موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ١٣ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٠
الفيروس الفكري

أشخين ديمرجيان :

 

"أتعدون لنا مؤتمراً؟! كلاّ، كفى، شكراً جزيلا ...لا البيانات ستبني بيننا جسرًا ولا فعل الإدانات سيُحيين فتيلا ...نحن لا نشتري صراخًا بالصواريخ ولا نبتاع بالسيف الصليلا ...نحن نرجو كلّ من فيه بقايا خجل أن يستقيلا ..نحن لا نسألكم الاّ الرحيلا... ورغم القباحات التي خلّفتُموها ...سوف لن ننسى لكم هذا الجميلا ...ارحلوا ....أم تحسبون الله لن يخلق لنا عنكم بديلا"؟! من أقوال الشاعر السوري العظيم نزار قبّاني لجميع الذين يلعبون بمصائر الأمم والشعوب.

 

إنّها رسالة الى بعض قادة الدّول والسياسيين المقنّعين بأقنعة العدل والسلام، انتفخت جيوبهم وارتفع رصيدهم في البنوك، غلظت رقابهم وقست قلوبهم، فيما يتمنطقون مدافعهم ورشاشاتهم، وأيديهم على الزناد لتصويبها الى رؤوس الشعوب المُسالمة المقهورة العُزلى، يزرعون الخوف في القلوب ويملؤونها بالرعب والهلع، بينما يتشدّقون بالأمن والسلام محاولين إقناعنا بأكاذيبهم التي لا تخفى على أحد. هم يتآمرون وفي نيّتهم القتال والدّمار وبيع الأسلحة والذخائر لحصد الأرواح، في سبيل تحقيق مكاسب مادّيّة وثروات طائلة لها أوّل وليس لها آخر! أنت فقط يا رب بإمكانك أن تحاسب مجرمي الحرب الذين اغتالوا الضمير الانسانيّ وشجّعوا على الأعمال الهمجيّة بلا هوادة.

 

هم خونة في جميع مواثيق حقوق الانسان الدوليّة التي تتبنّى مبادىء وقوانين تضمن العدل والإنصاف لكلّ فرد بشري، وتنادي بالتزام الدول في حماية حقوق الانسان والحفاظ عليها، وبالتفاهم الدولي والسلام ومكافحة العنصريّة أو التحريض على المعارك... لأنّ خوض الوغى خسارة وانكسار وهزيمة ودمار وإبادة وتشريد وتجويع لجميع الأطراف في النزاع.

 

فتّح يا ربّ عيون أولئك الّذين أعمى أبصارهم لمعان الذهب والفضّة، وسيطرت عليهم الرغبة في الاقتناء والطمع والجشع، فغرقوا في عبوديّة المادة، وسمّوا أنفسهم "ثوّارًا" وهم يُزهقون الأرواح من أجل الغنى والميسرة! أو الّذين يستغلّون العامل ولا يعطونه حقّ أجره... ويستغلّون العامل الأجنبيّ الذي ترك وطنه وأسرته في سبيل لقمة العيش وكأنّه عبد لديهم يدفعون له النزر اليسير، ناسين أو متتناسين أنّ حرمان العامل أجرته التي يستحقّها هي من الخطايا التي تصرخ أمام الله طالبة الانتقام مثل القتل الاختياريّ (عمداً) وكذلك ظلم الفقراء والأرامل والأيتام ...

 

حنّن يا ربّ قلوب بعض الأطباء الّذين –رغم القَسَم والولاء لمهنتهم– يمارسون عمليّات اجهاض الجنين، فتتضرّج أيديهم وصفحات أبديّتهم بدماء الأطفال الأبرياء. وبدّد يا رحيم الظلم الطاغي... والظلام السائد على العالم أجمع، بسبب ظروف الكورونا اللعينة، وهذا في صميم ما قاله الشاعر محمود سامي البارودي: "ما أَطول اللّيل على الساهرِ ** أَما لهذا اللّيل من آخِرِ **يا قلبُ لا تجزع فِإنّ المُنى ** في الصّبر واللَّهُ مع الصّابرِ".

 

ليُدرك أولئك الّذين يقضون العمر في علب الليل وفي المخدّرات أنّ دروبهم تؤدّي إلى الهلاك الأبدي. وكذلك أولئك الّذين يستغلّون الأطفال في أعمال شاقّة مُضنية كالعبيد، يُغرقونهم  في بحر الفساد والدّعارة. أو يشرّدونهم في بلاد الله الواسعة أو للدول التي تشرّع زواج المثليين. مع أنّ المثليّة الجنسيّة خطيئة وممارسة غير أخلاقية تُثير احتجاجات عنيفة لدى معظم الناس، كما تعكس مدى انحطاط الفكر والقيم والأخلاق في بعض أنحاء العالم. والهدف منها تدمير مفهوم الزواج والأسرة في المجتمعات على المدى البعيد.

 

ارحم يا رب! ارحم جميع الّذين تقدّمتْ بهم السّن، خاصة الذين يصطدمون بجحود الأبناء عديمي الإنسانيّة، بينما الوالديَن أضحيا في أمَسّ الحاجّة لحنانهم ورعايتهم، وباتوا يُعانون من الجحود العاطفي ونقص التعزية والإكرام، في انتظار الرحيل الى العالم الآخر بفارغ الصبر.

 

خاتمة

 

"الشرور التي تحلّ عليكم ستعبر وذاك الذي تنتظرونه بصبر سيأتي. إنّه سيكفكف كلّ دمعة ولا يكون بكاء بعده هنا" (القديس أغسطينوس). ما أعظم طول الأناة على جميع البشر وذلك ما يؤكّده السيّد المسيح: "ومَن صبر الى المنتهى فذاك يخلص" (متّى 10: 22). وفي سفر المزامير شُبّهَت الحياة على الارض بالحلم الذي نصحو منه على الحقيقة: إمّا السعادة للأبرار أو الشقاء للأشرار.