موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢١ فبراير / شباط ٢٠١٩
الفرق بين الشهادة والدعاية في الكنيسة!

الأب ألبير هشام نعّوم – بغداد :

قدّمتْ الأخبار، ولا زالت تقدّم، عددًا هائلاً من الأحداث والنشاطات الكنسية المحلية وغيرها، واستفادت الكنيسة من تقنيات الإعلام في سبيل نشر ما تقوم به لعددٍ أكبر، من القرّاء أو المستمعين أو المشاهدين، مستغلة قدرة الإعلام على تجاوز حدود المكان لتوصل قلب الحدث إلى أبعد نقطة. وعبّرت الكنيسة، منذ المجمع الفاتيكاني الثاني وإلى اليوم عبر تعليمها الرسمي، عن قدرة هذه الوسائل الإعلامية في سبيل توصيل البشرى السارة، بشرى الخلاص، ودعت لاستخدامها لهذا الغرض.

ولكننا لا نزال نحتاج ككنيسة اليوم، أن نفرّق بين أخبار الكنيسة التي تؤدي شهادة مسيحية صادقة، وبين تلك التي تصنع دعاية فقط! لا نريد أن نبالغ في الفرق، فالأخبار بطبيعتها فيها نوع من الدعاية المفروضة علينا، ولكني أقصد هنا الأخبار التي تُكتب من أجل الدعاية فقط وتنسى أو تتناسى أنّ هدفها قبل كلّ شيء تأدية الشهادة المسيحية وإعلان اسم يسوع المسيح من خلال نشاطات الكنيسة وأحداثها.

كما لا يبدو الفرق بين الشهادة والدعاية ظاهريًا، فالنتيجة قد تبدو واحدة لكثيرين في النهاية، ولكنه يبقى جوهريًا لمن يتعمق في الأحداث التي تقدّمها الكنيسة في الإعلام، ويحلل الأخبار فيفهم القصد منها. وإليكم ثلاث أسئلة أعتقد بوجوب طرحها على أنفسنا قبل كتابة خبر، وستساعدنا أيضًا في توضيح الفرق بين الشهادة والدعاية:

- لماذا أكتب هذا الخبر عن الكنيسة؟ هل لمجرّد أن أقول: إني قمتُ بهذا النشاط أو ذاك... فأهدف إلى التميّز الشخصي؟ (دعاية) أم لأبين عمل الله، من خلال الكنيسة، للناس المشاركين في هذا النشاط ومن خلالهم إلى آخرين؟ (شهادة)

- لدى كتابة الخبر، هل يهمني حجم الحدث، كعدد المشاركين، دون الاهتمام بمضمون اللقاء؟ (دعاية)، أم أكتب خبرًا أغلّب فيه مضمون اللقاء لأعمّم الاستفادة منه فيصل المسيحُ إلى آخرين (شهادة).

- هل ننسى أن نذكر حتّى اسم يسوع في أخبارنا الكنسية؟ هل نكرز بدون أن نذكر آيةً واحدة من الكتاب المقدس؟ (دعاية)، أم نستغل كل خبر في سبيل أن نوصل كلمة يسوع وروحه؟ (شهادة)... الخ.

"الشهادة" في الإعلام تنقل عمل الله للمؤمنين، أما "الدعاية" فلا تنقل سوى أنفسنا. وهذا مقياس علينا أن نراجع أنفسنا دومًا على أساسه، مستذكرين قول القديس بولس في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس: "فلسنا ندعو إلى أنفسنا، بل إلى يسوع المسيح الربّ، وما نحنُ إلاّ خدمٌ لكم من أجل يسوع" (4/5).