء والهفوات.

بروح المسيح ورسالته والمعاني التي تذكرنا فيها الاعياد تعامل مجلس الكنائس ورجالات الدين المسيحي الاجلاء حيث تقدموا ببيان مبهر يستحق ان يكون وثيقة نقتدي بها جميعًا. الاشارة الى احترام العقائد والاديان والحرص على وحدة النسيج الوطني والتذكير بالقيم والاخلاق التي حملها ودعا لها المسيح عليه السلام كانت الدافع وراء اعلام الاباء الاجلاء الجهاز القضائي بعدم ممانعتهم من اخلاء سبيل المتهمين بالاساءة. فيما قام به رؤساء الكنائس درس لنا في المحبة والعبادة والمعاملة والمواطنة احية لحراس الارض والحضارة تحية لمن جعلوا بلدنا اجمل واغنى فلكم من كل محب التقدير، فبكم وباخلاقكم تبنى الوحدة وتعالج الاخطاء.