موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٦ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
المسيحيون مواطنون لا إخوة

أحمد عبدالتواب :

تتحقق أكبر أهداف الإرهابيين فى مثل العملية الإجرامية الأخيرة فى المنيا عندما يغفل البعض الصفة الأساسية للضحايا كمواطنين، وعن أن لكل منهم نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات، لأن الانزلاق فى الأخذ بالبعد الطائفى بالتوجه بالعزاء إلى الكنيسة، أو إلى قداسة البابا شخصياً، هو بالذات ما يستهدف الإرهابيون ترسيخه، فى حين ينبغى أن يكون العزاء للرئيس بصفته مسئولاً عن جميع المواطنين، وإلى ذويهم وأصدقائهم وجيرانهم. كما أنه لم يعد مقبولاً أن يصر بعض رجال الأزهر، فى إدانتهم للإرهاب، على التذكير بعهود الذمة وبأن من آذى ذمياً..إلخ، ذلك إذا كنا بالفعل نبغى الخلاص من هذا الكابوس، وإذا كنا نحترم الدستور الذى ينصّ على المساواة بين جميع المواطنين ولا يعرف أهل الذمة.

والحقيقة أن هنالك بادرة تطور جديرة بالتقدير، فقد بدأ يتنامى بقوة على منصات التواصل الاجتماعى اتجاه يرفض ويستنكر أن يُوصَف الضحايا بأنهم الإخوة المسيحيون، لأن هذا الوصف، على ما يبدو عليه سطحياً من تهذب، ينطوى على الثنائية التى يحملها الإرهابيون من العصور الوسطي! وكذلك، وفى نفس سياق إفشال مستهدفات الإرهابيين، فإن التمسك بافتتاح مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ كما كان محدداً له، يعنى أن الحياة مستمرة ضد ما كان يخطط الإرهابيون، الذين تعمدوا أن تكون جريمتهم قبل موعد بدء المؤتمر بيوم واحد، بقصد إرباك الدولة وإيقاعها فى مجادلات يتوهم فيها البعض أن فى بدء المؤتمر مباشرة بعد الجريمة استهانة بأرواح الضحايا، فى حين أن الإصرار على عقده كان تأكيداً على فشل أحد مستهدفات الإرهابيين.

مشاركة الجميع فى هذا الظرف التاريخى مطلوبة، بإحساس ناضج بالمسئولية، فلايصح إلقاء الأعباء كاملة على الشرطة فى الوقاية من الإرهاب، مع جحدها حق أن تفرض تدابير أمنية قد تحظر مسارات ومزارات معينة فى هذه الظروف العصيبة. فقد فرضت أكبر الديمقراطيات الغربية فى السنوات القليلة الماضية حالة الطوارئ إلى حد حظر التجوال، فى مواجهة الإرهاب، لأن تقييد بعض الحقوق قد يكون شرطاً لتأمين الحق فى الحياة، وهو الحق الأول.

(الأهرام)