موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٢٥ يوليو / تموز ٢٠٢٠
الفن الكنسيّ في كاتدرائية آيا صوفيا – الحكمة الإلهية (2)
2- فسيفساء لوالدة الإله والربّ يسوع فوق المدخل الجنوبي الشرقي.
فسيفساء لوالدة الإله والربّ يسوع فوق المدخل الجنوبي الشرقي.

فسيفساء لوالدة الإله والربّ يسوع فوق المدخل الجنوبي الشرقي.

بطريركية أنطاكية للروم الأرثوذكس :

 

فوق باب المدخل الجنوبي الشرقي الذي يؤدّي إلى داخل النارثكس الداخلي، نشاهد فسيفساء لوالدة الإله والربّ يسوع يحيط بهما ملِكان وفي يد كلّ ملك هديّة.

 

تجلس العذراء على عرش كملكة وفي حضنها الرب يسوع المسيح. عن يمينها يقف الإمبراطور يوستينيانوس الأوّل (527-565م) حاملًا مجسّم كنيسة آيا صوفيا الذي أمر ببنائها. وعن يسارها الإمبراطور قسطنطين (306-337م) حاملًا مجسّم مدينة القسطنطينيّة الذي أسسها ودُعيت على اسمه.

 

الأحرف الأربع عن يمين ويسار العذراء في أعلى الفسيفساء باللغة اليونانيّة MP ΘY هي تلخيص Mήτηρ Θεού أي والدة الإله، كما في سائر إيقونات والدة الإله. فهذه الكتابة إلزاميّة سواء في الفسيفساء، أو الجداريّة، أو الإيقونة، أوّلًا كتعريف بصاحب الإيقونة، وثانيًا لأن الإسم يرتبط باللاهوت والعقيدة بخاصة مع الرّب يسوع المسيح أو والدة الإله.

 

صحيحٌ أنَّ اصطلاح "والدة الله" أًثبِتَ في المجمع المسكوني الثالث المنعَقدَ في أفسس عام 431م، إلّا أنَّ روحانيَّتهُ مِن صلب الإيمان المسيحيّ. ألا نقول في الجزء الأوّل مِن دستورِ الإيمانِ الذي هو من المجمع المسكوني الأوَّل عام 325م أنَّ "ابن الله تجسّد مِن الروح القدس ومِن مريم العذراء"؟

 

كذلك يجب ألاّ يغيبَ عن فِكرِنا ما قالته أليصابات للعذراء عندما أتت مريم لتخدمها بعد البِشارةِ مباشرةً: "فمِن أين لي هذا أن تأتي أمُّ رَبِّي إليَّ Mήτηρ τοῦ Κυρίου (لوقا 1: 43). وقد استعُمِلَ الكسندروس الإسكندريّ (313-326م) هذا الاصطلاح قبل المجمع الثالث، وقال القدّيس غريغوريوس النزينزي (+380م) "ملعون كلّ من لا يقول إنّ مريم هي والدة الإله THEOTOKOS θεοτόκος.

 

فكلمة θεοτόκος مركّبة منθεός أي الله و Τόκος (مولِد) مِن الفعل τίκτω وتعني يلِد، أي خروج الجنين مِن الرحم وعلى أساسِها تُصبح مريم العذراء θεοτόκος، أي هي والدة الإله غير المنفصل في طبيعتيه الإلهيّة والبشريّة، وليس Χριστοτόκος أي أم المسيح كما ادّعى نسطوريوس عندما وقَع في الهرطقة.

 

فالرّبّ يسوع المسيح مولود غير مخلوق، بمعنى أنّه لم يولد من أب بشريّ ولا هو مجبول بيد، بل هو إله كامل مولود من الله الآب خارج الزمن، وعندما تجسّد أصبح أيضًا إنسانًا كاملاً مولودًا من العذراء مريم في الزمن. فجمع بتجسّده الطبيعة البشريّة مع الطبيعة الإلهية.

 

بالعودة إلى والدة الإله نجد تحت رجليها هنا منصّة مرصّعة بأحجار كريمة، وهذا دلالة لمكانتها كما نصلّي: "يا هي أكرم مِن الشيروبيم وأرفع مجدًا بغير بقياسِ مِن السيرافيم".

 

الكتابة اليونانيّة الموجودة خلف الإمبراطور يوستينيانوس تقول:

Ιουστινιανός ο Αοίδιμος Βασιλεύς

"الملك الدائم الذكر يوستينيانوس".

 

الكتابة اليونانيّة الموجودة خلف الإمبراطور قسطنطين تقول:

Κωνσταντίνος, ο εν Αγίοις Μέγας Βασιλεύς

"قسطنطين الملك العظيم في القدّيسين".

 

تعود هذه الفسيفساء إلى نهاية القرن العاشر ميلادي أو بداية القرن الحادي عشر ميلادي.

 

بشفاعة والدة الإله يا مخلّص خلّصنا.