موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ١١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
الملك فائزاً ومُكرّماً بجائزة تمبلتون

محمد خروب :

تشهد العاصمة الأميركية واشنطن يوم بعد غد الثلاثاء، حفلاً مُتميّزاً يتسلّم فيه جلالة الملك عبدالله الثاني جائزة تمبلتون للعام 2018.وهي جائزة تُمنَح سنوياً ومنذ العام 1972 , لِـ»شخص قدّم مساهمات وأعمالاً إستثنائية لِخدمَة وإثراء الجانب الروحي لحياتنا كبَشر»,وفق ما جاء في إعلان هيذر تمبلتون ديل رئيسة مؤسسة جون تمبلتون, عند إعلانها في حزيران الماضي فوز جلالته بالجائزة.لافتة إلى أنه «قد تم تصميم الجائزة لتكون أداة تمكّن الفائزين بها، وذلك من خلال تسليط الضوء على الأعمال التي يقومون بها، ليس بهدف تحقيق فائدة للفائزين,ولكن بهدف تحقيق فائدة أعظم لأفراد المجتمع الذين سيجدون في الفائِزين المثال والقُدوة».

من هنا يمكن التوقّف عند الأسباب والإضاءات التي تم وِفقها منح جلالته الجائزة, والتي يصعُب على أحد تجاهل مضامينها وأبعادها العميقة, في كل ما يَكفَل حريّة العبادة في الأردن, وما انطوت عليه المبادرات الملكية في مجال إرساء الوئام بين أتباع الأديان. سواء في ما خصّ إطلاق رسالة عمَّان التي تُدين أعمال العنف والإرهاب, وترفُض أي ربط بين تلك الإرتكابات وحقيقة الإسلام الذي أضاءت عليها الرسالة, أم في شأن مبادرة «كلمة سواء»، بما هي رسالة مفتوحة من قيادات دينية إسلامية لقيادات دينية مسيحية,تنشُد السلام والوئام على أساس وصِيّتين مُشتركَتين بين الدينين. هما: حُب الله وحُب الجار. ناهيك عن الحماسة التي قُوبلَت بها هذه المبادرة من قبل أوساط دينية وثقافية وإعلامية. ما أسهَم في تبنّي الجمعية العامة للأُمّم المتحدة نداء مبادرة» أسبوع الوئام العالمي للأديان» التي أطلَقها جلالته، إضافة إلى سلسلة مُكثّفة ومتواصِلَة من الجهود والمبادرات التعليمية التي أطلقها, إن في الحفاظ على وتطوير موقع عماد السيد المسيح (المَغطَس) الذي بات موقعاً للتراث العالمي، عندما أعلنته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، أَم في المبادرات التعليمية الملكية كتأسيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية، وإنشاء زمالة لدراسة الحُب في الدين في كلية ريجنت بارك في جامعة اكسفورد، إضافة إلى وقفِيّة لدراسة فكر الإمام الغزالي في جامعة القدس والمسجد الأقصى وغيرها من المبادرات، ناهيك عن إشادة مؤسسة جون تمبلتون في إعلانها منح الجائزة,بجهود الأردن بقيادة جلالته في استضافة ورعاية الملايين من اللاجئين.

حفل تسليم الجائزة سيكون استمراراً للتقليد الذي واصلته مؤسسة جون تمبلتون, منذ إشهار الجائزة قبل نحو من أربعة عقود ونيّف، كما يحظى الحفل باهتمام الدوائر الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية الأميركية، فضلاً عن الشخصيات رفيعة المستوى والتأثير التي تُدعى إليه. بخاصة أن الجائزة تُمنَح لِطيّْف من الأشخاص المتميزين, وتقديراً لإسهامات مُبدِعة وجديدة في مجال الأديان كالأعمال الخيرية، أو إنشاء مُنظّمات فِكرية تُثري الجوانب الروحية، أو تُسهِم بِشكلٍ عميق وبنّاء في الحِوارات المُتعلّقة بالدين والقِيم الإنسانية الإيجابية،من خلال وعَبر وسائل الإعلام.

مواصَلة مؤسسة جون تمبلتون منح جائزتها لِـ»47» شخصية عالمية من علماء وفلاسفة وشخصيات قيادية إصلاحية، يُؤشّر ضمن أمور أخرى,إلى أن القائمين عليها يُدركون أهمية الرسالة النبيلة التي تنطوي عليها فكرة الجائزة في الأساس، وما يُمكن للحوار بين الأديان وإرساء الوئام بين أتباع هذه الديانات في النهاية, من تعزيز الأمن والسلم العالميين. ويحكُم بالعُزلَة على دُعاة التطرّف والعنف, وبخاصة إذا ما نَظرّنا إلى أسماء بعض الشخصيات التي فازت بهذه الجائزة كالأم تريزا في العام 1973، والقِس الجنوب إفريقي ديزموند توتو قبل خمسة أعوام (2013). ما يعكس في الوقت ذاته المكانة الدولية الكبيرة للأردن,نموذجاً للعيش المُشترَك بين مواطنيه، ونصاعة صورة الإسلام السمحة في فضائنا الوطني.كذلك في ما ينطوي عليه من دلالات منح جلالته هذه الجائزة, كأول زعيم عربي يحظى بها، وَكَرجل سلام لا يتردّد في بذل جُهوده وإمكاناتِه ومَكانتِه لإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرِها.

(الرأي)