موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٩ أغسطس / آب ٢٠٢٣
الكنيسة الناشئة تنتظر البابا فرنسيس... لماذا يذهب أسقف روما إلى منغوليا؟

جاني فالينتي - وكالة فيدس :

 

على بعد أيام قليلة من انطلاق البابا فرنسيس إلى أولان باتور، يتساءل الكثيرون ما الذي دفع البابا البالغ من العمر 87 عامًا إلى القيام بهذه الرحلة الطويلة لزيارة دولة يعيش فيها أقل من ألفي كاثوليكي. وقد تعدّدت التحليلات التي أشارت إلى الأهمية الإستراتيجية للزيارة البابويّة إلى الدولة الواقعة بين روسيا والصين، ومعظمها مثيرة للاهتمام في كثير من الأحيان!

 

يروي تقرير الفيديو السابع والأخير لوكالة فيدس، الذي أعدته تيريزا تسينغ كوانغ يي في ضوء رحلة البابا فرنسيس إلى منغوليا (31 آب-4 أيلول)، توقعات البابا في هذا البلد الكبير في آسيا الوسطى، وفي كنيسته الصغيرة. ومن خلال الصور والقصص والشهادات التي تم جمعها في منغوليا، تسمح لنا بإلقاء نظرة على أسباب الرحلة من خلال إتّباع مسارات قليلاً ما تؤخذ في عين الاعتبار.

 

 

لتثبيت إخوته في الإيمان

 

يسافر خليفة بطرس حول العالم -كما حدث أيضًا مع أسقف روما الأول- "لتثبيت إخوته في الإيمان". وفي اللقاء مع إخوته، يستمتع بطرس أيضًا بالثبات في إيمان الرسل. يقدّم البابا فرنسيس عرضًا شهادة على ذلك في كلّ رحلاته. لقد سبق أن قرأنا هذا في رسائل القديسين بطرس وبولس. "إن زيارة البابا إلى منغوليا"، كما كرر الأب بيترون تسيرينخاند سانجاجاف، وهو كاهن منغولي، في تقرير الفيديو، بأنها "هبة يقدّمها الله لجعل المؤمنين ينمون في الإيمان".

 

ويصف الكاردينال جورجيو مارينغو، المدبّر الرسولي في أولان باتور في مقطع من التقرير المصوّر، إيمان الرسل، ويذكر السمات المميزة للكنيسة الكاثوليكية الصغيرة في منغوليا. كما يتحدّث عن الإيمان "الذي لا ينحدر من قوى خارقة أو علامات خارجية، ولكنه يعتمد على الحضور الحيّ للرب القائم من بين الأموات، وعلى الحوار، وعلى رعاية الصغار".

 

ويرتبط الإيمان أيضًا "بأن نكون كاثوليكيين في حالة أقلية، ومهمشة أحيانًا".

 

ربما تستطيع الجماعة الكنسية الصغيرة في منغوليا -كما يتابع الكاردينال مارينغو- أن تقدّم لبقية الكنيسة هبة "نضارة الإيمان الذي يشكّك في نفسه، ويدع الواقع يشكك فيه". إنّ الهبة المجانيّة التي يربطها الكاردينال مارينغو ببعد "المحيط" الذي يشير إليه دائمًا البابا فرنسيس، والذي يمكن أن يختبره أيضًا أولئك الذين يعيشون في سياقات "يواجهون فيها أغلبية لديها نقاط مرجعية أخرى".

 

 

لديها ما تقوله للكنيسة الجامعة

 

تُشير الكلمات والصور الواردة في تقرير الفيديو إلى أن زيارة البابا فرنسيس إلى منغوليا ينبغي النظر إليها وفهمها على أنها من علامات الأزمنة. إن كنيسة منغوليا الصغيرة، بسمتها "المحيطية"، "لديها ما تقوله لبقية الكنيسة الجامعة" (مارينغو).

 

يذهب خليفة بطرس إلى منغوليا، قبل كل شيء، ليعانق تلك الكنيسة الصغيرة وتحتضنه، وربما ليشير ويذكّر الجميع بأنّ الكنيسة هي دائمًا، وفي كل مكان، كنيسة ناشئة، مستعطية في كل خطوة من خطواتها، لعطية النعمة الفاعلة، لـ"حضور الرّب الحيّ".

 

يمكن للكنيسة أن تعترف مرة أخرى بأنها كنيسة ناشئة، حتى في البلدان حيث يمكن للهيكليات الكنسية القوية أن تفتح الباب أمام إغراء السعي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي. وحتى أيضًا في المدن التي تبرز فيها الكاتدرائيات الرائعة والتي يبلغ عمرها ألف عام والمرتفعة نحو أعالي السماء.

 

 

بين الماضي والحاضر

 

إنّ الاعتراف بأنفسنا ككنيسة ناشئة، ومستعطية لحضور المسيح الحي، لا ينسى شيئًا من الماضي. تحتضن الذاكرة الممتنة سر الكنيسة برمته في رحلتها عبر التاريخ. في تقرير الفيديو، يعيد المدبّر الرسولي ربط الزيارة المرتقبة للبابا فرنسيس بالتاريخ المفاجئ للاتصالات بين منغوليا وكنيسة روما.

 

فقد بدأت هذه الاتصالات قبل 800 عام تقريبًا، عندما أرسل البابا إنوسنت الرابع في عام 1246 الراهب الفرنسيسكاني جيوفاني دي بيان ديل كاربين، لكي يسلّم رسالة إلى الإمبراطور المغولي الذي كان يحكم الصين أيضًا في ذلك الوقت. ويذكر الكاردينال مارينغو أيضًا بالسرعة التي أرسلت بها السلطات المدنية المنغولية الحالية، في تمّوز 2022، وفدًا رسميًا إلى روما لتسليم البابا فرنسيس الدعوة لزيارة بلادهم.

 

وهكذا، تتجدّد الكنيسة الناشئة وتظهر أن الجذور الألفيّة بأكملها التي تدعمها ما تزال على قيد الحياة. ويقوم خليفة بطرس بالخدمة التي دعاه إليها المسيح، في رسالة الوحدة التي تربط الماضي بالحاضر، وتجمع اليوم شعوبًا مختلفة وبعيدة.

 

 

صداقة بين الشعوب الأكثر تنوعًا

 

يبيّن أسقف روما، الذاهب إلى منغوليا، للجميع أنّ المصدر الحقيقي للوحدة بين المسيحيين هو تحديدًا الإيمان الذي يعتمد فقط على "الحضور الحي للرب". وتصبح زيارته للإخوة والأخوات في منغوليا علامة وانعكاسًا لمحبة المسيح للجميع، بحسب سرّ تفضيله للصغار والفقراء.

 

يشير الكاردينال مارينغو إلى أنّه بفضل زيارة البابا البالغ من العمر 87 عامًا فإنّ منغوليا، التي تبدو بعيدة بالنسبة للكثيرين، قد أصبحت قريبة وقريبة جدًا من كل قلب مسيحيّ. لأن "خليفة القديس بطرس الذي اهتم بهذا القطيع الصغير يخبرنا كم هو عزيز على ربنا، حتى الأشخاص الذين يعيشون جغرافيًا في مناطق ربما تكون أقل شهرة في العالم".

 

وبالتالي، يمكن للمدبّر الرسولي لأولان باتور، ولجميع الكاثوليك في النيابة الرسوليّة، أن يصلّوا من أجل هذه الزيارة البابويّة لكي تحمل "عطية النعمة والصداقة بين الشعوب الأكثر تنوعًا، وكذلك الشهادة والتضامن والأمل لشعب منغوليا". وكما يقول المرسل الساليزياني ليونغ كون تشيو في بداية الفيديو: "من يعرف أي نوع من الأشجار سينمو من هذه البذرة الصغيرة؟".