موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٥ مارس / آذار ٢٠٢٠
المطران شوملي في قداس عيد البشارة: الله تعالى أبٌ محبٌ رحيم لا ينتقم من أبنائه
المطران شوملي مترئسًا قداس عيد البشارة بمشاركة راعي الكنيسة الأب طوني هريمات ومدير المركز الكاثوليكي الأب رفعت بدر

المطران شوملي مترئسًا قداس عيد البشارة بمشاركة راعي الكنيسة الأب طوني هريمات ومدير المركز الكاثوليكي الأب رفعت بدر

أبونا :

 

أكد المطران وليم الشوملي بأنّ تفشي وباء الفيروس التاجي ليس عقابًا من الله للبشرية.

 

وقال النائب البطريركي للاتين في الأردن، في عظة القداس الإلهي الذي ترأسه في كنيسة العذراء الناصرية بعمّان، بمناسبة الاحتفال بعيد البشارة، دون مشاركة جموع المؤمنين: "نحن في حيرة وصدمة أمام الأحداث والأخبار التي أثرّت على العالم بأسره، ومتخوفون من عواقبها وتداعياتها على حياتنا. وقد وصل ببعضنا التفكير أن ما يحدث هو عقاب من الله للبشرية!".

 

وشدد سيادته على نفي ذلك؛ "فالله تعالى أبٌ رحيمٌ ومحبٌ، والأب لا ينتقم من أبنائه"، فبالتالي "يجب أن نبرئ ساحة الله. فهو تعالى لم يرسل هذا الوباء إلينا. وسنكتشف لاحقًا أن للإنسان ضلعًا في ما يحدث. والمستقبل كفيل بإظهار الحقيقة. ومن ناحية أخرى، نحن نؤمن بأن الله قادر أن يخرج الخير من الشر، لأن كل شيء يؤول لخير الذين يحبونه".

 

ومقتبسًا من عظة المدبر الرسولي في احتفال الناصرة، خلص المطران شوملي في عظته إلى القول: "لنطلب من مريم العذراء نعمة الإيمان والثقة بعمل الرب فينا وفي العالم. الثقة بالرب ستعطينا حياة جديدة، تمامًا مثل ذلك الطفل الذي نشأ في أحشاء العذراء، تمامًا مثل الحياة التي بزغت من القبر. حتى هناك: يد الإنسان قدّمت الموت، ويد الرب وحدها استطاعت أن تعيد الحياة".

 

وفيما يلي النص الكامل لعظة القداس:

 

أيها الإخوة والأخوات،

 

أحييكم في هذا اليوم المبارك كهنة ورهبانا وراهبات ومؤمنين أينما كنتم، وأهنئكم بعيد البشارة الذي نحتفل به هذه السنة في جو حزين كئيب. نحن في حيرة وصدمة أمام الأحداث والأخبار التي أثرت على العالم بأسره، ومتخوفون من عواقبها وتداعياتها على حياتنا. ووصل ببعضنا التفكير أن ما يحدث هو عقاب من الله للبشرية. أريد بداية أن أنفي ذلك. الله أب رحيم محب والأب لا ينتقم من أبنائه. يجب أن نبرئ ساحة الله. لم يرسل هذا الوباء إلينا. وسنكتشف لاحقا أن للإنسان ضلعا في ما يحدث. والمستقبل كفيل بإظهار الحقيقة. من ناحية أخرى نحن نؤمن بأن الله قادر أن يخرج الخير من الشر لأن كل شيء يؤول لخير الذين يحبونه.

 

والآن لنعد إلى نص انجيل البشارة لنستشف ما يريد أن يقول لنا الرب في الظروف المأساوية التي يعيشها العالم. أي كيف يمكن لكلمة الله أن تغذي فكرنا وتعزّز رجاءنا اليوم.

 

البشرى السارة اليوم التي تقوي رجاءنا هي أنه لا شيء مستحيل على الرب (لوقا 1، 37). ونجد في المقطع الإنجيلي لعيد البشارة حالتين مستحيلتين صارتا ممكنتين. الأولى مريم العذراء التي حملت دون أن تعرف رجلاً (لوقا 1، 34) وإليصابات، المسنة والعاقر، التي أصبحت حاملا وهي الان في الشهر السادس من الحمل (لوقا 1 ، 36). كلتا الحالتين، كما قلنا، مستحيلتان بشريًا، لكنهما حدثتا دون تدخل بشري. من خلال عمل الرب، أزهرت الحياة في أحشاء مريم وفي أحشاء اليصابات ولم يكن لها أن تزهر، وكيف لها أن تزهر، بدون جبروت الله؟

 

ماذا يعني ذلك لنا؟

 

"في زماننا هذا، غيّر الذكاء البشري والتطور الاجتماعي العالم تغييرا جذريا. يمكننا اليوم أن نفعل أشياء كانت تبدو، حتى وقت قريب، مستحيلة في المجالات العلمية والاقتصادية والتجارية. إن التقدم العلمي جعلنا كل يوم أكثر قدرة، وفتح أمامنا آفاقا أكبر وأوسع في جميع مجالات حياتنا الشخصية والاجتماعية. نحن نثق أكثر وأكثر في قوانا وقدراتنا وعقلنا".

 

أصيب الإنسان بالغرور وكاد يشعر أنه مثل جوليات الجبار قادر على كل شيء ويكاد لا يقهر. ثم أتي الفيروس الصغير وقلب كل موازيننا. "في غضون أيام قليلة، تزعزع النظام الاقتصادي والمالي في العالم كله، وكذلك العلاقات الدولية، والشخصية، والاجتماعية، والتجارة العالمية... كل شيء انهار أو على وشك الانهيار". وحلّ الخوف بدل القوة، والارتباك بدل اليقين. وشعر الانسان بضعفه وعجزه وحاجته الى المساعدة.

 

يدعونا المقطع الإنجيلي إلى أن نرفع نظرنا نحو الرب القدير الذي يحبنا ولا يزال يعتني بنا. لربما كنا قد استبعدناه قليلا عن حياتنا ووضعناه على الرف من فترة قصيرة أو طويلة. حان الوقت كي نصلي مع المزمور 120: "أرفع عيني الى الجبال من أين يأتي العون. عوني من عند الرب خالق السماء والأرض".

 

"يمكننا أن نفكر أن إنجيل البشارة هو إنجيل بعيد عن حياتنا الحاضرة، وأنه كبير جدًا مقارنة بالحياة البسيطة لكل منا. لكن الأمر ليس كذلك! إن ديناميكية هذا الحدث هي ديناميكية إله يرغب في التدخل في حياة الإنسان ويطلب، ببساطة، أن نسمح له أن يتدخل. هي ديناميكية الإيمان، ديناميكية علاقتنا اليومية مع الربّ، والتي لا يمكن، ولا حتى مأساة اللحظة الحالية، أن تضعها في موضع شك وتشكيك".

 

"نطلب من مريم العذراء نعمة الايمان والثقة بعمل الرب فينا وفي العالم. الثقة بالرب ستعطينا حياة جديدة، تمامًا مثل ذلك الطفل الّذي نشأ في أحشاء العذراء، تمامًا مثل الحياة التي بزغت من القبر. حتى هناك: يد الإنسان قدّمت الموت، ويد الرب وحدها استطاعت أن تعيد الحياة. هذا هو ما حدث. وبالتالي، دعونا مع مريم نسلم أنفسنا مرة أخرى إلى مخطط الرب وعنايته التي لا تقهر ولا تخذل أحدا".