موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٢ مارس / آذار ٢٠٢٠
الشاب نمير مفيد زيادين يكتب: معجزة إلهية لشفاء فيروس كورونا
 نمير مفيد زيادين

نمير مفيد زيادين

نمير مفيد زيادين :

 

أعتقد أنّ كثيراً منّا قد ردّد على لسانه في الآونة الأخيرة كلمات التلاميذ التي قالوها للسيد المسيح قبل أكثر من ألفي عام، "يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟"(مرقس ٤: ٣٨)

 

الزمن يعيد نفسه والظاهر أن الطبع البشري لم ولن يختلف على الرغم من اختلاف الثقافات والتقدّم الهائل بالعلم والتكنولوجيا والمعرفة لكن ضعفنا البشريّ كحاله لم يتغير إن لم يكن قد ازداد.

 

في خضمّ الظروف العصيبة التي يمر بها العالم يقف معظم الناس حائرين أمام صمت الله! أين هو الله من فوضى هذا العالم؟ أين صوت الله الذي من المفترض أن يصدح وحده في سكون  عالم اليوم وصمته؟

 

لماذا لا يستجيب صلواتنا؟ لماذا لا يوقف الأوبئة والأمراض ولماذا لا يوقف الحروب والاقتتال والظلم والفقر والجوع؟

 

أين معجزاتك يا رب؟ كثيرون ينتظرون معجزة من أعالي السماوات ليُشفى العالم من فيروس كورونا اللعين! لكن أين هي معجزاتك يا رب؟

 

والكثيرون أيضاً لم يكتفوا بذلك بل وقفوا في وجه العلم والطب وشرّعوا كل ما حذّر منه العلم والعلماء بحجّة أن الله هو الحامي بصرف النظر عمّا إذ تجنبنا المخاطر والتحذيرات أم لم نتجنبها!!

 

نعم صحيح عند الله شفاء كل نفس وجسد وهذا هو إيماننا، لكن الله سخّر العلم والعقل وكل ما جاء به العلماء من تقدّم في العلوم الطبية من أجل منفعة البشرية، فالعقل هبة من الله سبحانه وتعالى والإنسان بأبحاثه وعلومه واختراعاته هو يد الله اليمنى على الأرض التي يُجري معجزاته من خلالها. لا بل إن تطوّر الطب والعلوم والأبحاث والاكتشافات والأدوية والمستشفيات والمراكز الطبية وسأذهب إلى أبعد من ذلك لأقول إن الأطباء والصيادلة والممرضين والباحثين بمختلف مجالاتهم الطبية والعلمية هم معجزة الله الحقيقية والكبرى في هذا الزمان، مثلهم كمثل كل إنسان عاقل على وجه هذه الكرة الأرضية هو معجزة من معجزات الله إذا ما قام بدوره على أكمل وجه لخدمة  أخيه الإنسان وخيره، ولنذهب أعمق من ذلك لنشمل كل إنسان ينشر الحب والخير والخدمة والصفح والصدق والابتسامة الجميلة العفوية لمن حوله بأن يكون بحدّ ذاته معجزة من معجزات الله تعالى.

 

ألا زلنا ننتظر معجزه إلهية وعجيبة فائقة الطبيعة لشفاء العالم من فيروس كورونا؟ إنّي أبشركم أنها حدثت وهي بيننا الآن، فلنشكر الله على هذا التقدَم العلمي والطبي الذي لولاه لكانت الخسائر أضعاف مضاعفة لما هي عليه الآن، لنشكر الله على المستشفيات والمراكز والعلاجات التي لولاها لكانت الكارثة أكبر بكثير، لنشكر الله على نعمة العقل والذكاء البشري الذي وهبه للإنسان والذي حمى العالم من الكوارث والأمراض والأوبئة وعالج وشفى ولا يزال يشفي المرضى من حالاتهم الطارئة وأمراضهم المزمنة وأوبئة العالم المستجدة.

 

العلم والعلماء والأبحاث الطبية في كل أرجاء العالم يعيشون حالة استنفار علمي على جميع الأصعدة فمنهم من يجتهد لإيضاح الصورة الكاملة عن هذا الفيروس وآثاره على صحة الإنسان، ومنهم من يواصل الليل بالنهار لإيجاد اللقاح المناسب له. وعاجلاً أم آجلاَ سيتمكن العقل البشري "المعجزة الإلهية" من إيجاد كل ما يلزم من الحلول لتجنيب البشرية كل الأخطار الممكنة . وتأكدوا تماماً أن هذه هي معجزة الله الحقيقية التي ينتظرها كثيرون.

 

"فَهَبَّتْ عَاصِفَةُ رِيحٍ شَدِيدَةٌ، وَأَخَذَتِ الأَمْوَاجُ تَضْرِبُ الْقَارِبَ حَتَّى كَادَ يَمْتَلِىءُ مَاءً. وَكَانَ هُوَ فِي مُؤَخَّرِ الْقَارِبِ نَائِماً عَلَى وِسَادَةٍ. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟» فَنَهَضَ، وَزَجَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اصْمُتْ. اِخْرَسْ!» فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَسَادَ هُدُوءٌ تَامٌّ.… (مرقس 4: 37-39)