موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٧ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
الملك وجائزة تمبلتون

ابراهيم غرايبة :

يتسلم جلالة الملك عبد الله في 13 تشرين الثاني (الأسبوع القادم) في واشنطن جائزة جون تمبلتون، وهي جائزة دولية مهمة تمنح للأشخاص الذين يساهمون في الأعمال الخيرية والاكتشافات العلمية من منطلقهم الروحي. ومن الشخصيات التي منحت الجائزة من قبل الأم تريزا، والدالاي لاما.

وقد ذكرت رئيسة مؤسسة تمبلتون في إعلان الجائزة لهذا العام أن جلالة الملك يعتبر الإيمان وحرية التعبير الديني من أهم مسؤولياتنا وغاياتنا كبشر، وأنه يؤكد على التعددية في الإسلام في مواجهة مساع لفرض تنميط مزيف، كما أنه يمنح الجائزة تقديرا لالتزامه الراسخ في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وتوفير ملاذ آمن يكفل للمجموعات الدينية والعرقية المختلفة في الأردن حرية العبادة.

وعرضت المؤسسة مجموعة من إنجازات ومبادرات جلالته في هذا المجال، مثل رسالة عمان التي توضح حقيقة الإسلام، وتبين أن أعمال العنف والإرهاب لا تمت له بصلة. ومبادرة "كلمة سواء"، وهي رسالة مفتوحة من قيادات دينية إسلامية لقيادات دينية مسيحية تنشد السلام والوئام على أساس وصيتين مشتركتين بين الدينين، هما: حب الله وحب الجار. ومبادرة "أسبوع الوئام العالمي بين الأديان" التي أطلقها جلالته، وتبنتها هيئة الأمم المتحدة، وجهود جلالته في الحفاظ على وتطوير موقع عمّاد السيد المسيح (المغطس) الذي أعلنته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) موقعا للتراث العالمي. ومبادرات جلالته التعليمية، وتشمل: تأسيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية، ومسجد الملك الحسين بن طلال. وإنشاء زمالة لدراسة الحب في الدين في كلية ريجنت بارك في جامعة أكسفورد، بالإضافة إلى إنشاء وقفية لدراسة فكر الإمام الغزالي في جامعة القدس والمسجد الأقصى، ووقفية لدراسة فكر الإمام الرازي في الجامعة الأردنية. كما أشارت مؤسسة جون تمبلتون في إعلانها منح الجائزة إلى جهود الأردن بقيادة جلالة الملك، في استضافة ورعاية الملايين من اللاجئين.

وبالطبع فإن الجائزة مصدر اعتزاز لنا جميعا كأردنيين وعرب ومسلمين، إذ أن جلالة الملك أول قائد عربي يحصل على هذه الجائزة الدولية المهمة، وتجيء أيضا في موجة صعود التعصب والتطرف التي تجتاح العالم، وتلحق الضرر بمصالح الناس وحرياتهم الدينية والشخصية، وفي ذلك فإننا نبادر للمشاركة مع العالم في بناء التسامح والاعتدال والحريات الدينية والاعتقادية والفكرية، ونتقدم باتجاه أن نكون جزءا من العالم يتقبله ويتقبلنا.

نتحمل جميعا كمسلمين كل فرد في موقعه مسؤولية كبرى تجاه أنفسنا والعالم أيضا، ففي الكراهية بسبب المعتقد الديني والتعصب للذات تحدث جرائم كثيرة، ونواجه تحديات لأجل أن نعيش في سلام، وإذا استطعنا أن نحرر أنفسنا من الكراهية والتعصب حتى في ظل الصراعات والحروب والخلافات السياسية والاقتصادية فإننا نجعل الدين عاملا في إرساء السلام وتخفيف حدة الصراعات والأزمات، والعكس صحيح أيضا؛ ففي إقحام الدين في الصراعات والأزمات نزيدها صلابة وتماسكا، وتستمر لفترات طويلة، وها نحن المسلمين ندفع ثمن هذا التطرف والعنف أكثر من غيرنا، إذ أن 99 في المائة من ضحايا العنف على أساس ديني هم مسلمون، وإنه من المحير والمريب أن يكون التطرف والعنف المنتسب إلى الدين موجها إلى أتباع الدين نفسه! لكن وفي صعيد آخر إذا نظرنا إلى ما حدث للعالم منذ أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 فيمكن ملاحظة المعاناة والخسائر والجهود الإضافية التي تبذل في جميع أنحاء العالم بسبب الكراهية والتعصب الديني.

إن رفض الآخر والمختلف والتعصب للذات يعكس الضعف والخوف والشعور بالتهديد، لكن إذا كانت هذه المشاعر والأفكار غير مستندة إلى مخاوف حقيقية فإنها تضر بنا وتضعف ثقتنا بأنفسنا، والأردن بقيادة جلالة الملك تجنب وبنجاح موجة العنف الديني التي اجتاحت المنطقة، ويقدم جلالته ومعه الأردنيون مؤسسات وأفرادا ومنظمات جهودا طيبة لأجل إرساء السلام والتسامح بين المواطنين والمقيمين على مختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم الدينية والمذهبية والاعتقادية، .. ويمكننا أيضا أن نقدم لأنفسنا وللعالم مشاركات ومبادرات عملية للعيش معا والحوار والجدل.

(الغد)