موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١ يوليو / تموز ٢٠١٩
الحيّة إذا دخلت من باب الشر

محمد السبتي :

في مقالة لها بعنوان «الحيّة والإعلام» منشور في جريدة اللواء اللبنانية في 2019/‏6/‏25 ذكرت الكاتبة محاسن حدارة ما نقلته عن الأب رفعت بدر مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن خلال مؤتمر الإعلام ودوره في الدفاع عن الحقيقة قوله: «أول من نقل الأخبار في التاريخ الحيّة وأعطت آدم وحواء أخبارا مزيفة... فدخل الغرور عقل الإنسان وأصغى إلى الأخبار المزيفة والإشاعة والأخبار المفبركة والمشوِّهة المباعة والمشتراة... )».

وذكرت الكاتبة في مقال رائع دور الإعلام المفروض في الدفاع عن الحقيقة، قرأت هذا المقال بعد قراءتي لافتتاحية جريدة الراي «أغلقوا باب الشر هذا» بتاريخ 2019/‏6/‏23، ومع إيماني بضرورة وجود «روادع» عن العبث في سمعة الناس وأمان واستقرار المجتمعات، وكف يد العبث هذه التي تعمل خلال هذا «الفضاء» الإعلامي مستغلة أبوابه الواسعة لبث قيئها الفاسد، ومع إيماني بأن هذا الردع القانوني قد يأتي بكثير من النتائج الإيجابية إلا أن هناك مسؤولية أخرى هي مسؤولية مجتمعية وإعلامية، بعيداً عن أي إجراء قانوني رسمي ولا يجب إغفال هذه المسؤولية والواجب إعمالها وتفعيلها.

بين هذين المقالين تابعت مشاركة السيدة أليسون كنغ الناطقة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي تنشر أفكاراً ومقترحات المؤتمر الدولي لحرية الإعلام، وكيفية حماية هذه الحرية والتصدي لظاهرة الأخبار الكاذبة التي تهدد حرية الإعلام، وتشكل خطورة على المجتمعات، وذكرت نصائح مجتمعية عدة سيرسخها هذا المؤتمر في كيفية التصدي لمثل هذه الأخبار والأكاذيب.

الآن وبعيداً عن أي اجراءات رسمية لمنع هذا الفساد والإفساد الإعلامي لكن... ماهي المسؤولية المجتمعية والإعلامية الملقاة على عاتقنا جميعا تجاه هذا العبث؟ السؤال بطريقة أخرى... كيف لمجتمع كامل بكل فئاته ومستوياته الثقافية والسياسية أن يتابع ويصدق ويقتنع بكلام حساب وهمي، على أحد هذه المواقع ليس له اسم ولا يعرف من يتحدث خلفه؟ لماذا مجتمعاتنا من دون استثناء تتلقف الإشاعة وتصدقها بسرعة ضوئية، حتى لو كانت هذه الإشاعة مستحيلة التصديق؟ ألا نلاحظ جميعاً أن أي كذبة سخيفة أو إشاعة متهافتة تمر على المجتمع يصدقها ويتداولها أيضاً؟!

هذا الفضاء الإعلامي الإلكتروني ربما يصعب السيطرة عليه قانونياً واجرائياً، مع إيماني بضرورة هذه الخطوات، إلا أن الأهم من ذلك هو منازلة السوء فيه بسلاحه نفسه، أن يكون هناك جهد إعلامي فاعل لترسيخ مبادئ التعامل مع هذا «المنتج الجديد»، الذي غيّر أشياء كثيرة في مجتمعاتنا وقلبها رأسا على عقب حتى أنه استطاع تغيير«الأنظمة»!

هذا المنتج الجديد منتج غير تقليدي، ومعالجة أخطاء تعامل بعضنا معه واستغلاله سوءاً تحتاج لأساليب غير تقليدية أيضاً، ما لم يكن هناك جهد إعلامي ومجتمعي توعوي ليترسخ في المجتمع كيفية التعامل مع الخبر قبل تصديقه، وكيفية التعامل مع المنصة الإخبارية قبل حتى القراءة لها، وكيفية التعامل مع الحساب الإلكتروني قبل سماع أحرفه، ما لم تكن هذه التوعية وهذه المنازلة من قبل المنصات الإعلامية المعتبرة والجهود المجتمعية معها فإن الكذب سينتصر، والإشاعة غالبة، والأشرار المتخفون مصدَّقون في مجتمعاتنا للأسف.

(الراي الكويتية)