موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٨ مارس / آذار ٢٠١٣
الدين والسياسة وأفيون الشعوب!

طارق مصاروة - الرأي :

ذكرنا امين معلوف في كتابه المترجم «اختلال العالم» بأن كارل ماركس لم يقل «الدين افيون الشعوب».. ووضع بعدها نقطة، فالعبارة الكاملة التي لم نقرأها لأن الانكليز علمونا اياها مجزوءة في دعاياتهم لمكافحة الشيوعية، يقول ماركس: الدين هو تنهيدة المخلوق المظلوم، قلب عالم بلا قلب، روح عالم بلا روح، انه افيون الشعوب» وكما يفسر احد خالدي فرنسا اللبناني، ان المعنى هو «وجوب الغاء هذه السعادة الوهمية، كي ينشغل الناس بسعادة حقيقية، ويمكن ان نستخلص منه بصورة معقولة انه اذا تبين ان السعادة الموعودة اكثر وهمية ايضاً، فان الشعوب ستعود الى «افيونها» المعزّي!!

اننا اذ لا نتفق مع الاخوان المسلمين في طروحاتهم السياسية، فاننا مع ذلك نتفق مع امين معلوف ان الاسلام السياسي الذي تفوق في المجتمعات العربية والاسلامية على القومية والماركسية لم يكتف بهزيمة هاتين العقيدتين بل استوعبهما وتملكهما، فثورة ايران هي ثورة دينية بالتأكيد لكنها ايضاً قومية مناهضة لنظام الشاه، معادية للغرب ومعادية لاسرائيل.

وعلينا ان نضيف ان هذه الثورة بسبب حالتها الطائفية الشيعية الاثني عشرية.. وجدت نفسها في مواجهة اسلام قومي آخر ثار قبلها، وسيثور بعدها..
وكما وجد كمال اتاتورك نفسه «علمانياً» بعد اسقاط الخلافة العثمانية، فان العرب الذين ثاروا قبله وجدوا انفسهم «قوميين». واذا كان على ابي الاتراك ان يحارب الغرب الاوروبي من اجل تركيا، فان العرب الذين حملوا مشعل الثورة على العثمانيين وقعوا ضحية استعمار جديد عليهم واخذتهم المرحلة نصف قرن لتشهد ثورة «القومية العربية» في وجه الاستعمار الغربي.

قضية الدين والسياسة، لها بحثها الطويل لكن الفهم غير المتعصب للدين في مواجهة السياسة والفهم غير المتعصب للسياسة في مواجهة الدين، هما اساس عالم بعيد عن الفوضى، واللااخلاقية والحروب والدم، بغض النظر عن اسم هذا الدين وشعارات هذه السياسة، واغلب الظن ان تعاسة الوضع العربي الراهن هو هذا الاختلال في علاقة مكونات التراث التاريخي، ومشهد الحياة المعاصرة، فالتعصب في أي دين سيقودنا حتماً الى صراع الاديان، والى العنصرية، والى الانحطاط الفكري والنفسي!