موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٣٠ أغسطس / آب ٢٠٢٠
الكاردينال بارولين: للانطلاق مجددًا عقب الجائحة يجب أن تكون الأولوية للإنسان، لا للاقتصاد
نقلت جريدة أوسيرفاتوري رومانو أهم ما تحدث عنه الكاردينال بييترو بارولين أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان في مقابلة أجراها معه موقع إلكتروني إيطالي تمحورت حول كيفية الانطلاق مجددا عقب جائحة كوفيد 19 وما علينا تعلمه من هذه المأساة.
الكاردينال بييترو بارولين أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان (ANSA)

الكاردينال بييترو بارولين أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان (ANSA)

فاتيكان نيوز :

 

أجرى الموقع الإلكتروني الإيطالي www.ripartelitalia.it مقابلة مع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييتر بارولين تمحورت حول الانطلاق مجددا عقب جائحة كوفيد 19. ونقلت جريدة أوسيرفاتوري رومانو أهم ما تطرقت إليه المقابلة مشيرة إلى أن الكاردينال بارولين قد شدد في البداية على أن الأولوية ليست للاقتصاد في حد ذاته بل للكائن البشري.

 

وأضاف أن الجائحة لم تتسبب فقط في أزمة صحية بل ضربت العديد من جوانب الحياة البشرية، من العائلة والسياسة والعمل إلى الشركات والتجارة والسياحة وغيرها. وتابع أن هذا الطابع المتعدد والمترابط لانتشار الوباء يُذكرنا بحديث البابا فرنسيس عن ارتباط كل شيء. وفي حديثه عن كون الأشخاص الأولوية لا الاقتصاد أشار أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان إلى أن الحكومات كافة قد اضطرت لاتخاذ إجراءات قوية أدت إلى إيقاف النشاطات الاقتصادية، ما يؤكد ضرورة الاهتمام بالصحة.

 

وتابع أن العقيدة الاجتماعية للكنيسة تُذكرنا بضرورة ألا تقتصر العناية بالأشخاص على الصحة الجسدية، بل يجب الاهتمام بتكامل الشخص البشري والذي يجب أن يكون الهدف الأول للعمل السياسي والاقتصادي في إطار مسؤولية مشتركة في البيت المشترك. وهكذا فأن الكنيسة تنادي بالعثور مجددا على دعوة الاقتصاد إلى أن يكون في خدمة الإنسان وأن يضمن لكل شخص الشروط اللازمة لبلوغ تنمية بشرية متكاملة وحياة كريمة.

 

وأراد الكاردينال بارولين لفت الأنظار إلى بعض الأخطار التي ظهرت خلال مكافحة الجائحة، ومن بينها التركيز على الصحة الجسدية ما قد يعني تجاهل البعد الروحي. وقال في هذا السياق أن الوضع المأساوي الذي عشناه قد أبرز حدود مفهوم للمواضيع المتعلقة بالصحة يقتصر على الجوانب التقنية، مفهوم أنكر عمليا بعض الاحتياجات الأساسية وذلك من خلال إعاقة قرب أفراد العائلة على سبيل المثال أو المرافقة الروحية للمرضى. وتابع أن هذا يستدعي إطلاق تأمل أكثر تعمقا حول التساؤلات العديدة التي طرحتها علينا الجائحة والتي كشفت اعتمادنا المتبادل على بعضنا البعض من جهة وضعفنا من جهة أخرى.

 

وذكَّر هنا بتأكيد البابا القديس يوحنا الثالث والعشرين في الرسالة العامة "السلام في الأرض" سنة 1963 على أنه لا يمكن لأي جماعة سياسية تحقيق مصالحها والتنمية بالانغلاق على الذات، كما وذكَّر بما كتب البابا فرنسيس في الرسالة العامة "كن مسبَّحاً" مشددا على أن الترابط يُلزمنا بالتفكير بأننا في عالم واحد، وفي مشروع مشترك. وأشار الكاردينال بارولين إلى أننا، وبدلا من تشجيع التعاون من أجل الخير العام، نشهد رفع الجدران حولنا واعتبار الحدود ضمانا للأمن وممارسة انتهاكات للحقوق، ما يجعل هناك أجواء نزاع عالمي مستمر.

 

وتطرق أمين السر إلى احتمال ارتفاعٍ متجدد لنفقات التسلح بعد أن شهدت مرحلة انخفاض ارتبطت أيضا بالإجراءات الخاصة بمواجهة الجائحة، بينما نحن في حاجة بالأحرى في هذه الفترة إلى زرع الصداقة والخير لا الكراهية والخوف. وعاد أمين السر مجددا إلى كلمات البابا فرنسيس حين تحدث في لقائه الحركات الشعبية سنة 2015 عن أن الترابط العالمي يتطلب إجابات عالمية على المشاكل المحلية، مشددا على ضرورة أن تحل عولمة الرجاء محل عولمة الإقصاء واللامبالاة.

 

وأشار أمين دولة حاضرة الفاتيكان بعد ذلك إلى الإطار المرجعي لمفهوم الاقتصاد لدى البابا فرنسيس والذي نجده في الرسالة العامة "كن مسبَّحاً" وهو ما كان قد أوضحه البابا بندكتس السادس عشر أيضا في الرسالة العامة "المحبة في الحقيقة". ووصف الكاردينال بارولين هاتين الوثيقتين برسالتين عامتين اجتماعيتين حديثتين كبيرتين، حيث يتحدث البابا بندكتس السادس عشر عن اقتصاد يجب أن تتوفر فيه فسحة لمنطق الهبة ومبدأ المجانية، ويعكس لا فقط التضامن بل والأخوّة الإنسانية بشكل أكثر عمقا. أما البابا فرنسيس فقد أعاد إطلاق موضوع التنمية البشرية المتكاملة في إطار إيكولوجيا متكاملة، بيئية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، وروحية.

 

وفي ختام المقابلة التي أجراها معه الموقع الإلكتروني الإيطالي www.ripartelitalia.it تحدث أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين عن هزة أحدثتها الجائحة في النظام الاقتصادي والاجتماعي، وأكد إدراك الكنيسة لكونها مدعوة إلى مرافقة مسيرة معقدة علينا مواجهتها كعائلة بشرية. وأشار إلى وجود مبادئ راسخة كمراجع، إلا أن هناك حاجة إلى إبداع شجاع كي لا تتحول الجائحة إلى مأساة رهيبة بل تفتح مساحات لارتداد بشري وإيكولوجي تحتاج إليه البشرية.