موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٤ يوليو / تموز ٢٠١٤
التدخل السريع لمؤسسة كاريتاس القدس في قطاع غزة

الأب رائد ابو ساحلية، المدير العام :

لا يمكن أن نرى ما يحدث في قطاع غزة ونبقى مكتوفي الايدي، لأنه أمرٌ جلل يُقطِّع القلوب خاصة ما يحدث من دمار وقتل وتشريد: دمار لآلاف البيوت والمنشآت وأضرار في المدارس والعيادات والمستشفيات والمساجد والكنائس؛ أما القتلُ فد شمل المدنيين دون تمييز وخاصة الأطفال والنساء والمسنين ولا ننسى آلاف الجرحى الذين ينزفون ويتألمون؛ أما التشريد فقد شهدنا حركة نزوح كبيرة لأكثر من مائة ألف من الذين تركوا منازلهم ويعيشون الآن في المدراس والمؤسسات العامة وكذلك الكنائس، يفترشون الأرض يحتاجون الى أبسط وسائل العيش من ماء وطعام ودواء وفراش وغطاء وحليب لأطفالهم.

وانطلاقاً من كل هذه المأساة التي يعرفها الجميع فإن مؤسسة كاريتاس القدس التي تأسست عام 1967 بعد الحرب لتلبية الحاجات الاساسية للشعب الفلسطيني والعاملة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وكذلك في قطاع غزة منذ عام 1990 وذلك في عيادة طبية في مخيم الشاطيء وعيادة متنقلة في ستة مواقع مختلفة من انحاء القطاع، فقد شمرنا عن سواعدنا لنقدم ما يمكن بالسرعة العاجلة، وهنا نذكر ما نقوم به ليس من باب الاستعراض والافتخار ولكن من باب الواجب والاعلام واستنهاض الهمم:

-, اشتركنا في غرفة الطوارىء مع المؤسسات الخيرية والدولية العاملة في القطاع لتلبية الحاجات المُلحة وقد أوكل لنا توفير وتوزيع المواد الصحية لـ300 غرفة صفية في عدة مدارس من المدارس التي تديرها وكالة الغوث والمليئة بالنازحين.

-, اخذنا على عاتقنا العناية بالنازحين الذين لجأوا لمدرسة العائلة المقدسة التابعة للبطريركية اللاتينية وعددهم حوالي 700 شخص، ومدرسة الروم الارثوذكس التابعة للكنيسة الأرثوذكسية وعددهم 1100 شخص اذ أننا نوفر لهم وجبات الطعام بالاضافة لحليب الاطفال والحفاظات وكذلك السولار لمولد الكهرباء لمدة أسبوع.

-, اخذنا على عاتقنا توفير السولار لكنيسة العائلة المقدسة حيث كاهن الرعية وراهبات الأم تريزا مع 28 من المعاقين وتوفير 100 سلة غذائية للعائلات المحيطة بالدير في حي الزيتون الذي يتعرض مراراً وتكراراً للقصف.

-, كما أننا أطلقنا نداءً عاجلاً للاغاثة عن طريق منظمة كاريتاس الدولية لكافة الشركاء والأصدقاء في العالم لتوفير مبلغ كبير لكي نتمكن من التدخل العاجل مباشرة بعد الحرب لمساعدة حوالي 3000 عائلة في مجال الغذاء والدواء وتوفير السولار والادوية لبعض المراكز الطبية من ضمنها عيادتنا.

-, كما أننا نسعى الآن لتوفير كمية كبيرة من الادوية الضرورية لتوزيعها في المناطق التي نعمل بها وخاصة المناطق الست التي تعمل فيها عيادتنا المتنقلة حيث نرجو أن نقوم أيضا بالخدمة النفسية والاجتماعية للعائلات المتضررة من العدوان وخاصة النساء والاطفال.

-, وأهم شيء بالنسبة لنا أننا أسمعنا صوتنا عبر وسائل الاعلام الذين يتصلون بنا للاستعلام عن الاوضاع وقلنا "كلمة حق"، وبالخصوص في محفل الأمم المتحدة لحقوق الانسان اذ أننا ساهمنا في صياغة البيان الرسمي الذي ألقته ممثلة الكاريتاس الدولية في الاجتماعات التي عقدت يوم الاربعاء وقد ادخلنا اليه توصياتنا وملاحظتنا الجدية ليكون بمستوى الحدث.. ونعتقد بأن البيان الختامي كان مشرفاً اذ أنه تم اقرار ارسال لجنة مستقلة للتحقيق في ما يحدث في غزة.. وهذا انجاز كبير بحد ذاته.

من الجدير بالذكر أيضاً بأننا لسنا وحدنا في الميدان ولكن ننسق من شركاء لنا وخاصة المؤسسات الكاثوليكية العاملة في غزة ومنها البطريركية اللاتينية، والاغاثة الكاثوليكية والبعثة البابوية وغيرها غير الكاثوليكية وخاصة مؤسسة "دياكونيا" التابعة للكنائس السويدية التي وفرت لنا المساعدات الغذائية العاجلة.. فلهم منا كل الشكر.

كما أني أقدِّر عالياً هذه الوحدة والتلاحم والتضامن بين أبناء الشعب الواحد في غزة، اذ أن الكنائس فتحت ابوابها ومدارسها للنازحين وتقدم لهم الخدمة والمحبة لأننا اخوة وأهل وشركاء في الوطن والالم والجرح.. وقد فرحت كثيرا عندما رأيت في الصور كيف تعانق مأذنة الجامع جرسية كنيسة الروم الارثوذكس، وكيف أن المدرسة الارثوذكسية تأوي النازحين بمحاذاة الروضة التابعة للجامع وكيف تشكلت لجنة مشتركة للعناية بالجميع وتوزيع المساعات وتلبية الاحتياجات وقد صرح لي المطران اليكسوس "بأنهم يعملون معاً وكأنهم أخوة وعائلة واحدة".

نحن نعلم بأن من نقوم به هو نقطة لا بل قطرة في بحر آلام وهموم غزة واحتياجاتها الكثيرة، وأنه يجب أن نقوم بالمزيد وتتضافر جهود الجميع، ولكن هذه "قطرة أمل" مقابل قطرات الدماء والدموع التي سالت وتسيل في ميادين غزة.. ونأمل بنهاية عاجلة وسريعة لهذه الحرب، ورفعاً كاملاً للحصار، وفتحاً كليا للمعابر والحدود لكي يتنفس أهلنا في غزة الصعداء بعد كل هذه المعاناة، وكلنا ثقة بأن دماء الشهداء ومعاناة الجرحى ودموع الامهات والاطفال هي بذار الحرية والانتصار، كما قال شاعرنا الكبير محمود درويش "وسُنبلةُ قمحٍ تموتُ ستملأ الوادي سنابل".