موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٦ أغسطس / آب ٢٠١٨
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحظر على الرهبان استخدام وسائل التواصل

بقلم: جياني فالنتي ، ترجمة: منير بيوك :

إنها مهلة مدتها شهر واحد لرهبان وراهبات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لا تستثني أحدًا، لإغلاق حساباتهم الشخصيه وأية مدونة يديرونها على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر. وضمن هذا الإطار الزمني، سيكون عليهم ترك جميع أشكال التواصل الإجتماعي التي تعتبر غير مناسبة لحياة الرهبنة. إن أي تخلف عن الامتثال لهذا الأمر سيؤدي إلى عقوبات كنسية. فمن بين الاثني عشر قانونًا الذي صادق عليها البطريرك تواضروس الثاني، جاء هذا المرسوم الذي سيثير الأكثر جلبة من غيره. قد صدرت الأوامر إلى جميع الذين يعيشون حياة الرهبنة داخل الكنيسه القبطية الأرثوذكسية عقب اغتيال الأسقف إبيفانوس، الذي تم قتله مؤخرًا، ربما عن طريق الطعن، في دير القديس مقاريوس، الذي كان رئيسًا له.

لقد أدى الموت العنيف للأنبا إبيفانيوس إلى الإسراع بصورة مفاجئة إلى عملية إعادة التفكير عميقة بحياة الرهبنة بدأها البابا تواضروس الثاني في الكنيسة القبطية. لم يكن استشهاد الأسقف رئيس الدير ناتجًا عن جهاديين ممن يقطعون الرقاب. ربما ينتمي قتلته في هذه المرة إلى دائرة من الأشخاص الذين يعيشون في الدير، أو الذين يكثرون التردد إليه.

خلال العقود الأخيرة، كانت إعادة التجديد لحياة الرهبان الأقباط بالنسبة للملايين من المصريين هي أداة لإعادة اكتشاف كنز الإيمان المسيحي، الذي كان يقع ضمن الهيمنة الإسلامية. لكن هناك عوامل مختلفة وحتى صراعات ومعارضات ضمن الكنيسة تحمل مخاطر بتبديد الكثير من الثروة الروحية المثمرة، كما يحدث في الغالب في الأجهزة الكنسية والكهنوتية التي تقودها اللامبالاة بغرض إخفاء اعتمادها على النعمة، وللوقوع في أشكال الغطرسة ذاتية المرجعية.

صاغت لجنة الأديرة وحياة الرهبنة الأحكام الإثني عشر الخاصة بالرهبان الأقباط في السينودس المقدس الذي عقده تواضروس. شارك تسعة عشر أسقفًا ورؤساء أديرة في اللجنة. وتهدف هذه التدابير إلى حماية حياة الرهبنة في صفتها التقليدية: وهي حالة من العزلة من الهوس الدنيوي، التي تتميز بلحظات من الصلاة والعمل والصمت. هذا هو السبب أيضًا الذي يعود في الطلب من الرهبان بالانسحاب من وسائل التواصل الاجتماعي التي غالبًا ما باتت في الكنيسة القبطية أداة لنشر "أفكار مشوشة" وتعزيز الجدالات الشخصية والنزاعات العقائدية الزائفة.

من بين التعليمات الأخرى، هناك أمر بتعليق قبول المرشحين الجدد لحياة الرهبنه لمدة عام، ووقف الرسم الكهنوتي للرهبان لمدة ثلاث سنوات. وتشمل الأحكام الأخرى التوقف عن إنشاء مجتمعات رهبنية جديدة دون ترخيص، وتعليمات أكثر صرامة للأوقات المخصصة لوصول الزوار والحجاج إلى الأديرة، مع مراعاة أيام الصيام والصلاة والصمت التي تميز حياة الرهبنة، وحظر الرهبان والراهبات من تلقي التبرعات من المؤمنين، التي لا يمكن جمعها إلا من طرف رئيس أو رئيسة الدير، إضافة إلى حظر لعب دور في المشاريع والمهام الاقتصادية التي لم يتم تكليفهم بها من قبل مجتمعهم ورؤسائهم. كما أنه يجب أن تحصل الفترات التي يتم قضاؤها خارج الدير على تخويل من طرف أولئك الذين يرأسون المجتمع الرهبني بصورة دائمة. كما يتم تحديد القوانين لتحديد الحد الأقصى لعدد الرهبان أو الراهبات المقبولين في كل دير لضمان العيش المنظم والسلمي في الداخل.

بعد أن صادق البطريرك على الأحكام، أعلن أعضاء آخرون في التسلسل الرئاسي القبطي، مثل الأسقف رفائيل، عن إغلاق حساباتهم الشخصية ومدوناتهم على الإنترنت مؤكدين أنه من الآن فصاعدًا لن يكون من الممكن التواصل معهم إلا من خلال أنظمة التواصل التقليدية مثل الهاتف.

من الواضح أن للقيود على وجود الرهبان والراهبات الإقباط على الإنترنت أطار يتسم بسياق طوارئ الذي وجدت حياة الرهبنة للكنيسة القبطية نفسها فيه بعد مقتل الأنبا إبيفانيوس. لكنها تكشف أيضًا عن ترافق معين مع الإنذارات المتنامية فيما يتعلق بتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على الحياة الكنسية التي يتم الشعور بها داخل مختلف المجتمعات المسيحية. ففي حين لا يزال في الغرب خطاب التبشير عبر الإنترنت شائعًا، فقد أصدرت الكنيسة المارونية وثيقة قضائية في شباط في محاولة لوقف انتشار المشاجرات الكنسية عبر الإنترنت والغضب حول القضايا العقائدية التي تثير دهشة الكهنة، والمكرسين، والخبراء المطلعين، والمعلمين وغيرهم.

إن ظاهرة الكلمات المسيحية المشوهة في المعارك المتعلقة بالشؤون المعتقدية على الإنترنت قد أثارت في الفترة الأخيره القلق الراعوي للبابا فرنسيس ففي التبشير الملائكي يوم 19 آذار الماضي قال: "قد يقع المسيحيون أيضًا فريسة في شبكات من العنف اللفظي من خلال شبكة الإنترنت ومختلف وسائل الاتصال الرقمي. فحتى في وسائل الإعلام الكاثوليكية، بالإمكان تجاوز الحدود بحيث يصير التشهير والافتراء أمرًا شائعًا، إضافة إلى أنه قد يتم التخلي عن جميع المعايير الأخلاقية واحترام الآخرين. النتيجة هي انقسام خطير، حيث يمكن قول أشياء هناك غير مقبولة في الخطاب العام، والناس يتطلعون للتعويض عن استيائهم من خلال انتقاد الآخرين. من المثير للدهشة أنه في بعض الأحيان، عند الادعاء بالإلتزام بالوصايا الأخرى، فإنهم يتجاهلون تمامًا الوصية الثامنة التي تقول: "لا تشهد شهادة زور ولا تشوه سمعة الآخرين دون رحمة".