موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠
الكاثوليك في فرنسا يحيون عيد جميع القديسين وسط تدابير أمنية مشددة
امرأة تضيء شمعة أمام كنيسة نوتردام في نيس في جنوب شرق فرنسا في 31 تشرين الأول 2020 عن أرواح ضحايا الاعتداء

امرأة تضيء شمعة أمام كنيسة نوتردام في نيس في جنوب شرق فرنسا في 31 تشرين الأول 2020 عن أرواح ضحايا الاعتداء

أ ف ب :

 

وسط إجراءات أمنية مشددة، تجمّع الكاثوليك في مدينة نيس الفرنسية، الأحد، بمناسبة عيد جميع القديسين للمشاركة في صلاة خاصة عن أرواح ثلاث ضحايا سقطوا في الاعتداء على كنيسة نوتردام، الخميس، ونفّذه شاب تونسي قدم إلى فرنسا "من أجل القتل"، وفق وزير الداخلية.

 

على صعيد التحقيق، ارتفع عدد الأشخاص في الحجز الاحتياطي إلى ستة، وفق ما أفاد مصدر قضائي الأحد. ولا يزال المشتبه به في تنفيذ الاعتداء بالسكين الخميس في المستشفى ولم يتمكن المحققون بعد من الاستماع إليه. وهو شاب تونسي يبلغ 21 عامًا أُصيب بجروح بالغة أثناء توقيفه.

 

في مدينة نيس، شارك عدد كبير من المؤمنين بقداديس عيد جميع القديسين، يوم الأحد، في كنائس يحرسها جنود يحملون رشاشات. وقالت كلاوديا البالغة 49 عامًا، "كنت قلقة، كنت خائفة من المجيء". لكنها شعرت بالاطمئنان بسبب وجود قوات حفظ الأمن، وقررت المشاركة في الصلاة. وتابعت "يجب إظهار أننا لسنا خائفين، أننا موجودون هنا".

 

وتم تعزيز نشر قوات الأمن في كافة أنحاء فرنسا التي رفعت مستوى التأهب إلى درجة "طوارئ لمواجهة اعتداء"، وهي درجة التأهب القصوى. ومن المقرر أن يحضر رئيس بلدية نيس كريستيان إيستروزي صلاة مساء الأحد في كنيسة نوتردام حيث قُتل المؤمنون الثلاثة.

 

ورغم تفشي فيروس كورونا المستجدّ الذي أدى إلى إعادة فرض عزل تام في فرنسا، حصلت الكنائس من السلطات العامة على استثناءات لإقامة الصلوات حتى يوم الاثنين ضمنًا، على أن يتم بعدها تعليق إقامة القداديس بمشاركة مؤمنين لمدة شهر.

 

وشدّد أسقف أبرشيّة نيس المطران أندريه مارسو في مقابلة السبت مع صحيفة "نيس ماتان" على أنه "يجب أن نكون قادرين على إعطاء إشارة للآخرين بأننا سنظلّ واقفين! حرية تعبيرنا هي حرية فتح كنائسنا حيث نؤكد أن إيماننا هو رسالة محبة".

 

وذكّر المسلمين بأنه يجب "اتخاذ تدابير" ضد التطرّف مؤكدًا أنه "ليس شارلي"، في إشارة إلى شعار "أنا شارلي" الشهير الذي يستخدمه المدافعون عن مجلة "شارلي إيبدو" الأسبوعية الساخرة عقب الهجوم الذي تعرضت له عام 2015، وأعادت مؤخرًا نشر رسوم كاريكاتورية تظهر نبي الإسلام.

 

وفي مدينة تولوز، شارك أئمة وعائلاتهم في قداس في كنيسة تقع في حيّ شعبي. وقال أحد أئمة مسجد الرحمة ويدعى الهواري سيالي إلى جانب الكاهن في كنيسة الروح القدس "هؤلاء الناس من دون روح ولا منطق يريدون تقديم تفسير آخر (للقرآن). نرفض ذلك بشكل قاطع".

 

وبعد قطع رأس مدرس في منتصف تشرين الأول في المنطقة الباريسية عرض على تلاميذه أثناء درس عن حرية التعبير رسوماً كاريكاتورية للنبي، دافع الرئيس إيمانويل ماكرون عن حقّ نشر هذه الرسوم باسم حرية التعبير، ما أثار احتجاجات ودعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية في عدد من الدول المسلمة.

 

وحاول الرئيس الفرنسي السبت خلال مقابلة مع قناة "الجزيرة" القطرية تهدئة الوضع عبر القول إنه يتفهم أن تسبب الرسوم الكاريكاتورية لنبي الإسلام صدمة إلا أن ذلك لا يبرر العنف. وفي ما يخصّ التحقيق، تحاول النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب تحديد ما إذا كان مهاجم نيس متواطئًا مع جهة معينة لتنفيذ هذا الاعتداء "الإرهابي الإسلامي" وفق قول ماكرون.

 

واعتقل رجلان يبلغان من العمر 25 و63 عامًا، السبت في منزل شخص أوقف قبل ساعات قليلة، وفق ما قال مصدر قضائي. وهذا الأخير، وهو تونسي يبلغ من العمر 29 عامًا، يشتبه في أنه تواصل مع منفّذ الهجوم التونسي ابراهيم العيساوي.

 

وأكد وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في مقابلة نُشرت الأحد أن العيساوي البالغ 21 عامًا "لم يكن على الأراضي الوطنية إلا قبل بضع ساعات (من الاعتداء). من الواضح أنه جاء إلى هنا من أجل القتل. وإلا كيف يمكن شرح سبب حمله عدة سكاكين فور وصوله؟".


 

تونس تتعاون

 

وأكد مصدر قريب من الملف لوكالة فرانس برس "استمرار تحليل" الهاتفين اللذين تم العثور عليهما بين أغراضه، مشيرا إلى أن "التحقيق من الجانب التونسي" سيكون "حاسمًا".

 

من جانبه، دعا رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي السبت وزيري الداخلية والعدل في حكومته الى التعاون "التام" مع السلطات الفرنسية. وللعيساوي سوابق قضائية في تونس تتراوح بين قضايا الحق العام والعنف والمخدرات، وكان قد غادر تونس في منتصف أيلول.

 

وأفاد مصدر مطّلع على التحقيقات أن العيساوي وصل إلى نيس الثلاثاء، وبات ليلة واحدة على الأقل في أحد مباني المدينة، ورصدته كاميرات المراقبة "على مقربة من الكنيسة عشية" الاعتداء. ووصل بطريقة غير شرعية إلى أوروبا عبر جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في 20 أيلول، قبل ان ينتقل إلى مدينة باري في جنوب إيطاليا في 9 تشرين الأول الفائت.