موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٢ ابريل / نيسان ٢٠١٩
الرأي العام.. الضمير المستتر؟

د. صبري الربيحات :

المجتمعات الدیمقراطیة تحرص على مشاركة المواطنین في ادارة الشؤون العامة وتعتبر ذلك حقا اصیلا لھم یجري تفویض البعض للقیام بھ نیابة عنھم على ان یتم ذلك لمصلحتھم.

ضمن ھذه الرؤیا تلتزم حكومات ومجالس ھذه الدول بالشفافیة وینظر للرأي العام كمؤشر على رضا اصحاب الحق وسلامة المسیرة وملائمة الاجراءات . في كثیر من دول العالم الیوم یعتبر الرأي العام مقیاسا مھما وأداة رقابیة فعالة وحكما على مستوى نجاح المكلفین والتزامھم بالمبادئ والاسس والقواعد التي یحرص المجتمع على احترامھا ومراعاتھا.

بیانات الأحزاب وتصریحات المسؤولین والتشریعات الصادرة عن المجالس یجري تقییمھا والحكم على ملاءمتھا من خلال مستوى قبول او رفض الشارع لھا. لذا یصعب على اي فرد او جماعة التفرد بالسلطة او العمل في معزل عن ما یفكر بھ الناس او یرونھ مناسبا. من ھنا یكتسب العمل العام اھمیة خاصة ودینامیكیة تفرضھا الحاجة الى التفاعل مع آراء ورغبات القواعد الشعبیة والجمھور المعني بالسیاسات والتشریعات والبرامج التي تتخذھا السلطات.

الآراء والمواقف التي تسجلھا الاستطلاعات ومراكز الرصد تعبر بوضوح عن مدى قبول ورضا المجتمع عن ما یجري على الساحة من احداث .

في المجتمعات التي تتجاھل حقوق الافراد والجماعات یعتبر الرأي العام والتعبیر عنھ ترفا لا حاجة لھ. لسد الثغرات التي تكشفھا المقارنة مع المجتمعات الدیمقراطیة، وتنتج الانظمة السیاسیة رأیا عاما خاصا بھا حیث تعمل على استخدام واستمالة اعداد من المثقفین والصحفیین والكتاب لإنتاج افكار وآراء وصور تظھر القرارات والسیاسات على انھا الخیارات الفضلى التي على الجمیع مباركتھا وتأییدھا.

بالرغم من محاولات تجاھل الرأي العام وكثافة جھود التضلیل والتشویھ الذي یتعرض لھ ومحاولات التقلیل من اھمیتھ الا ان من الصعب اھمال الاسئلة والاستنتاجات التي یطرحھا عندما یجري تحریكھ او استثارتھ.

عند وقوع الحوادث وفي اوقات الازمات والكوارث وفي المناسبات التي یشعر فیھا الافراد بالخطر یستیقظ الوعي الجمعي فینظر الناس الى الاحداث باعتبارھا بعضا من الاعراض التي تعكس حالة المجتمع وما وصل الیھ.

القصص والاخبار التي یجري تناقلھا عن الحوادث تمزج بین الحقائق و المشاعر والآمال من جھة والمخاوف والغایات التي یرمي لھا من یؤلف وینقل الاخبار من جھة اخرى .

الخیر والشر والتفاؤل والتشاؤم ثنائیات تقتحم فضاء الاحداث وتلون الروایات والقصص والمعاني التي یضفیھا المجتمع على الافعال والتصریحات والمواقف والجرائم والوقائع التي تحدث یومیا في فضاءات الاعلام وعلى ارضیة المدن والقرى والاحیاء.

الایام والاسابیع الماضیة كان الرأي العام الأردني متیقظا ومنشغلا بالحوادث والقضایا التي اثارت الاھتمام ولامست مشاعر الجمیع . بعض القرارات الحكومیة ومقتل الطفلة واعتصامات المتعطلین عن العمل دفعت بالناشطین الى التواصل والمتابعة والتفاعل حول الاسباب والمسؤولیة والتوقعات.

بالرغم من عدم توفر بیانات دقیقة عن عدد المنشورات التي حملتھا صفحات المغردین والناشرین حول مجمل القضایا الا انھ من الممكن القول بأن بعض الاخبار المنشورة صحیحة والبعض الآخر لا یستند الى ادلة مما یحدث ارباكا في عمل واجراءات المؤسسات المعنیة.

في زمن الازمات والطوارئ یصعب على المؤسسات ان تؤدي ادوارھا وتتعاطى مع القصص والروایات والاخبار التي یجري تداولھا بنفس الفعالیة ..لذا وفي مثل ھذه الظروف ینبغي ان تشتمل كل خطة طوارئ على مكون اعلامي یحرص على ادامة الاتصال والتعامل مع البیانات والقصص والاشاعات بحرفیة واقتدار.

خلال الازمات والظروف الاستثنائیة یشعر الكثیر من المدراء والعاملین بأنھم یعملون تحت رقابة المتابعین وكامیرات الھواة والفضولیین فیعملون على ادانتھا وشیطنتھا واتھامھا بالتدخل والعرقلة والفضول وقد ینتھي الامر باتخاذ قرار منع النشر.

خلافا لما یعتقده المدراء وصناع القرار ینبغي النظر الى الاھتمام الشعبي كقوة یمكن استغلالھا في خدمة ادارة الوقائع والازمات بدلا من ان یجري تغذیتھا بالقصص والاشاعات التي یتم انتاجھا لسد الحاجة المتزایدة للمعرفة وملء الفراغ.

الغد