موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٤ مايو / أيار ٢٠١٣
القيامة حدث واقعي للحياة الابدية

الاب انطونيوس مقار ابراهيم :

يطل علينا عيد القيامة المجيد مع إشراقة صباح احد جديد تأسس في خميس العشاء السري حينما أعد التلاميذ عشاء الفصح مع المسيح الذي أخذ الخبز وبارك وقدس وكسر وأعطى تلاميذ قائلاً "خذوا كلوا منه كلكم فهذا هو جسدى الذي يقسم عنكم وعن الناس أجمعين يُعطى لمغفرة الخطايا والحياة الابدية. وهكذا كأس الخمر من بعد العشاء وبارك وقدس وأعطى تلاميذه القديسين قائلاً لهم خذوا إشربوا منها كلكم فهذا هو دمي دم العهد الجديد الذي يسفك عنكم وعن الناس أجمعين لمغفرة الخطايا وللحياة الابدية". إذا هذه هي الاشراقة الجديدة العهد الجديد المبرم بين الله والانسان في شخص المسيح يسوع شمس البرّ وهذا ما يدعونا دائماً وابداً الى أن نقف دائماً باستعداد وفرح ومحبة مع من يستحقّ أن نفرح معه لأفراحه ونحزن لأحزانه، لأن المسيح قاسمنا هذا الهم واعطانا نعمة الفرح والسرور وإلى أن نمدّ يدنا لكل انسان فقير ومحتاج ونكون قدوة لكل طفلٍ ونتعطّف على كبارنا ونتعلّم منهم خبرة الأيّام والسنين .وأن نعطي كما نحبّ أن نأخذ ونسقي أرضنا بماء الطهارة ونلّون صفحاتنا البيضاء بلون النقاء وننقش على بحر عمرنا أجمل الكلمات التي تبقى وتدوم .وهذا ما يدعونا إلى أن نصغي باهتمام للمظلومين والمضطهدين وذوي القلوب الجريحة فنؤاسيهم في ما يحملون ونلبس ثوب النور مِمّن أشرق علينا بنوره لنعاينه ونحن في حال النعمة المسكوبة في داخلنا بفيض روحه القدّوس «ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله، التي نتكلَّم بها أيضاً، لا بأقوال تُعلِّمها حكمة إنسانيّة، بل بما يُعلِّمه الروح القدس، قارنين الروحيّات بالروحيّات». إذاً نحن نُعيّد عيد القيامة وما زالنا نرزح تحت نير الموت المصنوع بأيد البشر أو نعيش في وسط عالم يموج بثقافة تصنع الموت تحت ما يُسمّى الدفاع عن الله كرؤية دينيّة أو شريعةٍ ما لا علاقة لها بشريعة الله والتى نفهمها نحن انها حياة او من منطلق قوميّ وعرقيّ يهدف الى ابادة شعب على حساب آخر طمعًا فى ارض أو خيرات أرضيّة وهبها الله للناس أجمعين"كالارض التى تدر لبناً وعسلاً"،نحن نُعيّد وأمامنا احداث نعيشها ونلمسها كل يوم واخبار نسمعها من هنا وهناك من قتل وارهاب وتفجير لا بل ابادات جماعيّة لشعوب بكاملها ونشتمّ دائماً منها رائحة الموت والفناء التي لا يريدها الله . يأتي الينا عيد القيامة لنتنسّم منه رائحة الحياة الحقيقيّة التي أٌنعم الله بها علينا مرة أخرى كنسمات الربيع المعّطر والمُفعم برائحة الورود كي نتخلّص من رائحة الموت والحنوط البالية التي شبعنا منها هنا وفي كلّ مكان وكأنّها الرائحة الوحيدة السائدة في هذا العالم. لكنْ، طالما هناك إيمان بالقيامة فهناك الرائحة الطيّبة التي تنسّم العالم بربيع الحبّ والامان والاستقرار والعيش المشترك وتقاسم خيرات الأرض التي هي هبة الله للجميع "ففي البدء خلق الله السماوت والأرض، ورأى الله أنّ ما صنعه كلّه حسنٌ جداً". جاء حدث القيامة ليعلن أنّ الميت حيّ وانّ ابن الإنسان قد هزم الموت بالموت ليبزغ فجر ثقافةٍ جديدةٍ تفوق كلّ ثقافة وفكرٍ وفلسفةٍ، ثقافة محورُها وأساسُها يسوعُ المسيح معلّم الناصرة والنجّار الفقير الوديع والمتواضع القلب، الذي صالح الجميع مع الله الآب، "صالح الارضيّين مع السمائيّين وفتح باب السماء ورأينا مجده كابنٍ وحيدٍ لأبيه ومن ملئه اخذنا نعمة فوق كلّ نعمة" وهو صار ربّ الحياة فقال "أتيتُ لتكون لهم الحياة ولتكون لهم أفضل". صار هو الطريق والحقّ والحياة. به كان كلّ شيء وبغيره لم يكن شيءٍ ممّا كان. فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس، والنور أضاء في الظلمة"مع يسوع فتحت ابواب السماء وشبابيكها وملائكة الله صاعدون ونازلون منها وإليها من دون حجب او وسائط ومن دون طقوس شكليّة وضعتِ الانسانَ الذي خُلق حرًّا تحت نير العبوديّة و فرائض، اذ جلس ابن الانسان عن يمين العظمة فى الأعالي" وبعد ما قدّم عن الخطايا ذبيحةً واحدة جلس الى الابد عن يمين الله"(عبرانين 10: 12 ) مَلِكًا متوَّجًا بإكليلٍ من شوك ليشفع فينا ويُغدقَ علينا محبّته ويشجّعنا على ثقافة الحياة ويدفعنا فى طريق المحبّة لله وللناس وينتظرَنا على بوّابة الأبديّة عبر أعتابٍ دهريّة حيث السماء الجديدة والأرض الجديدة والحياة الأبدية بعهد المحبّة الأبديّ مع كلّ من يؤمن به مخلِّصًا شخصيًّا وفاديًا محيِيًا. أكّد لنا حدثُ القيامة على إمكانيّة الحياة فى ابعاد جديدة وآفاق متجدِّدة من جهة، ومن جهة ثانية أكّد على حاجة الإنسان فى كلّ زمان ومكان الى فعلٍ يدعم الحياة ويحوّل الأمر المستحيل الى أمر ممكن والصعب الى سهل وغير المستطاع مستطاعا وهذا ما قدّمه يسوع للعميان مانحاً إيّاهم البصر كونُه هو نورُ العالم ومانحًا السير للعرج والشفاء للسقم والمرضى كونه هو الطبيب الشافي القائل "تعالوا اليّ يا جميع المتعبين والمثقلين بالأحمال وأنا أريحكم". هو من دعا الفقراء والبسطاء لحَمْلِ رسالته وقال لمن التقاهم كلِّهم "إتبعني" فأجابوه بالقول "قد تركنا كلّ شيء وتبعناك" وجالس الخطأة والعشّارين وقال "جئت لأدعو الخطأة الى التوبة فلا يحتاج الاصحّاء الى طبيب بل المرضى". هو من ذهب للضّالين والمشرّدين والمهمّشين والمفقودين لأنه هو الراعي الصالح الذي يعرف خرافَه وخرافُه تتبعه". بهذا أعطت القيامةُ الُبعدَ الحقيقيّ لحياة الإنسان وفتحت أمامه إمكانيّة دخول الملكوت ورؤيةِ المسيح والسبيلُ لتحقيق هذا العمل هو الممارسة الفعليّةُ والمتواصلة لسرّ الشكران "الافخارستيا"، طريق العبور من الطعام الفاني الى الطعام الباقي للحياة الأبديّة مع الصلاة المستمرّة والسهر الروحيّ والعيش بثمر الروح القدس ومواهبِه والنشاط والجدّية مع تفعيل الوزنات وعدم طمرها في التراب بل المتاجرة بها والربح على غرار من حصلوا على الوزنتين والثلاث وزنات وربحوا مثلهما وكانت المكأفاة لهم وزنات مماثلة، وسمع صوت الرب لهم "نعماً أيها العبد الأمين، لأنك كنت أمين على القليل سأقيمك على الكثير ، ادخل الى فرح سيدك".

القيامة غيّرت مجرى الحياة

حقّق يسوع في حياته على الأرض الكثير من الآيات والمعجزات فكان يجول في المدن والقرى يصنع خيراً، يشفي المرضى، يقيم الموتى، يمنح البصر للعميان، والحرّية للمقيّدين ومع ذلك كلِّه لم يكن له موضعٌ يسند عليه رأسه. شارك يسوع الإنسانَ في ظروف حياته كافّةً فجاع وعطش وطمأن الإنسان بقوله " طوبى للجياع والعطاش الى البرّ، وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله ". حزن وبكى كما على قبر لعازر صديقه وصرخ له صرخة الحياة ألعازر هلّم خارجاً. وكان يسوع ايضاً يثور، فثار على الباعة في الهيكل لأنهم حولوا بيت الصلاة الى مغارة للصوص والمتاجرة الخسيسة. تألم يسوع وصلب ومات ولكنّه قام وبقيامته أحدث نقلة نوعيّة في حياة البشر بما أنّه قدّم نموذجاً فريدًا وحقيقيًّاً في عمل المصالحة التي جاء من أجلها كي يصالح الإنسان مع الله فدعاه أوّلاً الى التوبة "توبوا وآمنوا، فقد اقترب ملكوت السماوت"وفي تبشيره كان دائماً يدعو الناس ويقول لهم "تعلّموا منّي لأنّي وديعٌ ومتواضعُ القلب". قاد يسوع المسيح الإنسان قيادةً حكيمة مبنيّةً على أساسٍ متين ليضعَ السلام في قلبه دائمًا ابداً. "سلامي أعطيكم نسلامي أترك لكم" وكم نحن بحاجة الى هذا السلام الذي يفوق كلّ عقل وكلّ تصوّر، سلامٍ يحفظ الفكر والقلب غيرِ سلام العالم الوقتي والزائل والمبني على المصلحة.

قدّمت لنا القيامة الحياة الأفضل فى صورها الأوفر بهاءًا كصورةِ من هو أبرع جمالاً من بني البشر وحوّلتنا كما حوّلت التلاميذَ من مجرّد متلقّين لتعاليم المسيح الى مختبرين لحقيقةٍ ولمفاهيم حياتيّة نختبرها كلّ يوم كشركاء معه فى رحلة الالام كإختبار بولس الرسول القائل "لأعرفَه وقوةَ قيامتهَ وشركةَ الامه متشبهاً بموته (فى 3: 10 ). وقد جمع هنا بين آلام الرب وموته وقيامته، حيث انّه اكتشف عمق أعماق علاقته بالمسيح واختباره وغاية رجائه «لعلِّي أبلغ إلى قيامة الأموات» (في 3: 11). وهو مَن تقابل مع المسيح وآمن به واعتمد باسمه وصار رسولاً مختاراً وكارزاً بملكوته؛ إلاَّ أنه يسعى جاهداً لكي ينمو أكثر فأكثر في معرفته. » وكي ينمو في معرفة المسيح، كان عليه أن يتنازل عن كلّ شيء، مهما كان غالياً وثميناً عنده، «لكنّ ما كان لي ربحاً فهذا قد حسبته من أجل المسيح ومن أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربّي أحسب كلّ شيء نفاية لكي أربح المسيح وأُوجد فيه». إذاً، صارت حياتُنا بقيامة المسيح حياة ثريّة بفضل نوعيّة المعرفة وعمق الشركة وعدم الخوف من الموت الذي كُسِرت شوكتُه وأُبطلت سطوتُه "أين شوكتك يا موت وأين غلبتك يا هاوية". مع المسيح القائم من بين الموت مضت الأشياء العتيقة "هوذا الكلّ قد صار جديدًا حتّى كما أقيم المسيح من الاموات هكذا نسلك نحن في جدّة الحياة"(رومية 6: 4). تغيرت حياة العالم مع قيامة المسيح فبعدما كانت حياةً مبنيّة على التجارة والربح والخسارة، صارت حياةً مليئة بالخدمة والمحبّة والكرازة والتبشير والشراكة بين المؤمنين في حياة الكنيسة والمجتمع، "وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات (اع 2: 42 ).تحوّلت الحياة من الأنانيّة والانعزاليّة والحياة الروتينيّة القلقة المتحيِّرة بين الحين والاخر الى حياة الانفتاح والتقدّم المليئة بفعل الروح القدس الذي وهبنا نعمة الشهادة الحقيقيّة لمحبّته "لكنّكم ستنالون قوّة (للشهادة) متى حلّ الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودًا فى اورشليم وفي اليهودية كلّها والسامرة والى أقصى الأرض (اع 1: 8).

القيامةُ كسرت حاجز الخوف

يوم عُلِّق المسيح على الصليب وصار الصليبُ حدثًا بارزًا، انطبع في ذهن الجماعة المحيطة بالمسيح يسوع كذكرى أليمة وحدثٍ قويّ لا يستطيع الزمن أن يمحوَه من الذاكرة ولا هي تُنسى اللحظات التي فيها تم القبض على يسوع وتسليمه الى رؤساء الكهنة وعظماء الشعب ورفعُه على عود الصليب وطعنُه بالحربة. ثمّ أتت القيامة وحطّمت هذه الحواجز كلّها وجاء المسيح القائم من الموت منتصراً الى العليّة حيث التلاميذ مجتمعون وهم خائفون. حطّمت القيامةُ الخوفَ واليأسَ والتردُّد والعجزَ وضياعَ الأمل، ودخل يسوع اليهم والابواب مغلقة والعقول مشتَّتة والقلوبُ ممزَّقة وزرع فيهم نسماتِ الحياة من جديد فتبدّد الخوف وانقشع الظلام وسرى النشاط والحيويّة. الرب قائمٌ وحيّ في جسدٍ ممجَّدٍ يستطيع أن يخترق الحواجز والأبواب والمتاريس كلّها "فقد كسر المتاريس النحاسيّة" وتحرّر الإنسان الذي بقي منذ خلقه سجين المكان وحبيس الجسد. نال الحريّة مع قيامة المسيح التي أعتقت الروح والجسد فصار الأخيرُ هيكلاً للروح القدس وروحُ الله ساكنًا فيه. اذاً وجد الإنسان في قيامة المسيح ضالّتَه المنشودة وطريقه المفقودة بما أنّ المسيح أنار بقيامته الى الابد الحياة والخلود والى ابد الابدين لان يسوع هو البداية والنهاية وهو الالف والياء وهو الأول والآخر.

القيامة أنهت الموت

إرتُهنت حياة الإنسان بالموت قبل القيامة لا سيّما منذ حكم هو على ذاته بالموت بعدما خالف وصية الله له بعدم الاقتراب الى شجرة معرفة الخير وقد قال له الله يوم تأكلان من هذه الشجرة موتاً تموتان ومن هنا خرج الانسان عن طريق الحياة سالكاً الموت لا بل صار الموت هو الشبح الرابض دائماً امام الانسان كنهاية حياة له وفناءٍ تامّ، ولكن مع قيامة المسيح يسوع من بين الاموات تغيّر الموقف وتبدّلت الأحوال ولم يعد الموت نهاية بل صار بداية حياة جديدة وطريق عبور من الفناء الى البقاء وقد كرّس الرب يسوع المسيح القائم من بين الاموات هذا الطريق ودشّنه، قال "أنا هو الطريق والحقّ والحياة"، و"أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي وإن مات فسيحيا". طريقٌ كرّسه يسوع بجسدة ودمه الاقدسين "من يأكل جسدي ويشرب دمي تكون له الحياة الأبديّة".يمكننا في حياتنا أن نعيش باشياء كثيرة ونستغني عن اشياء كثيرة ولكن لا يمكنا العيش بدون الرجاء "نترجّى قيامة الاموات وننتظر حياة الدهر الاتي" فالرجاء هو أحد أركان مثلث الفضائل المسيحية، سرّ حياة الإنسان الايمان والرجاء والمحبة حسب ما عبّر بولس الرسول في 1 كورنتس فصل 14.

لماذا القيامة؟

نحن نؤمن بالقيامة لأنّها تشهد لقوّة الله العظيمة، الله الخالق الذي أوجد الانسان والكون من العدم، والقادر على كلّ شيء، القادر على أن يقيم من الحجارة أولادًا لإبراهيم، وأن يقيم الموتى من بين الأموات كما فعل وأقام ابنة يائيرس، وابنة أرملة نائين، وأقام لعارز من بعد أن أنتن في القبر. تعني قيامة المسيح بالنسبة إلينا قيامتَنا نحن من موت الخطيئة التى صرنا عبيد لها بشهواتنا وزلاّتنا ومن موت ضعفِنا الذي يكبّلنا ويسمّرنا في جمودٍ قاتل ومن موت خوفنا الذي يستنفد طاقتنا ويسلب منّا فرحنا ومن ميتاتٍ أخرى نختبرها في كلّ يومٍ من حياتنا وقد سمّرها المسيح على خشبة الصليب وهناك، على عود العار، انهزم سلطان الشرّ وانهزم الموت وانتصر ملك المجد والخير والحياة. وان لم يكن هناك قيامة للأموات. 1) فباطلة كرازتنا وباطل إيماننا ونعد انفسنا شهود زور، لن يفدي أحد من الخطيئة ويهلك الذين رقدوا في المسيح كلُّهم. لكنه قام حقاً من بين الأموات "ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين" (عدد 20)، ووعد كلّ من يؤمن به بالقيامة والحياة الأبديّة . وتضمن كلمة الله الموحاة قيامة المؤمن من بين الأموات "أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟ إذًا القيامة هي الانتصار الممجَّد الذي منحه يسوع المسيح لكل مؤمن بموته وقبره وقيامته في اليوم الثالث كما هو مدوَّن في الكتب وهي تؤكّد لنا أنّ الذين يؤمنون بالمسيح لن يظلّوا موتى، بل سيقامون منذ الآن ليحيوا سعادة أبناء الله ولو في الشدائد ويُقامون في الآخرة للتمتّع بالحياة الأبديّة في حضرة أبِ ربّنا يسوع المسيح مخلِّصنا وأبينا. وهذا هو رجاؤنا وما يؤكده بولس الرسول بالقول "لأعرفه، وقوة قيامته، وشركة آلامه، مُتشبِّهاً بموته"(في 3: 10)

إننا نُصلي من أجل بلادنا مصر وكل الساكنين فيه كي ينعم عليهم الرب بالطمأنينة ووكل الأوطان والقائمين على رعايتها كي يمنحكم الرب حكمة وتدبيراً لرعاية شعوبهم والسير بهم نحو مستقبل أفضل.

نشكر الرب معكم أنه أعطانا بطريرك جديد وهو الأنبا ابراهيم ليقود كنيسته إلى خدمة المصالحة التي جعلها شعاراً له. بعد أن تسلم مهامه من صاحب الغبطة أبينا البطريرك الكبير والكبير دائماً في محبته وتواضعه وخدمته فهو من كان له شعار نعمل الحق بمحبة. ونتمنى لأبوينا البطريرك إبراهيم والكاردينال انطونيوس أن بكونا لنا وللكنيسة خير نموذج في عمل الحق بمحبة لآجل خدمة المصالحة.

نصلي من إنجاح اللقاء المرتقب هذا الشهر بين البابا فرنسيس بابا روما الذي انتهج في بدء خدمته" بأن تكون الكنسية فقيرة لخدمة الفقراء والبابا تاوضروس الثاني بابا الإسكندرية الذي اتخذ شعاراً لخدمته المحبة لا تسقط ابداً كي يكون لقاءً مثمراً وفعالاً لدعم أواصر الوحدة والحوار المسكوني والمحبة الحقيقة الصادقة المبنية على حب يسوع المسيح.

كما اننا نصلي من أجل الشهداء الذين سقطوا بيد الغدر والارهاب والعنف الديني والتعصب البغيض ولاسيما شهدا كنيسة مار جرجس في الخصوص ومن أجل جرحي الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية في العباسية ونضرع إلى الرب الحي القائم من بين الأموات أن ينعم على من استشهدوا بالراحة الأبدية وعلى الجرحى بشفائه العاجل.

نرفع صلاتنا ونناشد كل ذوي القلوب الرحيمة الإسراع في العمل الايجابي على تحرير المطرانين سيادة المطران يوحنا ابراهيم متربوليت حلب للسريان الارثوذكس، وسيادة المطران بولس اليازجي متروبوليت حلب للروم الارثوذكس، وكل الاسرى والمفقودين كي يعودوا الى منازلهم بسلام.

أخوتي الاحباء لنتحد في الصلاة مع غبطة ابينا البطريرك ابراهيم الذي قال في رسالته لهذا العيد نصلّي هذا المساء متحدين مع قداسة البابا فرنسيس رأس الكنيسة الكاثوليكيّة ومع جميع مَن يحتفلون بعيد القيامة المجيد اليوم، من أجل المناطق الملتهبة في العالم بصراعات وحروب، وتعاني من كوارث طبيعيّة وإنسانيّة، نصلّي خاصّةً من أجل سوريا والعراق وفلسطين ونطلب سلامًا هو ثمرة العدل واحترام حقوق كلّ إنسان. نصلّي بالأخصّ من أجل وطننا الغالي مصر، من أجل رئيس الجمهورية والقادة وكلّ القائمين على شئون البلاد في جميع المجالات، لينيرهم الرب ويمدهم بالحكمة لحمل رسالة الوطن والمواطنين بأمانة واجتهاد.

أيّها القائم من بين الأموات… أقِم نفوسنا من قبور الحقد والبغضاء… حرّر ضمائرنا من طغيان الشر… انفض عنّا أكفان الطمع والشهوات… دحرج حجارة الخطيئة عن أرواحنا وأطلقها في عليائك… المسيح قام… حقاً قام.

الاب انطونيوس مقار ابراهيم
راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان