موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢ يوليو / تموز ٢٠١٩
البطريرك ميشيل صبّاح: في القدس، في باب الخليل، ماذا يحدث؟

البطريرك ميشيل صبّاح :

استيلاء على أوقاف وتجارة وأموال. قال النبي أشعيا، وقال يسوع المسيح لتجّار الهيكل: إن بيت أبي بيت صلاة يدعى (أشعيا ٥٦: ٧؛ متى ٢١: ١٣).

القدس كلها هي أولا بيت صلاة، لا عقارات يُبدَّل أصحابها، ولا بيوت يُبدَّل أهلها، ولو بالمال وبحسب قانون البشر. القدس بيت صلاة، والصلاة لا تباع ولا تُشترَى. ولا أحد يُخرَجُ من بيته وماله. بحسب قانون الله، وقداسة القدس، قوانين تجارة البشر لاغية. ولهذا ستبقى كل الاعتداءات اعتداءات وسببَ حربٍ ودماء، مهما بررتها فوانين البشر.

اقتحامات الأقصى كذلك ليست صلاة، بل اعتداء على قداسة المسجد وعلى قداسة المدينة كلها. قال السيد المسيح: لا في أورشليم ولا في السامرة بل في كل مكان بالروح والحق تتم العبادة (راجع يوحنا ٤: ٢٢-٢٤). الصلاة ليست حربًا، ولا اقتحامًا. الصلاة وداعة وخشوع أمام الله جل جلاله. من صلَّى بدأ بالبحث عن الله وعن رؤية وجهه في خليقته، في كل إنسان، على أي دين كان، فاحترمه وأحبه ولم يخرجه لا من بيته ولا من عقاره ولو بالمال، ولا من مسجده.

القدس بحاجة إلى رؤية الله. هذه هي الصلاة فيها، وهذه هي التجارة الرابحة فيها. أما أموال البشر فهي مفسدة فيها وظلم الإنسان للإنسان.

تبديل أهل القدس، تبديل الناس في بيوتها، وتبديل ملكية عقاراتها، ولو أقرتها القوانين البشرية، كل ذلك إنما هو اعتداء على قداسة المدينة. ليس هكذا تكون الصلاة. يل هكذا تكون الحرب. والله لا يريد القدس مدينة حرب بل مدينة سلام. وهو سيد التاريخ هو نفسه جمعنا فيها ففيها نبقى، وفيها نخضع لتدبيره تعالى، وهو يدعونا فيها إلى احترام متبادل، وإلى ثبات جميعنا كل واحد في بيته وملكه ومسجده غير منازع.

الله في القدس يقول لكل أهل القدس: كما جمعْتُكم فيها تعلَّموا أن تقبلوا بعضكم بعضًا متساوين بالكرامة نفسها. قانون الحرب والأقوى لا يَصلُح للقدس. الحرب لن تبدّل طبيعة القدس. قد تدمّرها، قد تحرم بعض أهلها، قد تزيد الحقد في قلوب بعض أهلها، ولكنها لن تبدّل طبيعتها. بالحرب ستبقى القدس مدينة حرب إلى أن تعود إليها قداستها، وإلى أن يوقف القوي حربه، ويحل محلها عدل وسلام.