موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الأربعاء، ١٧ ابريل / نيسان ٢٠١٣
المسيحية لا تخشى ولا تخف من الإضطهادات والمحن

المطران كريكور أوغسطينوس كوسا :

الأحداث الأخيرة التي عاشتها الكاتدرائية المرقسية في العباسية من عنف وإرهاب وقتل و تحرش ... هزت العالم والضمير الإنساني، وزرعت الرعب واليأس في قلوب الكثيرين.

تاريخنا المسيحي المقدس يعلمنا بأن الكنيسة ولدت في ظروف صعبة وأليمة، فمن ميلاد الرب يسوع و العشاء السري ومن الصليب ولًد الله رجاء وزمنًا هو زمن القداسة والشجاعة والشهادة للحقيقة. إن كل مرة تجتمع الكنيسة لتحتفل بالذبيحة ورفع الصلوات والابتهالات، تتذكر رجاءها الذي يقوم وينهض بقوة المسيح الذي يقول لنا: "ثقوا إني غلبت العالم، تعلموني مني إني غلبت العالم"، انتصرت على العالم وإبليسه وتعاليمه وأباطيله.

المسيحية لا تخشى الاضطهادات والتحولات والمحن ولا تخاف من الصعوبات.

إن الازمات التي تمر بها الكنيسة هي دائما قرابين حية موضوعة على المائدة المقدسة ، لأن هذه الأخيرة ولدت من الأزمات والعذابات والضيق والشدة والألم والاضطهاد.

إن الكنيسة اليوم تجدد التاريخ في كل مرة يحمل أحد ابنائها الصليب ويرفع كأس الخلاص ويشربه بقداسة وأمانة للحفاظ على ايمان الاجداد ونقله إلى الأحفاد بإخلاص.

إن الكنيسة تجدد في كل مرة يجتمع أبناؤها حول المذبح السري والحمل الفصحي ليعيدوا لحظة إلهية لا تتكرر، بل يستعاد مجدها ورصيدها فيتذوق المؤمن منها طعم الحياة والرجاء.

الكنيسة لا تضع رأسها في الرمال، إنها تقف موقف العاقل والمتبَصر في ما الت إليه حالها. إن إله المسيحية هو هو بالأمس واليوم وإلى الأبد إله محبة.

وإن الصليب الذي تقوم عليه المسيحية وتستند إلى نعمه ما زال علامة انتصار وكرامة لكل مؤمن تجعله يخوض تجربة اليأس والقنوط والتغلب عليها وقهرها.

إن معنى وجودنا اليوم في مصر والبلاد العربية وحتى في العالم حيث الثورات و التغييرات السياسية، هي دعوة، ودعوتنا هذه لها معنى ومغزى، دعوة لنعيش حياة مشتركة مع إخوتنا بالمسيح ، ومع إخوتنا من الاديان والطوائف الأخرى، فنحن نشترك في الامهم واحزانهم وافراحهم، في قوتهم وضعفهم ، وفي ممارستنا لهذا الوعي نعرف أننا نغزي إيماننا ونجعله إيماننا حيا وفاعلا.

المسيحي يمثل أيضا كنيسته العالمية الجامعة وكلامنا يجب ألا أن يتوقف أمام انسداد أفاقنا ومستقبلنا بل علينا ان نتذكر دائما ينابيع عطايانا وأفاق وروح رسالتنا وروح إيماننا المؤسس على حياة وتعاليم معلمنا القائم من بين الأموات والقائل: "ثقوا، قد غلبت العالم".

نحن نحمل في قلوبنا وعقولنا وعروقنا ومسام أجسادنا بشارة المسيح المتجسدة في إنجيله ونحمل ايضا تعليم الكنيسة وعلينا واجب إلهي وضميري وأخلاقي ووطني.

ألا نوقع إخوتنا مهما كانت ديانتهم وعقيدتهم في مأزق أو ضياع من جراء تعاليم وفتن لا تستند إلا خبرشعب الله ولا يتوافق مع تعاليم الكتب السماوية.

وعلى الرغم من كل الاحقاد وظلامة العباد يبقى دماء شهداء الكاتدرائية والقديسين وماسبيرو والتحرير وبور سعيد وفي كل ميادين مصر حيث سفكوا دماءهم وسقوا بها الأرض التي سار عليها الانبياء وحمت السيد المسيح من سيف هيرودس ويده الغادرة، ستبقى وتقول: "يا رب اغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون". وسيقى رجاؤنا سراجا مضيئا في ظلمات هذا العالم الذي ينتصر له كثيرون. وستبقى رسالة السلام والمحبة والغفران التي أعطانا إياها السيد المسيح مشعلا يستضيء بالانجيل ليضيء الطريق أمام الذين استحقوا الطوبى من القادر على عطائها.