موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٠ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٠
الصلاة الافتتاحية الرسمية في لبنان لأسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس

بيروت :

استضافت بطريركية السريان الكاثوليك في لبنان الصلاة الافتتاحية الرسمية لأسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس، مساء أمس الأحد، بصلاة بحسب الطقس السرياني الأنطاكي ترأسها البطريرك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، في كاتدرائية سيّدة البشارة ببيروت.

وشارك في الصلاة البطريرك الماروني الكردينال بشارة بطرس الراعي، بطريرك السريان الأرثوذكس إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، ولفيف من ممثلي الكنائس، من أساقفة وكهنة، ورهبان وراهبات وشمامسة، وجمع من المؤمنين من مختلف الكنائس.

بعد صلاة البدء التي أعلنها البطريرك يونان، أقيمت صلاة مساء الأحد مرتَّلةً باللغة السريانية، بأصوات جوقة مشتركة بين إكليريكية دير الشرفة ورعايا أبرشية لبنان، بقيادة الأب سعيد مسّوح نائب المدير والقيّم في الإكليريكية وفي دير الشرفة. وتوالى على تلاوة الصلوات والقراءات البطاركة والمطارنة من مختلف الكنائس.

وبعد الإنجيل المقدس، ألقى بطريرك السريان الكاثوليك عظة روحية بعنوان "مجتهدين في المحافظة على وحدة الروح برباط السلام". فرحّب بجميع الحاضرين، مؤكدًا أهمّية الصلاة من أجل وحدة الكنائس، ومتطرّقًا إلى قول الرب يسوع لتلاميذه: "دعوتكم أحبّائي"، شارحًا ماهيّة المحبّة التي تجمع بين أتباع الرب يسوع، وتتجسّد بروح الأخوّة الصادقة.

ونوّه غبطته إلى أهمّية الوحدة بين المسيحيين لأداء الشهادة الحقيقية للرب، مشيرًا إلى أنّ "الصلاة لأجل الوحدة المسيحية أضحت ضرورةً في العالم، حيث تطالعنا منظّمة الأمم المتّحدة بأنّ المسيحيين هم الجماعة الدينية التي تعاني أنواعاً من الاضطهادات أكثر من أيّ دينٍ آخر"، ومُبرِزاً "أهمّية الصلاة والسعي لهذه الوحدة في شرقنا الأوسط خاصةً، حيث غنى التعدّد في الإنتماءات الناتجة عن تقاليدٍ وطقوسٍ ولغاتٍ متميّزة، تشكّل في الوقت عينه تحدّياتٍ بل عقباتٍ في طريق الوحدة، ممّا يضعف شهادة المسيحيين في أعين الأكثرية العظمى التي تختلف عنهم. وما القول عن لبناننا الحبيب حيث الحنين إلى وحدة الكنائس يتضاعف ويتعمّق كلّ يومٍ في نفوس المؤمنين، بينما لا تزال كنائسنا عاجزةً عن توحيد الأعياد، لا سيّما الاحتفال بعيد قيامة مخلّصهم، ولا يزال المسيحيون غير مبالين بتحقيق المساواة بين طوائفهم أكثريةً كانت أم أقلّية!".

وأكّد غبطته "أنّ الوحدة أمرٌ ضروري وأساسي لأداء الشهادة الحقيقية للرب. صحيحٌ أننا لم نبلغ الوحدة المنظورة حتى الآن، إلا أنّنا قطعنا أشواطاً طويلةً من اللقاء والحوار والتقارب الليتورجي والروحي واللاهوتي، مع إقرارنا بأنّ العلمانيين سبقونا في مغامرة الوحدة هذه"، مشيراً إلى أنّ أموراً عديدةً تبقى "بحاجةٍ إلى متابعةٍ بالحوار المشترك، بروح الانفتاح والمحبّة الأخوية. لذا يحثّنا الرب على عيش المحبّة بالصدق مع أنفسنا، والإنفتاح المستمرّ على بعضنا البعض، وذلك بروح الإصغاء المتواضع إلى يسوع معلّمنا ومثالنا، راجين أن يتعرّف علينا الربّ ويعترف بنا تلامذةً له متى جاء".

وذكّر أنّ "الرب يدعونا اليوم إلى أن نعمل الآن وبدون تراخٍ أو تأخير، فنهيّئ الأطر اللازمة والطرق المؤدّية إلى الوحدة الكاملة، أمنية المسيحيين جميعاً في كلّ أنحاء العالم. هذه الوحدة مطلوبةٌ الآن بإلحاحٍ وأكثر من أيّ وقتٍ مضى، سيّما في ظلّ ما يعيشه العالم من تقلّباتٍ وتغيّرات، بسبب مرض اللامبالاة الدينية وتفشّي الإلحاد أو التطرّف الديني الخطير، لا بل معاداة بشرى الإنجيل التي تسعى الكنيسة أن تقدّمها لمن يجهلها وهو متعطّشٌ إليها"، منوّهاً إلى وجوب "أن نستلهم نعمةً وحكمةً وتنوُّراً من لدن الله تعالى، كي نتفهّم المتغيّرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في عالمنا اليوم، ونكون رسلاً حقيقيين نشهد لبشرى الخلاص شهادةً حيّةً واحدةً موحّدةً، كي يرى جميع الناس أعمالنا الصالحة ويمجّدوا الآب السماوي".

وتناول غبطته الوضع الراهن في لبنان، فقال: "ولكن، كيف لنا أن نبلغ هذه الوحدة ونحن هنا في لبنان "الرسالة" نرى الطوائف تتسابق والذراع المدني في التمييز بين أكثرية وأقلية وفي المطالبة بالحصص. ونجد واجباً علينا أن نناشد من هذا المكان المقدس جميع المسؤولين السياسيين الذين ينعتهم الشعب المنتفض بحقّ أنّهم لا يستحقّون شرف هذا العمل النبيل، كي يبادروا على الفور إلى تشكيل حكومةٍ فاعلةٍ مؤلّفةٍ من اختصاصيين مستقلّين وغير ملوَّثين بالفساد أو مشاركين في السرقات وهدر المال العام. ونعرب عن تضامننا مع جميع المواطنين وبخاصّة الشباب الذين يتابعون حراكهم المطالِب بأبسط حقوق العيش الكريم، وينادون دون كللٍ بدولةٍ نزيهةٍ تحافظ على كيان الوطن وتنتشل الاقتصاد من الوهدة السحيقة التي سقط فيها. ونتمنّى بإلحاح أن يحافظ هذا الحراك الشعبي بلبلعلى بلسلميّته صوناً لأهدافه النبيلة، بالتعاون البنّاء مع القوى الأمنية والعسكرية المخلصة والساهرة على أمان بلالوطن وسلامة أراضيه وجميع مواطنيه".

وخلص بطريرك السريان الكاثوليك عظته رافعًا الصلاة "بشكلٍ خاص لكنائسنا في الشرق الأوسط، سيّما في سوريا الجريحة التي يعاني مواطنوها الصعوبات والآلام نتيجةً للصراعات الهدّامة التي ابتُلِيت بها منذ تسع سنوات، وفي العراق العزيز الذي لا يزال يكابد النزاعات والانقسامات بسبب الصراعات السياسية والطائفية ممّا دفع بالمسيحيين إلى هجرة أرضهم ووطنهم، ومصر والأراضي المقدسة، كما في بلدان الانتشار حيث تشتّت أهلنا".

وكان الأب طانيوس خليل، أمين سرّ لجنة العلاقات المسكونية في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، قد افتتح الصلاة بالتعريف بأسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس. وقبل ختام الصلاة، ألقى المطران جوزف معوّض، رئيس اللجنة المسكونية في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، كلمة شكر فيها جميع المشاركين في الصلاة.