موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٩ مايو / أيار ٢٠١٤
المطران الحاج: زيارة الراعي تكسر جدار الواقع ولا يتحدّانا أحد

ألان سركيس - جريدة الجمهورية :

لا يُسقط المطران موسى الحاج، رئيس أساقفة حيفا والأرض المقدسة للموارنة، من حساباته التداعيات السياسية للزيارة والعناوين التي سيَرفعها سيّد بكركي، البطريرك بشارة بطرس الراعي، لجهة المطالبة بحل عادل للقضية الفلسطينية وعودة المهجّرين الموارنة إلى قراهم خصوصاً قرية كفر برعم المارونية. وهنا نصّ الحديث:

• كيف تتحضَّرون لزيارة الراعي، وما هي الاجراءات التي تتَّخذونها؟

- مثلما زار البطريرك الأبرشيات المارونية في العالم، سيأتي هذه المرة الى الأراضي المقدّسة ليستقبل البابا فرنسيس مع بطاركة الشرق، وفي الوقت نفسه سيزور أبرشيّتنا، ونحن على أتمّ استعدادنا، ووضعنا برنامجاً لزيارة الرعايا كافةً، لكي يتعرَّف إليهم ويسمع مطالبهم ويستمعوا إليه. فالجميع فرحون، لأنّه وللمرة الأولى يزور بطريرك ماروني شعبه في فلسطين، والتحضيرات لا تشمل فقط الاستقبال الشعبي، بل هناك احتفالات فرح وصلوات وقداديس للإفادة من الزيارة رعوياً ومعنوياً.

• كيف تتوزّع مناطق تمركز الموارنة بين فلسطين وإسرائيل؟

- العدد الماروني الأكبر، أي نحو 90 في المئة موجود في أراضي الـ48، أي إسرائيل حالياً وقرب الحدود اللبنانية. في حيفا هناك 3500 ماروني، وفي الجش 2000 أصلهم من كفر برعم المهجّرة، وهناك 1500 ماروني في الناصرة، إضافة إلى تجمّعات في عكا ويافا والجليل.

• هذا يعني أنّ الزيارة ستكون إلى إسرائيل؟

- كلّا، هناك زيارة إلى بيت لحم، والناس طالبوا برفع القداس هناك مع العلم أنّ العائلات المارونية قليلة، والطلب أتى من رؤساء البلديات والفاعليات والكهنة الكاثوليك واللاتين والأرثوذكس.

• هل تتنقل كرئيس لأبرشية حيفا بطريقة عادية بين فلسطين وإسرائيل؟

- نعم، لا حدود هناك، فأنا أزور القدس من دون المرور بحواجز، فيما الزيارة الى بيت لحم تتطلب المرور على حاجزٍ إسرائيلي، لكن من دون أن يتعاطوا معنا.

• كيف تتفاعل هذه الزيارة في الأوساط الفلسطينيّة؟

- الفلسطينيون يرحبون بالزيارة، والرئيس الفلسطيني محمود عباس اعتبرها خطوةً جريئة للإعتراف بفلسطين وقد أصدر بياناً لهذه الغاية، لأنّ هذه الزيارة ستساعد على رفع الصوت من أجل حلّ القضية الفلسطينيّة.

• وفي إسرائيل؟

- لا نتعاطى مع إسرائيل، إلّا في القضايا الإدارية، ونحن نعرف دورنا ونحترم أنفسنا.

• ما صحّة الكلام عن شروط وضعتها إسرائيل على الزيارة؟

- هذا الكلام غير صحيح، ولا يستطيع أحدٌ طلبَ شيءٍ منا، وممنوع على إسرائيل فرض شروط على رئيس كنيسة، وإذا قرَّرت فعل ذلك، فنحن لا نخضع لشروط أحد.

• هل ستُقدِم اسرائيل على إحراج الراعي بإرسال وفد رسمي لاستقباله؟

- كلّا، جاء بطاركة كثر إلى الأراضي المقدسة ولم تُقدِم إسرائيل على خطوة مماثلة. وإذ فاجأتنا بذلك، سيكون تصرفاً غير مسؤول وسنرفضه، فالبطريرك ذاهبٌ إلى بلد ليرى شعبه، وإن كانوا هم الحاكمين فلا يستطيعون منعنا.

• هل هناك أبعادٌ للزيارة غير الأبعاد الرعوية؟

- للزيارة أبعاد كنسيّة ورعوية، أما الجانب السياسي فندع غيرنا يقرأه. في فلسطين يعيش نحو 200 ألف مسيحيّ ينتظرون البابا، فرحة الناس كبيرة، لكنهم يريدون وجهاً مارونياً عربياً شرقياً لبنانياً يطلّ عليهم ويهتمّ بهم ويُشعرهم بأنهم غير متروكين لقدرهم، وهؤلاء أبناء الكنيسة، ونحمل قضاياهم الصعبة، وهم يعيشون في بلد غريب عنهم ومضطهدون، ويتعرّضون للإحراج في كل المحطات، ويريدون قائداً يحمل قضاياهم ويدافع عنهم.

• ما الذي يمنع تنظيم رحلات حج من لبنان إلى القدس؟

- لأنّ الحجاج سيمرون على حواجز إسرائيلية، ونحن على عداء معها، القدس الشرقية فلسطينية ولها طابع عربي لكنها تحت السيادة الإسرائيلية، أما القدس الغربية فمحاطة بالمستوطنات، والاحتلال الاسرائيلي يمسك بالضفة الغربية، لذلك هناك عوائق كثيرة تحول دون الزيارات.

• هل وقّت الراعي لحظة زيارته جيداً؟

- بعدما زار البطريرك لبنان والعالم قال لي أريد أن أزوركم في اللحظة المناسبة، فكانت زيارة البابا إلى الأراضي المقدسة تلك اللحظة.

• هل سيرافق بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام البابا والراعي في زيارتهما إلى الأراضي المقدسة؟

- كلّا، فقد اعتذر بداعي العمل وسيكتفي بمرافقتهما إلى الأردن.

• هل تعتقد أنّ هذه الزيارة تعطي طابعاً شرقيّاً للموارنة بعدما كانوا يُتَّهمون بالانعزال والتقوقع؟

- فلسطين هي أمّ القضايا، ففي عام 1948 نشأت دولة اسرائيل، وتهجّرت 450 بلدة. بعض الفلسطينيّين غادر، وآخرون بقوا في مخيمات داخل فلسطين، وهناك مَن لا يزالون يحتفظون بمفاتيح منازلهم. القضية الفلسطينية شائكة، والبطريرك سيساهم على طريقته في حلها من خلال حضوره الدائم، والجميع يذكر نجاح البابا القديس يوحنّا بولس الثاني في محاربة الشيوعية من خلال الوقوف مع شعبه وزياراته الى البلدان لتحريرها من الشيوعية، والبطريرك يسير على خطاه، لكنّ هذا لا يعني أنه يتعاطى السياسة ويدخل باستراتيجيّة الجيوش. فالزيارة هي كسر جدار نفسي وواقعي على الارض ولنقول إننا نزور أبناءنا وهذا واجب علينا كما قال البطريرك على أرض مطار بيروت.

• الفاتيكان كان يطالب بتدويل القدس، فهل تساعد الزيارة بذلك؟

- البطريرك يتشاور مع الفاتيكان، والبابا يحتاج الى الراعي بجانبه ليستوضح منه بعض القضايا ضمن بطريركيته، ونعرف أنّنا نزور دولة معادية لكنّ الكنيسة هي فوق الحدود الجغرافية وتتخطّاها، والفاتيكان يلعب دوراً أساسياً في ربط مسيحيّي فلسطين بمرجعياتهم في الدول المجاورة ومن ضمنها لبنان.

• إذاً، هل ستترك الزيارة ترددات سلبية على الفاتيكان؟

- كلّا. الفاتيكان قويّ جداً ولا يستطيع أحد المسّ به، ومثلما قال السيد المسيح: «لن تقوى أبواب الجحيم علينا». نسير حسب ضميرنا، فالمسيح زار العشار والفريسيين لأنهم يحتاجون إليه أكثر من غيره، ومهما فعلنا سنبقى نتعرَّض لانتقادات، لكن سيكون لهذه الزيارة نتائج إيجابية. أهالي كفر برعم الذين تهجَّروا منذ 60 عاماً يطالبون بالعودة وسيجدون في الراعي مَن يحمل لواء قضيّتهم.

• ما هو وضع كفر برعم؟

- البلدة مدمّرة باستثناء الكنيسة، وموارنتها موزّعون بين حيفا وبقية البلدات. وقد تهجّرت بعدما ربح الأهالي الدعوة في ملكية أراضيهم في المحكمة العليا الإسرائيلية، عندها دمَّرها الطيران الإسرائيلي لمنعهم من العودة، لكنّ أبناءها سيزحفون لملاقاة البطريرك الذي يقصد بلدتهم.

• هل تخافون من استغلال إسرائيل الزيارة؟

- كيف ستستغلها؟ البطريرك سيرفع القداس في كفر برعم المدمّرة ليظهر للعالم صورة التهجير الإسرائيلي، وسيطالب بحلّ القضية الفلسطينيّة، وكلّ هذه الأمور تصبّ ضدّ مصلحة إسرائيل.

• كيف تصف وضع الموارنة داخل اسرائيل؟

- الموارنة يعملون بكل الأعمال، ولا يتعاطون مع الإسرائيليّين بسبب النكبة ولا ينضمّون إلى الجيش الإسرائيلي مثلما فعل الدروز، ويتكلمون العبرية والعربية ويحملون جوازات سفر إسرائيلية.

• هل سيغطّي الإعلام الإسرائيلي الحدث، ومن سيرافق البطريرك في الزيارة؟

- التغطية الإعلامية ستشمل وسائل الإعلام اللبنانية والعالمية الموجودة هناك، وبالطبع الإعلام الإسرائيلي مهتمّ بالزيارة، وسأكون برفقة البطريرك مع النائب البطريركي العام المطران بولس صياح، والزيارة ستستمرّ بعد مغادرة البابا الأراضي المقدسة.