موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ١٨ سبتمبر / أيلول ٢٠١٣
الله يتألم.... لذلك يناديك

الإكليريكي ريمون حداد :

اصواتٌ سُمِعَتْ في العالم، بكاءٌ ونحيبٌ شديد، امهات تبكي على بنيها. وقد ابت ان تتعزى لأنهم زالوا عن الوجود.

الله:- يا بني، يا بني. أين أنت؟ أين قلبك؟ إن صوتَ دم أخوتك واخواتك قد وصل إليّ؟ لماذا فعلت هذا؟

الشاب:- من أنت؟ ماذا تريد؟ فأنا شابٌ حرٌّ، اريد أن افعل ما يحلو لي. فمن انت؟

الله:- يا بني. أنا خالق السماء والارض، خالق الإنسان وواضع الحياة فيهِ. خلقت الإنسان ليعيش إنسانًا ويحب كإنسانٍ ويتمتع بالحياة كإنسانٍ. أنا الذي ارسلت ابني لكي يعيد للإنسان كرامتَهُ التي سَلَبَتْها الخطيئة والشر. انا الذي ارسلْتُ ابني لكي يُعلّم الإنسان كيف يعيش انسانيتَهُ وكيف يخلّص حياتَهُ ويخلّص غيرَهُ.

الشاب:- اذا كنت أنت المخلّص، فلماذا يحدث كل هذا بالعالم؟ ولماذا تخاطبني انا؟ وماذا تريد مني؟

الله:- يا بني. بالنسبة لي، فإن قلبي يتفطرُ حزناً ويحترق ويتمزق ويتألم. لما يحدث بفلسطين موطئ قدمي، ولما يحدث بسوريا ولبنان والعراق ومصر وغيرها الكثير من البلدان. اني أتالم وألمي هذا يقودني للحزن، يقودني للتوجع. فكن على يقين يا بني بأن هذا ليس من صنع يدي، بل هذا كلهُ صنع حرية الإنسان الخاطئة. صنع الإنسان الذي اغلق قلبَهُ وعقلَهُ، وأصبح يُكرِّرُ ما عملهُ قاين بأخيه هابيل. أصبح يقتل اخاه وابنَهُ واقاربَهُ بدمٍ بارد. لماذا يا شعبي تعملون هذا؟ لماذا تعيدون الألم لي؟ لماذا تقتلون بعضكم بعضاً؟ هل المال والسلطة والشهرة والشر استحوذوا عليكم؟ هل ماتت ضمائركم وأخلاقكم ومبادئكم؟

تطلبون العدل وها أنتم تحكمون بالموت على غيركم وعلى اهلكم وابناء وطنكم وقريتكم. تطلبون الرحمة وانتم لا ترحمون لا الكبير ولا الصغير. تطلبون الحرية وأنتم تدمرون بيوت الله بحريتكم. تطلبون الاحترام وها انتم لا تحترمون لا الفتاه ولا المرأة ولا الكنيسة ولا الجامع ولا البيت. تطلبون المساواة وها انتم تقتلون النساء والأطفال الابرياء. لماذا يا بني؟

هل ماتت ضمائركم وأخلاقكم ومبادئكم؟

لماذا ادعوك وماذا اريد منك؟ فأنا أدعوك لأني احبك، احبك واريد لك الحياة. ادعوك لأنك ابني ولأنك طيب وجدير بالصلاح. ادعوك لأني اريد منك ان تخفف ألمي، وان توعي وتوقظ ضميرك الميت. اريدك أن تزرع السلام بدل الخصام، أن تزرع الحياة بدل الموت، ان تزرع الفرح بدل البكاء، ان تزرع الامل بدل اليأس، ان تزرع الحب حيث الكره والحقد والضغينة. اريدك ان تكون رجل سلام وحب وحياة وسط عالم تمزق، وسط عالم تفرق، وسط عالم مليء بالدماء، وسط عالم ماتت ضمائر واخلاق ومبادئ من فيه، وسط عالم اصبح الإنسان يكره اخاه الإنسان.
لا تخف قم وانطلق، وكن صوت الحق والعدل، قم وانطلق بين اصوات كثيرة لا تبالي بالخلاص بل تهتم بالسلاح والمال والسلطة والإنتقام. كل هذا يفعلونه على حساب الاطفال والشباب والشابات والنساء والرجال الابرياء.

قم وتشدد، بشر بالسلام وازرع ورد السلام وسط اشواك الدمار والتهجير والدماء. قم ولا تخف فانا معك، انا دعوتك لهذا ولن اتركك وحدك، لن اتركك لأني أحبك واحب كل البشر، ولذلك بعثتُ ابني للعالم ليخلص العالم بموتهِ على الصليب. ولهذا أنا ابعثك الآن يا بني، لتوقض في الإنسان كرامتَهُ واصلَهُ واخلاقَهُ وتذكرَهُ بمحبتي لهُ التي على مثالها يجب أن يحب وطنَهُ وبلدَهُ وحارتَهُ وأهلَهُ واصدقاءَهُ ومعارفَهُ وكل الناس. لتذكرهُ بعدل الله ورحمتِهِ، وتذكرهُ بأن الله هو الذي يحاسب الناس لا نحن البشر.

هيا يا بني قم ولا تخف. قم وايقض فيك السلام والحب والرحمة والعدل والمسامحة وأيقضهم بقلوب الآخرين. فعندها يفرح قلبي وانسى ألمي، ونعيش بسلام في ارض السلام، وتعيش انت في سلام مع الله ومع اهلك ومع كل مخلوق.

يا بني، يا بني لا تمت ضميرك فتقتل اخوك حباً بذاتك.
يا بني، يا بني اريد سلامًا، اريد سلامًا فلا تزرع الانتقام والخصام
يا بني، يا بني اريد سلامًا فعش بسلام وستنعم ببلد مليء بالسلام