موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
الاراضي المقدسة
نشر الأربعاء، ١٣ أغسطس / آب ٢٠١٤
الملك يدين اضطهاد المسيحيين في الشرق

الأب رفعت بدر - بالتزامن مع الرأي الأردنية :

العام الماضي، في مثل هذه الأيام، كانت لجان التحضير تسير على قدم وساق، من أجل مؤتمر دولي دعا إليه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وجرى في عمّان في أيلول 2013، لمناقشة «التحديات التي تواجه العرب المسيحيين»، وحظي المؤتمر على مدار يومين باهتمام اعلامي عالمي واسع، وقال فيه جلالة الملك: «ان الحفاظ على الهوية المسيحية العربية هو واجب وليس مسألة ترفيه».

وفي شهر أيار الماضي، استذكر جلالة الملك المؤتمر أثناء استقبال قداسة البابا فرنسيس في عمّان. وسلّطت وسائل الاعلام الضوء على الدور المحوري للاردن للحافظ على الوئام الديني، وعلى سبيل المثال، أثنى الكاتب الايطالي جاني فالنته في مقال له على الجهود النبيلة التي يقوم بها جلالته من أجل مسيحيي الشرق بمقال تمت ترجمته إلى عدة لغات ويحمل عنوان: «مسيحيو الشرق والخيار الأردني». (صحيفة لاستامبا الايطالية 7/5/2014).

وفي فترة ما بعد الزيارة الى اليوم، اشتعلت المنطقة من جديد، وما كان التحذير منه وقع بالفعل، وأصبحت المسيحية العربية في خطر جسيم، وبالأخص في سوريا والعراق، بعد شّن جماعات متسترة بالدين الهجوم تلو الهجوم على المكوّن الأساسي في المجتمعات العربية أي: المسيحيين.

وإزاء هذا الوضع المخجل لإنسان القرن الحادي والعشرين، تنسجم الرؤيتان الفاتيكانية والأردنية، في التعليق على الأحداث وفي الدعوة إلى الاّ يزج باسم الله تعالى، في حرب وتدمير: فالبابا فرنسيس أوفد هذه الايام الكاردينال فرناندو فيلوني، الذي عمل لدينا وفي العراق سفيراً بابوياً لعدة سنوات، وكان الممثل الدبلوماسي الأجنبي الوحيد الذي لم يخرج من العراق طوال الفترة الأصعب (2006-2011)، للذهاب الى العراق للتعبير عن قربه من الكنائس، برُعاتها ومؤمنيها، وكذلك لكي يكرّر على لسان البابا: «لا ينبغي حمل الكراهية باسم الله، ولا شنّ حرب باسم الله».

وفي ذات يوم وصول موفد البابا، أطلت وسائل اعلامنا علينا بمقابلة تاريخية مع جلالة الملك، وجه فيها عدة رسائل متسلسلة، وتعبّر عن حرص جلالته بأن يكون انموذجاً للصوت العربي المعتدل في عالم عربي يعاني من أزمات عدة في وقت واحد:

فما يحصل في الموصل، هو اضطهاد ممارس بحق المسيحيين، وقد أدانه جلالة الملك، ادانة صريحة، قل نظيرها، وأكد جلالته على أصالة المجتمعات العربية المسيحية في الموصل، فهي ليست طارئة، وليست اضافة ثقيلة الدم، وليست مؤقتة. ودعا الى ضرورة حماية جميع الطوائف الدينية وخاصة الهوية المسيحية، فهي ليست طائفة فقط انما هي هوية وشخصية وكيان وتاريخ مشرّف وحافل يرفع جلالته الصوت عالياً للحفاظ عليه.

وحذّر جلالته من خطورة استغلال الدين لأغراض سياسية، لأنّ الدين في جوهره محبة وتعاون وألفة ووئام, وليس قهراً وتهجيراً ونحراً وإفراغا للمنطقة من مكوّن مجتمعي أصيل. ولذلك فصل جلالته بين ما تقوم به تلك المجموعات في العراق عن الاسلام، فقال بالصوت الملآن «الاسلام منه براء». فما يحدث ليس ديناً ولا سلاماً وليس إسلاماً. ولقد تضافرت جهود عدة في السابق، وبخاصة بعد أيلول 2001، لتوضيح صورة الاسلام الحقيقي، وجاءت رسالة عمّان 2004 لتميز بين الارهاب والإسلام، الا ان مجموعات منغلقة ومتعصبة تجعل الأمور عصية على الفهم، وبحاجة إلى التوضيح والتمييز اللذين أتى بهما صاحب الجلالة.

وأخيراً وليس آخراً، وجه جلالته نداء لنبذ خطاب العنف الطائفي والفرقة المذهبية، الأمر الذي يحتاج كما قال جلالته، في مؤتمر العام الماضي حول المسيحييين، الى تضافر جهود المساجد والكنائس والمؤسسات التربوية المتعددة، لتنشئة الاجيال المقبلة، على تقبل الاخر واحترامه، والتعاون معه على البناء المستمر للمجتمع.