موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٦ مارس / آذار ٢٠١٤
الكاردينال كاسبر: نساء على رأس المجالس البابوبة

بقلم أندريا تورنيللي، نقلها إلى العربية سامح المدانات :

"سوف يتم إعادة النظر في دور النساء في الكنيسة وسوف يتم دمج هذا الدور في الاقتراح الذي أشار إليه البابا بخصوص ديناميكية المجمع و"التحول في نشر الرسالة." يمكن أن تشرك النساء بأدوار قيادية في داخل المجالس البابوية وفي المجامع العلمانية المستقبلة، باعتبار كم هائل من الأساقفة موجدين في الكوريا (الإدارة) الرومانية. ومن أجل مواجهة ظاهرة "الوظيفية" يمكن أن يصار الى تكليف باعمال لأوقات محدودة، واستدعاء بعض الكهنة ممن لديهم الخبرة الراعوية". هذا ما قاله الكاردينال فالتر كاسبر في مقابلة مطولة أجرتها معه الصحفيَّة ستيافنيا فالاسكا ونشرت في صحيفة "افينيري" الايطالية بتاريخ الأول من الجاري.

وقد صرح كاسبر قائلاً: "حتى الآن كان حضور النساء في المجامع يقتصر على كونهن مستمعات، وفي وظائف قليلة الاهمية. غالباً ما يكون هناك امرأتان أو ثلاث مستمعات يقدمن مداخلات في نهاية الاعمال، عندما يكون الجميع قد انتهوا من حديثهم. وانا اتساءل: كيف يمكن تحضير مجمعين حول العائلة دون اشراك النساء في التحضيرات الاولية أيضاً؟ فالعائلة بكل بساطة ليس لها وجود بدون النساء. فلا معنى للتحدث عن العائلة بدون الاستماع اليهن. أظن انه يجب استدعاؤهن والاستماع اليهن منذ الان، في المراحل التحضيرية".

واسترسل الكاردينال الألماني، الذي أوكل اليه قداسة البابا بإلقاء خطاب الافتتاح للمجلس الأخير الخاص بالعائلة قائلاً "أظن انه يجب ان يتم تمثيل النساء في كل المستويات، حتى في المناصب التي فيها مسؤولية كاملة. فمن الضروري استيعاب الغنى والقدرات البديهية الكامنة في عقل المرأة. إن الكنيسة بدون المرأة جسم مشوه. ويوجد الكثير منهن اليوم ممن يعملن كموظفات في المؤسسات الكنسية. فهل يمكننا اليوم تصور المرافق الاجتماعية، الخيرية والثقافية بدون وجود المرأة؟ فبدونهن سوف تغلق الرعايا أبوابها من صبيحة الغد. وبالحقيقة وفي الكنيسة "الخارجة الى العالم"، كما تصورها البابا فرنسيس، فإن النساء متقدمات، بل إنهن في الطليعة".

وقد ذكَّر الكاردينال كاسبر، من خلال المقابلة مع صحيفة "افينيري" بكلمات قداسة البابا فرنسيس "ان سُلطة الكهنة والاساقفة في الكنيسة ليست "سيطرة" بل هي دائماً خدمة لشعب الله وتنبع من قوة اقامة ومنح سر القربان الأقدس (الافخارستيا). فبناء عليه، فإن مفهوم ممارسة السلطة من حيث القوة مرتبط برجال الدين المكرسين. ويظهر هذا أيضاً جلياً من عدم توفر الكثير من الكهنة والاساقفة، وبالتالي يُعهد الى العلمانيين بالادوار والمسؤوليات التي لا تتطلب بالضرورة رجال دين مكرسين. وفي رسالتة المعنونة: "فرح الإنجيل" يتساءل البابا إن كان من الضروري حقاً ان يكون الكاهن مسؤولاً عن كل شيء. أي أنه بالحقيقة يفسح مجالاً للجمود الكنسي، الذي يظهر أنه يخشى في بعض الاحيان إعطاء مجال للنساء، وبالتالي الاعتراف بفتح المجال لهن بممارسة حقهن باتخاذ القرارات المهمة".

ويتعرَّض الكاردينال للعقدة المهمة في موضوع حضور أكثر فعالية للنساء في مناطق الابرشيات، والمتعلق بحقيقة أن بعض المهام في الكنيسة تنص على أن ممارسة السلطة القضائية فيها منوطة برجال الدين المكرسين "ويذكر الكاردينال قائلاً: ولكن ليست كل المهام في الدولة او في الادارات الخاصة بالكنيسة تتطلب السلطة القضائية. فهذه اذن يمكن ان يُعهد بها للعلمانيين، وبالتالي للنساء ايضاً. وإذا لم يحدث ذلك فانه لا يمكن ولا في اي حال من الاحوال تبرير استثناء النساء من اجراءات صنع القرارات هذه في الكنيسة".

ويشرح الكاردينال كاسبر قائلاً: "ويمكن لهن ان يشغلن مناصبا ذات مسؤولية في الإدارات التي، حتى على مستوى عالٍ، لا تتطلب بالضرورة سلطة قضائية منوطة برجال الدين المكرسين: مثلاً في المجالس الاستشارية البابوية. ففي المجالس البابوية، ونذكر بعضاً منها على سبيل المثال: المجالس الخاصة بالعائلة، والعلمانيين، (لنتذكر أن نصف العلمانيين هم من النساء)، والثقافة، والعلاقات الاجتماعية، وتعزيز "البشارة الجديدة بالانجيل"، لا نجد فيها أي حضور للنساء في مناصب مهمة. وهذا أمر مناف للعقل. يمكن للسلطة في المجالس البابوية، وفي إدارات الفاتيكان أن تمارس من قبل النساء حتى على أعلى المستويات، بما فيها من مسؤوليالت كاملة". ويمكن للحضور النسائي أن يكون ذا قيمة حتى في المكاتب المخصصة للإدارة، للشؤون الاقتصادية وفي المحاكم. وهذه مجالات للمنافسة أظهرت النساء مهارتهن فيها، ولكن لم تتح لهن حتى الآن الفرصة الكافية لاعتبارهن لهذه المناصب.

أما فيما يخص الأبرشيات، (الرعايا)، فقد أوضح الكاردينال قائلاً: "فبينما يبقى توقيع السلطة ثابتاً ومميزاً، فإنه بالإمكان أن تكون هناك امرأة حاضرة في اتخاذ القرارات، وبالتالي يمكنها أن تقوم بمهام الأمين أو الوكيل بشكل جيد جداً. وأنا على اقتناع بأنه، حتى مع القوانين الكنسية الحالية، بإمكاننا عمل شيء ما في الأبرشيات (الرعايا) بتقييم الإمكانيات الفردية" ومن بين مهام الابرشيات، يذكر الكاردينال مثلاً التعليم الكاثوليكي: يكفينا أن نفكر في المواهب التعليمية التي لدى النساء، وفي الأدوار التي يشغلنها في هذا الحقل، وحتى في مجال دعاوى القديسين سيكون التمييز الروحي الانثوي مفيد وذا قيمة. ولكني استبعد دور النساء في المسؤوليات الخاصة بمجالس رجال الدين والأساقفة لأسباب واضحة. ولكن في مجمع عقيدة الإيمان، مثلاً، يوجد جمعية من اللاهوتيين الذي يُعِدُّون كل الجلسات، وما زال الحضور النسائي معدوماً فيها حتى يومنا هذا. ورغم ذلك فإنه لدينا العديد من عالمات اللاهوت اللاتي يشغلن مناصب أساتذة في الجامعة البابوية. وستكون مساهمتهن مرغوب فيها. ومن باب أولى، فإن هذا الأمر صحيح للحياة المكرسة في الأبرشيات (جمعيات الرهبنة): ثمانون بالمئة من الأشخاص المكرسين هم من العالم الانثوي".

ويجب أن يرتكز المعيار لتقييم المرشحين على الكفاءة وروح الخدمة. ويضيف الكاردينال كاسبر: "ومن الطبيعي أن تكون النساء أيضاً مدفوعات بالرغبة في بناء مستقبل مهني لأنفسهن تماماً مثلما يفعل الرجال. يوجد بعض من النساء اللاتي يظهرن هذه المشكلة، ولكن هناك الكثيرات اللاتي لا يفعلن هذا. لذا فعلينا أن نعرف أن نختار بفطنه الأشخاص المناسبين". وقد ذكر الكاردينال ماري آن جليندون، كمثل صالح، وهي الأستاذة في جامعة هارفارد، والتي عهد اليها الكرسي الرسولي بمهمة هامة بإرسالها مندوبة في اجتماعات لدى الأمم المتحدة، وقامت بالمهمة بشكل رائع، نال إعجاب الجميع". وأضاف الكاردينال قائلاً: "أظن أن هناك عدد من النساء بمقدورهن المساهمة في إصلاح ظاهرة "احتكار رجال الدين" و"الوصولية إلى المراكز" في الكوريا الرومانية، وهي رذيلة رهيبة".

ومتحدثاً ضد "الوصولية" في المراكز قال الكاردينال كاسبير مؤكداً: "إن إعطاء مناصب لفترة محددة يمكن أن يكون علاجاً للأمر. فيمكننا توظيف أشخاص ذوي خبرات راعوية، ولهم خبرة عمل في الرعايا في الأبرشيات، ويعهد إليهم بمهمات لوقت محدد. لمدة خمس سنوات مثلاً. لدى انتهاء هذه المدة قد يبقى البعض، ولكن يعود كل الآخرين إلى الأبرشية حاملين معهم خبراتهم الخاصة إلى الكنيسة المحلية. ومن هذا المنظور فإنه من الممكن أن يتم التخلص من مشكلة الأشخاص الذين يتصرفون وهمَّهُم الوحيد هو التقدم صعوداً إلى أعلى الدرجات الوظيفة.

وفي الختام تساءل الكاردينال كاسبر إن كان لا بدّ "أن يكون جميع أمناء الإدارات الفاتيكانية أساقفة"، ويوجد اليوم حشد كبير من الأساقفة في الكوريا الرومانية، وكثير منهم يقومون بأعمال مكتبية، وهذا ليس جيداً. فالأسقف راع. والرسامة الأسقفية ليست جائزة شرف، إنها سر مقدس، يتعلق ببنية الأسرار المقدسة للكنيسة. فلماذا إذن يكون من الضروري أن يقوم أسقف بأعمال بيروقراطية (مكتبية)، وهنا، في رأيي نحن نوشك أن نسيء استخدام الأسرار المقدسة.