موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٣ مارس / آذار ٢٠١٧
المهجرون العراقيون يضعون أجزاءً من حياتهم في ’الفسيفساء الحية‘
تقرير: رولا السماعين ، ترجمة: منير بيوك :

بهدف مساعدة المهجرين بسبب الحرب والإرهاب على إعادة بناء حياتهم، تم إطلاق مشروع في "مدينة الفسيفساء" الأردنية يرمي إلى تدريب المهجرين العراقيين بالمهارات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل.

تدعم بطريركية القدس للاتين مشروع "الفسيفساء الحية" في مدينة مادبا، الواقعة على بعد 30كم إلى الجنوب الغربي من عمّان، بالتعاون مع جمعية فرسان القبر المقدس في ألمانيا، وذلك بحسب ما ذكره الأب عماد الطوال، الوكيل العام للبطريركية، بهدف تعليم المهجرين العراقيين طريقة تصميم وحرفة الفسيفساء من أجل الحصول على قوتهم اليومي.

يمثل نهاد، (اسم مستعار)، 37 عامًا، واحدًا من بين آلاف العراقيين المسيحيين الذين لجؤوا إلى الأردن بعدما استولى تنظيم داعش الإرهابي على أجزاء من العراق عام 2014، مجبرًا إياهم أن يتركوا بلدهم، أو يواجهون الموت.

ومتحدثًا لصحيفة جوردان تايمز، يقول نهاد: "عملت كمدرس في علم الأحياء الذي أحببته. والآن أجد نفسي لاجئ، محطم، متعب وبائس جدًا. أنني أقول ذلك بالنيابة عن كل شخص أعرفه". وبالنسبة إلى نهاد و15 شخصأ آخرين، فقد باتت الحياة إلى حدٍ ما أكثر قبولاً منذ الالتحاق بمشروع "الفسيفساء الحية".

وتقوم البطريركية اللاتينية بتمويل المشروع من خلال تزويده بالمواد الأولية، التي تشمل على حجارة الفسيفساء، والصمغ، والإطارات والدهان، بحسب الأب الطوال. وبالإضافة إلى تعليم المهجرين العراقيين مهارة جديدة، يساعد المشروع كل عائلة على أن تجني مبلغ 10 دنانير كل يوم، وتخلق فرص عمل، إضافة إلى مساعدتهم على تغطية تكاليف حياتهم.

ويضيف الأب الطوال خلال زيارته الأخيرة إلى عمّان: "يهدف المشروع إلى منح الكرامة إلى تلك العائلات. وكونه يتم في ’مدينة الفسيفساء‘ من خلال علاقتها التاريخية إلى فن عريق، فليس هنالك من مهارة غير فن الفسيفساء التي ستبقى معهم وتفيدهم طوال حياتهم". فيما يقول نهاد: "نحن الآن منشغلون، بحيث أننا لم نعد نفكر بمشاكلنا كما كنا في السابق. إننا نتعلم قدرات جديدة ونطورها لمهارات جديدة".

من جانبها، تقول مديرة المشروع، السيدة رغدة زوايدة: "منذ بداية مشروع ’الفسيفساء الحية‘ في تشرين الأول من العام الماضي، تم تدريب كل مشارك لمدة شهر واحد، مما أجلب الفائدة إلى خمسة عشر عائلة".

ويتم في ساحة كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك تقسيم المهجرين إلى مجموعات؛ بحيث أن بعضهم يعمل في مجال صناعة الأرضيات الخاصة بالفسيفساء، فيما يعمل الآخرون على الجدران والصور. وتشير زوايدة إلى أن التعامل مع المهجرين كانت مهمة حساسة منذ البداية.

وتستدرك مديرة المشروع قائلة: "بسبب تأثرهم الشديد بأوضاعهم، عانى الكثير منهم من الكآبة والإحباط. لقد كانوا ملتصقين بهواتفهم النقالة طوال الوقت، ينتظرون دعوة أو رسالة من مسؤولين تمنحهم الأمل، أو جوابًا مقنعًا يوضح متى يتمكنوا من المغادرة، وهي القضية التي جعلت أكثريتهم يعاني من التوتر وسرعة الغضب".

إلا أنه في مدى وقت قصير تمكن المهجرون من الإبداع في مهنتهم الجديدة التي اكتسبوها، معبرّين عن تقديرهم للفرصة التي منحت إليهم ليجتمعوا مع بعضهم البعض، ويعبرون عن رضاهم للدخل المالي الذي ساعد معظمهم لكي يدفع إجرة سكنهم على الأقل.

إن مشروع "الفسيفساء الحية" هو جزء من مبادرة أكبر مخصصة إلى مساعدة المهجرين في مادبا، ويموّل ذلك جمعية الكاريتاس الأردنية بالتعاون مع السفارة الفرنسية. وبموجب تقرير الكاريتاس فإن عدد المهجرين في المدينة قد ازداد كون أن إجرة السكن والأسعار أقل منها في عمّان.

عن ذلك يقول السيد وائل سليمان، مدير الكاريتاس الأردنية، لصحيفة الجوردان تايمز: "إن للجمعية مشاريع عديدة في مادبا إضافة إلى مشروع الفسيفساء الحية". ويضيف "أنه من بين المشاريع العديدة التي توفرها الكاريتاس للمهجرين هنالك مهارات تدريبية تعينهم في حياتهم، كالنجارة والتدريب على إعادة التدوير للأفضل، والأشغال اليدوية (الفسيفساء، والخياطة، والتطريز، وصناعة الفخار والصابون والشمع)، إضافة إلى دورات في الطهي وتقديم الطعام".

ويتابع: "إن تأمين فرص حياة أفضل إلى المهجرين العراقيين في الأردن هو أحد الأهداف الرئيسية لجمعية الكاريتاس، ونحن نفعل ذلك بتقديم المهارات التدريبية، وإيجاد حاضنات أعمال في كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك في مادبا، حيث يعيش العديد من العراقيين المهجرين".

ويضيف سليمان: "ما تزال العائلات العراقية مجبرة على الفرار من بيوتها، وأن الذين يعيشون في الوقت الحالي كلاجئين غير قادرين على العودة، مما يؤدي إلى الزيادة المستمرة في أعداد اللاجئين العراقيين في الأردن".

وبحسب تقرير لجمعية الكاريتاس الأردنية، بموجب أرقام صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن عدد العراقيين المسجلين في المفوضية بالأردن هو 51837 في تشرين الثاني 2015، علمًا أن 89.6% منهم يعيشون في عمّان، و4.5% في الزرقاء، و1.9% في البلقاء، و1.3% في اربد.