موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٨ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠
الفاتيكان يحثّ دول العالم على عدم نسيان سورية وشعبها الرازح تحت الحاجة الماسّة
نصف المسيحيين غادروا سورية وباتت الكنائس تفتقر إلى المؤمنين!

أبونا وفاتيكان نيوز وزينيت :

مع تركيز انتباه العالم أجمع على جائحة كوفيد-19، وعواقبها الاقتصاديّة الوخيمة، حثّ الفاتيكان الدول على عدم نسيان سورية وشعبها الذي لايزال يعيش في حالة من العنف والحاجة الماسّة. ففي خطوة غير عاديّة، دعت الحاضرة الفاتيكانيّة الدبلوماسيين المعتمدين لديها من مختلف أنحاء العالم، للقاء عقد يوم 15 تشرين الأول 2020، مع الكاردينال ماريو زيناري، السفير البابوي في دمشق.

 

وشارك في هذا اللقاء الاستثنائي، أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، وأمين سر العلاقات بين الدول المطران بول ريتشارد غالاغر، في علامة تدلّ على أهمية هذا اللقاء بالنسبة إلى الكرسي الرسولي، كفرصة لإعادة إحياء الانتباه إلى الوضع الذي تجد سورية نفسها فيه، بعد مضي عشر سنوات من دوامة العنف والعوز على الأصعدة الإنسانيّة والاجتماعيّة.

 

وذكر بيان الفاتيكان أنّه خلال اللقاء، لفت الدبلوماسي الفاتيكاني العامل بالعاصمة دمشق، بأنّ سورية تبدو وكأنّها اختفت من "رادار الإعلام"، لكن الكارثة الإنسانية ما زالت مستمرّة، وما يقلق أكثر من الصواريخ هو "قنبلة الفقر الرهيبة". وأوضح بأنّ حوالي 80% من السكان يعيشون في فقر، وأن ما يقدّر بنحو 11 مليون مواطن في البلاد بحاجة إلى مساعدات إنسانيّة، بالتالي تعتبر الأوضاع في سورية "أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".

 

وقدّم الكاردينال زيناري الشكر الجزيل لسخاء العديد من الدول والمؤسسات، لاسيما وكالات الأمم المتحدة التي قامت بسلسلة من المشاريع الإنسانية، بالإضافة إلى النشاط الهام الذي تقوم به الكنائس المتواجدة في سورية، إلى جانب المنظمات الخيرية الكاثوليكية والتي أطلقت خلال السنوات الماضية سلسلة من المشاريع الإنسانية لصالح المواطنين المحتاجين. لكنه حذّر من أنّ الوقت ينفذ: فسورية مليئة "بقرى الأشباح"، تتناثر فيها الأنقاض، ووقد "فقد الكثير من السوريين كلّ أمل".

 

ولم يفلت الدبلوماسي الفاتيكاني من السؤال الحسّاس المتمثّل في العقوبات الدولية المفروضة على سورية، مستنكرًا بأنها "تمسّ السكان بلا هوادة". ودافع بشكل خاص عن الأطفال وكبار السن الذين يموتون في الشتاء بسبب البرد. كما تطرّق في حديثه لنزوح الشباب الأكفّاء وموت غيرهم في الحرب، وعن أهمية عودة اللاجئين، ومشكلة المفقودين والمعتقَلين.

 

هذا ودعا الكاردينال الإيطالي، الذي لم يرغب أبدًا في مغادرة البلاد، إلى استجابة دولية وحلول جذرية طويلة الأمد، في أعقاب تدخّلات البابا فرنسيس العديدة في سورية، كما وعلى ضوء رسالته البابوية الأخيرة "جميعنا إخوة"، التي يقول فيها: "إما أن ننقذ أنفسنا جميعًا أو لا يهرب أحد" (رقم 137).
 

البابا فرنسيس مصافحًا السفير البابوي في سورية الكاردينال ماريو زيناري (أرشيفية / فاتيكان نيوز)

وقبل ختام اللقاء، أجاب نيافته على عدة أسئلة طرحها الحاضرون، تتعلّق بالعلاقات بين الأديان في سورية، وحول الحاجة إلى انتعاش اقتصادي على مستويات مختلفة لإعادة إعمار البلاد، وتداعيات الصراع على الوجود المسيحي في المنطقة، وحالة الطوارئ التعليمية، ووضع المرأة، والحاجة إلى موارد مالية إضافية لمشروع "المستشفيات المفتوحة"؛ وهي ثلاثة مستشفيات كاثوليكية في دمشق وحلب يمكن للمرضى، بغض النظر عن عرقهم أو دينهم، من الوصول إليها مجانًا.

 

وعبّر السفير البابوي في دمشق عن ألمه حيال نزوح المسيحيين، لافتًا إلى أن نصف المسيحيين غادروا سورية وباتت الكنائس تفتقر إلى المؤمنين. وأكد نيافته أن لهذه الظاهرة خطرها على المجتمع ككل، لأن المسيحيين هم نفاذة مفتوحة على العالم، كما أنهم يشكلون مصدر غنى لكل القطاعات.

 

وفي الختام، عبّر الكاردينال بيترو بارولين عن أمله بألا يتعوّد العالم على "سلسلة الفظائع التي تأتي إلينا كل يوم من تلك الأمّة المعذبّة". وأكد "على أهميّة البحث عن حلول جديدة وعدم التخلي عن سورية تحت عباءة الصمت واللامبالاة إزاء صورِ الأمهات الثكالى، والأطفال الذين يموتون بردًا وجوعًا، والآباء اليائسين والعاجزين عن بلوغ المستشفيات لإنقاذ أبنائهم بعد ساعات طويلة من السير على الأقدام".